البابا فرنسيس: الصوم الحقيقي ينبع من القلب
“المسيحيون مدعوون، وخصوصًا في زمن الصوم، ليعيشوا بشكل صادق محبة الله والقريب” هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في عظته مترئسًا القداس الإلهي صباح اليوم الجمعة في كابلة بيت القديسة مرتا بالفاتيكان.
استهل الأب الأقدس عظته انطلاقًا من القراءة الأولى التي تقدمها لنا الليتورجية اليوم من سفر النبي أشعيا وقال لقد كان الشعب يتذمّر أمام الرب لأنه لم يصغ إلى صومهم، ولكن ينبغي أن نميّز بين “الشكلي” و”الحقيقي”، إذ أن الصوم بالنسبة للرب ليس فقط بمجرّد الانقطاع عن الأكل كما نقرأ في سفر أشعيا: “إنَّكم في يَومِ صَومِكم تَجِدونَ مَرامَكم وتُسَخِّرونَ جَميعَ عَمَلَتكم”، ولذلك نرى يسوع يوبّخ الفرّيسيين لأنهم يحافظون على الشريعة ويطبّقونها بشكل خارجيٍّ فقط.
تابع الحبر الأعظم يقول إن الصوم الذي يريده يسوع هو الصوم الذي “يحلُّ قُيودِ النِّفاق ويفكُّ رُبُطِ النِّير ويُطلق المَضغوطينَ أَحْرارًا، وَيكَسرِ كُلِّ نير، ويكسو العريان” هذا هو الصوم الحقيقي، الصوم الذي لا يكون خارجيًّا فقط بل ينبع من القلب أيضًا. وفي لوحيّ الوصايا نجد الوصايا تجاه الله والوصايا تجاه القريب وهذه الوصايا تسير معًا بشكل متوازٍ لا يمكنني أن أختار أن أطبق بعضها وأترك البعض الآخر، لأن محبة الله ومحبة القريب متّحدتان فلا يمكنك أن تتوب بشكل حقيقيّ ما لم تتب أمام الله والقريب.
أضاف الأب الأقدس يقول يمكن للإنسان أن يتحلى بإيمان كبير – كما يقول يعقوب الرسول – ولكن إذا كانت الأعمال ميتة فبماذا ينفع الإيمان؟ تمامًا كمن يذهب إلى القداس كل أحد ويتناول جسد الرب ولكنه يسيء معاملة موظّفيه. أو كمن يقدم مساعدات ماديّة للكنيسة ومن ثم يظلم الآخرين بتصرّفاته. إنها خطيئة عظيمة: استغلال الله لإخفاء الظلم. وهذا ما يريده النبي أشعيا أن يقوله لنا اليوم باسم الرب: المسيحي الصالح لا يظلم موظّفيه، والمسيحيّ الصالح يتخلّى عما هو ضروري له ليساعد الآخرين الأشدّ عوزًا. إن مسيرة الصوم هي مزدوجة، هي مسيرة نحو الله والقريب. لنسأل إذًا أنفسنا في هذا الصوم هل يجد مكانًا في قلبي من أخطأ أو من لا يعيش الوصايا؟ هل يجد المسجونون مكانًا في قلبي؟ هل أصلّي من أجلهم لكي يساعدهم الرب ليغيّروا مسيرة حياتهم؟ وختم البابا عظته بالقول: رافق يا رب مسيرتنا في هذا الصيام لكي يتطابق عيشنا الخارجي مع التجدد الروحي العميق. هذه هي صلاتنا. ليمنحنا الرب هذه النعمة!
الفاتيكان