stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

روحية ورعويةموضوعات

البابا فرنسيس : الله هو حليفنا الأمين

567views

نقلا عن الفاتيكان نيوز

13 مايو 2020

“الصلاة هي دفع وتوسّل يذهب أبعد من ذواتنا: شيء يولد من حميمية ذواتنا ويمتدّ لأنّه يشعر بحنين اللقاء” هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في تعليمه الأسبوعي

أجرى قداسة البابا فرنسيس صباح اليوم الأربعاء تعليمه الأسبوعي، وتحدث إلى المؤمنين عبر الشبكة من مكتبة القصر الرسولي بدلا من اللقاء التقليدي معهم في ساحة القديس بطرس، ويأتي هذا التغيير في إطار إجراءات وقائية أمام انتشار فيروس الكورونا، واستهل الأب الأقدس تعليمه بالقول نقوم اليوم بخطوة ثانية في مسيرة التعليم حول الصلاة التي بدأناها الأسبوع الماضي.

تابع البابا فرنسيس يقول إن الصلاة تنتمي للجميع: لرجال جميع الأديان وربما أيضًا للذين لا يتبعون أيّة ديانة. تولد الصلاة من عمق داخلنا، من ذلك المكان الداخلي الذي غالبًا ما يسمّيه الكُتاب الروحيين “قلب”. وبالتالي ما يصلّي فينا ليس شيئًا خارجيًّا ولا مهارة ثانوية أو هامشيّة نتمتّع بها، بل هي سرّنا الأكثر حميميّة. إن الأحاسيس تصلّي ولكن لا يمكننا أن نقول إن الصلاة هي مجرّد إحساس. الذكاء يصلّي لكن الصلاة ليست مجرّد عمل فكري. والجسد يصلّي ولكن يمكننا أن نتحدث مع الله حتى في أكبر حالات العجز. وبالتالي فإن صلّى القلب صلّى الإنسان بأسره.

أضاف الحبر الأعظم يقول الصلاة هي دفع وتوسّل يذهب أبعد من ذواتنا: شيء يولد من حميمية ذواتنا ويمتدّ لأنّه يشعر بحنين اللقاء. الصلاة هي صوت الـ “أنا” الذي يتقدّم متعثرًا ويبحث عن “آخر”. تولد صلاة المسيحي من إلهام: ذلك الـ “آخر” لم يبقى مغمورًا في السرّ بل دخل في علاقة معنا. المسيحية هي ديانة تحتفل باستمرار “بظهور” الله. إن الأعياد الأولى في السنة الليتورجية هي الاحتفال بهذا الإله الذي لا يبقى محجوبًا بل يقدّم صداقته للبشر. الله يُظهر مجده في فقر بيت لحم، وفي تأمّل المجوس وفي المعموديّة في الأردنّ، في آية عرس قانا. يختتم إنجيل يوحنا نشيد المقدّمة بتأكيد وجيز: ” إِنَّ اللهَ ما رآهُ أَحدٌ قطّ الابنُ الوَحيدُ الَّذي في حِضْنِ الآب هو الَّذي أَخبَرَ عَنه”.

تابع الأب الاقدس يقول إن صلاة المسيحي تدخل في علاقة مع إله ذي وجه حنون لا يريد أن يولّد أي خوف في البشر. هذه هي ميزة الصلاة الأولى. لقد اعتاد الناس على الاقتراب من الله بخجل وخوف من هذا السر المذهل والرهيب، وقد اعتادوا كذلك على تكريمه بموقف عُبوديّ، يشبه موقف العبد الذي لا يريد ان يقلّل من احترام سيّده؛ أما المسيحيون فيتوجّهون إليه ويتجرؤون على دعوته بشكل حميم باسم “أب”. لقد أزالت المسيحية كل صلة “إقطاعية” في العلاقة الله. لا توجد في إرث إيماننا عبارات كـ “خضوع” و”عبودية” و”تبعيّة”؛ وإنما كلمات كـ “عهد” و”صداقة” و”شركة”. وفي خطاب الوداع الطويل يقول يسوع لتلاميذه: “لا أَدعوكم خَدَماً بعدَ اليَوم لِأَنَّ الخادِمَ لا يَعلَمُ ما يَعمَلُ سَيِّدُه. فَقَد دَعَوتُكم أَحِبَّائي لأَنِّي أَطلَعتُكم على كُلِّ ما سَمِعتُه مِن أَبي. لم تَخْتاروني أَنتُم، بل أَنا اختَرتُكم وأَقمتُكُم لِتَذهَبوا فَتُثمِروا ويَبْقى ثَمَرُكم فيُعطِيَكُمُ الآبُ كُلَّ ما تَسأَلونَهُ بِاسمي”.

أضاف الأب الأقدس يقول الله هو الصديق والحليف والعريس، ويمكننا أن نقيم معه في الصلاة علاقة ثقة لدرجة أنّنا وفي صلاة “الأبانا” علّمنا يسوع أن نتوجّه إليه بسلسلة من الطلبات. يمكننا أن نطلب كل شيء من الله وأن نشرح له كل شيء ونخبره بكل شيء. لا يهم إن كنا نشعر في علاقتنا مع الله بأننا مُخطئين: لأننا لسنا أصدقاء صالحين ولسنا أبناء ممتنّين ولسنا أزواج أمناء، هو يحبنا على الدوام؛ وهذا ما يظهره يسوع في العشاء الأخير عندما يقول: “هذِه الكَأسُ هي العَهدُ الجَديدُ بِدمي الَّذي يُراقُ مِن أَجْلِكم”. بهذا التصرّف يستبق يسوع في العليّة سرّ الصليب. الله هو الحليف الأمين: إن توقف الناس عن محبّته هو يبقى ثابتًا في محبّته حتى وإن قاده الحب إلى الجلجلة.

وختم البابا فرنسيس تعليمه الأسبوعي بالقول لنحاول جميعًا أن نصلّي هكذا داخلين في سرّ العهد، فنضع أنفسنا بين ذراعي الله الرحيمتين ونشعر بأننا مغمورين من قبل سرّ السعادة التي هي الحياة الثالوثية ونشعر بأننا مدعوون لا يستحقون كل هذا الشرف، ونكرر لله في دهشة الصلاة: هل يُعقل أنّك تعرف الحب فقط؟ هذه هي النواة المتّقدة لكل صلاة مسيحية.