البابا فرنسيس: ما أجمل أن نعلن للجميع محبة الله التي تُخلّص وتعطي معنى لحياتنا
التقى قداسة البابا فرنسيس عصر أمس الخميس أعضاء حركة “Cursillos de Cristiandad” في قاعة بولس السادس بالفاتيكان وللمناسبة وجّه الأب الأقدس كلمة رحّب بها بضيوفه وقال أنتم مدعوون لتُثمروا المواهب التي أوكلها الرب إليكم والتي هي في أصل حركتكم التي من بين مؤسسيها يبرز إدواردو بونين آغويلو وأسقف مايوركا في تلك الفترة خوان هيرفاس أي بينيت الذي عرف أن يرافق الحركة باهتمام أبوي. خلال السنوات الأربعين من القرن الماضي، تنبه هؤلاء، بالإضافة إلى شباب علمانيين آخرين إلى ضرورة بلوغ أترابهم إذ رأوا رغبة المحبة والحقيقة الحاضرة في قلوبهم. لقد كان رواد حركتكم هؤلاء مرسلين حقيقيّين: لم يترددوا في المبادرة واقتربوا بشجاعة من الأشخاص وأدخلوهم بمودّة في مسيرة الإيمان ورافقوهم بمحبة واحترام. وبإتباع مَثلِهم يمكنكم اليوم أنتم أيضًا أن تعلنوا البشرى السارة لمحبة الله وتقتربوا من الأصدقاء والمعارف ورفاق الدراسة والعمل ليختبروا بدورهم شخصيًّا محبة المسيح اللامتناهية التي تحرر وتحوّل الحياة. ما أحوجنا للخروج والانطلاق بلا كلل لنلتقي بالبعيدين!
تابع الأب الأقدس يقول: لمساعدة الآخرين لينموا في الإيمان ويقوموا بمسيرة اقتراب من الرب ينبغي علينا أن نختبر نحن أولاً صلاح الله وحنانه. في الواقع عندما نختبر محبة الآب الرحوم تجاهنا تحركنا عندها الرغبة لنقدّم بدورنا الرحمة للآخرين. الرب يريد أن يلتقي بنا ويقيم معنا ويكون صديقنا وأخانا ومعلمنا الذي يُظهر لنا الدرب الذي ينبغي علينا اتخاذه للبلوغ إلى السعادة. وهو لا يطلب منا أبدًا شيئًا بالمقابل بل يطلب منا فقط أن نقبله لأن محبة الله مجانيّة وعطية صرفة. إن اللقاء مع المسيح ومع رحمة الآب التي يعطينا إياها هو ممكن قبل كل شيء في الأسرار لاسيما في سريّ الافخارستيا والمصالحة. ففي الذبيحة الإلهية نحن نحتفل بذكرى تضحيته: و هو لا يزال اليوم أيضًا يعطينا جسده حقًّا ويسكب دمه ليفتدي البشريّة. وفي التوبة يقبلنا يسوع مع كل محدوديّتنا وخطايانا ليعطينا قلبًا جديدًا قادرًا على أن يُحبَّ على مثاله، هو الذي أحب خاصته حتى بلغ به الحب لهم إلى أقصى الحدود (يوحنا 13، 1). هناك أيضًا طريقة أخرى وهي التأمل بكلمة الله والتي يمكننا من خلالها أن نصغي إلى الرب الذي يدلّنا على الدرب الذي ينبغي علينا أن نتخذه ويشجّعنا إزاء الشكوك والصعوبات التي نواجهها في الحياة. وأخيرًا نلتقي بمحبة يسوع في الكنيسة التي تشهد في مختلف نشاطاتها لمحبة الله.
أضاف الحبر الأعظم يقول إن أسلوب حركتكم في حمل البشارة يولد من الرغبة المتقدة لبناء صداقة مع الله تنبع منها الصداقة مع الإخوة. إذ أنه داخل علاقات صداقة حقيقية فقط يمكن تحضير الأشخاص ومرافقتهم في مسيرتهم، تلك المسيرة التي تبدأ بالتوبة لتمرِّ عبر اكتشاف جمال الحياة المعاشة بنعمة الله وتبلغ الفرح في أن يصبح المرء تلميذًا في الحياة اليومية. وهكذا ومنذ ذلك الوقت تمّت مساعدة آلاف الأشخاص في العالم بأسره لينموا في حياة إيمان. وأضاف البابا يقول من الأهمية بمكان أن تقترن لقاءاتكم في المجموعات الصغيرة بأوقات تُعزز الانفتاح على بُعد اجتماعي وكنسي أكبر لتشملوا أيضًا الذين قد تعرفوا على موهبتكم ولكنهم لا يشاركون بانتظام في مجموعة معيّنة. فالكنيسة في الواقع هي “أم قلبها مفتوح” تدعونا أحيانًا “لنُبطئ سيرنا” ونضع الاضطراب والخوف جانبًا لننظر إلى أعين الأشخاص ونصغي إليهم، ونتخلى عن الأمور المستعجلة لنرافق من بقي على هامش الطريق” (الإرشاد الرسولي فرح الإنجيل، عدد 46).
وختم البابا كلمته بالقول أُشجّعكم على الانطلاق والذهاب أبعد بالأمانة لموهبتكم والحفاظ على حماسكم حيًّا أي على نار الروح القدس الذي يدفع تلاميذ المسيح على الدوام لكي يصلوا إلى بعيد، إلى “الخروج من راحتهم والتحلّي بالشجاعة لبلوغ جميع الضواحي التي تحتاج إلى نور الإنجيل” (الإرشاد الرسولي فرح الإنجيل، عدد 20). ما أجمل أن نعلن للجميع محبة الله التي تخلّص وتعطي معنى لحياتنا! وما أجمل أن نساعد رجال ونساء اليوم على اكتشاف جمال الإيمان وحياة النعمة التي يمكن عيشها داخل الكنيسة أمّنا! وهذا ما ستحققونه إن كنتم طائعين، بتواضع وثقة، لإرشادات هذه الأم القديسة التي تبحث دائمًا عن خير جميع أبنائها؛ وإن كنتم في تناغم مع رعاتكم ومتّحدين معهم في رسالة حمل فرح الإنجيل للجميع!
الفاتيكان