البابا فرنسيس: الله يغفر لي ولكنّه يطلب مني أن أغفر للآخرين أيضًا
“كي نطلب المغفرة من الله ينبغي علينا إتباع تعليم صلاة “الأبانا”: أي أن نتوب بصدق عن خطايانا عالمين أن الله يسامحنا على الدوام وأن نغفر للآخرين برحابة القلب عينها التي بها غُفر لنا” هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في عظته مترئسًا القداس الإلهي صباح اليوم الثلاثاء في كابلة بيت القديسة مرتا بالفاتيكان.
قال البابا فرنسيس: صحيح أن الله ضابط الكل لكن قدرته تقف أمام باب القلب المنغلق، أمام القلب الذي يرفض أن يغفر لمن جرحه. استهلّ الأب الأقدس عظته انطلاقًا من الإنجيل الذي تقدّمه لنا الليتورجية اليوم من القديس متى والذي يشرح فيه يسوع لبطرس بأنه ينبغي عليه أن يغفر لأخيه “سَبعينَ مَرَّةً سَبعَ مَرَّات”، ليؤكّد له بعدها من خلال مثل المَلِكٍ الذي أَرادَ أَن يُحاسِبَ عبيدَه بأن مغفرة الله لنا ومغفرتنا للآخرين مرتبطتان فيما بينهما ارتباطًا وثيقًا.
تابع الحبر الأعظم يقول كل شيء يبدأ انطلاقًا من الأسلوب الذي نَمثُل به أولاً أمام الله لنسأله المغفرة، مقدِّمًا المثال الذي تعطينا إياه القراءة الأولى التي تقدمها لنا الليتورجية اليوم من سفر دانيال والتي نقرأ فيها عن النبي عزريا الذي يتوسّل رأفة الله ورحمته من أجل خطيئة شعبه المتألِّم والذي ترك شريعة الرب. وأشار البابا إلى أن عزريا لم يعترض ولم يتذمّر أمام الله بسبب الآلام التي يُقاسيها الشعب بل اعترف بخطايا شعبه وتاب. وأضاف الأب الأقدس يقول إن طلب المغفرة يختلف عن الاعتذار، والخطأ هو غير الخطيئة إنهما أمران مختلفان! الخطيئة ليست مجرّد هفوة، الخطيئة هي نوع من عبادة الأصنام: صنم الكبرياء والتعجرف، صنم المال والرفاهية، صنم الأنا… هناك العديد من الأصنام. ولذلك طلب النبي عزريا المغفرة!
أضاف الأب الأقدس يقول إن المغفرة تُطلب بصدق من القلب، كما ويجب أن تُمنح أيضًا من القلب لمن خطئ إلينا. تمامًا كالمغفرة التي حدثنا عنها يسوع في المثل اليوم، أي كالملك الذي أشفق على عبده فأطلقه وأعفاه من دينه الكبير، وليس كالعبد الذي لم يُشفق على صاحبه بل أَلقاه في السِّجن، إِلى أَن يُؤَدِّيَ دَيْنَه الزهيد. فديناميكية المغفرة – أكّد البابا فرنسيس – هي تلك التي علّمنا إياها يسوع المسيح نفسه في صلاة “الأبانا”. فيسوع يعلمنا أن نصلّي هكذا: “إغفر لنا خطايانا كما نحن نغفر لمن خطئ إلينا” فإن لم يكن باستطاعتي أن أغفر لا يمكنني أن أطلب المغفرة. قد يقول لي أحدكم: “ولكن يا أبتي أنا أتقدّم من سرّ الاعتراف…” وماذا تفعل قبل تقدّمك من الاعتراف؟ – أفكر بما فعلته من شرّ ومن ثمّ أطلب المغفرة من الرب وأعده بألا أعود وأكرّر أفعالي هذه… – جيّد جدًّا ولكن هناك أمرٌ ينقصك قبل أن تذهب إلى الكاهن: هل سامحت الذين سببوا لك الأذى والشرّ؟
تابع البابا فرنسيس يقول إن المغفرة التي يمنحك الله إياها تتطلب مغفرتك للآخرين. هذا هو تعليم يسوع حول المغفرة: الأول إن طلب المغفرة ليس مُجرّد اعتذار بسيط بل هو إدراك ويقين منا بخطيئتنا وبـ “عبادة الأصنام” العديدة التي فعلناها؛ وثانيًا الله يغفر لنا على الدوام ولكنه يطلب منّي أن أغفر بدوري. إن لم أغفر للآخرين فأنا بطريقة ما أُغلق باب قلبي على مغفرة الله لي، وهذا ما يعلمنا إياه يسوع: “إغفر لنا خطايانا كما نحن نغفر لمن خطئ إلينا!”.
الفاتيكان