stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

البابا والكنيسة في العالم

البابا فرنسيس يقول إن استغلال الآخرين هو ضرب من الاتجار بالبشر والخيانة على غرار يهوذا

699views

نقلا عن الفاتيكان نيوز

8 أبريل 2020

خلال احتفاله بالقداس الصباحي المعتاد في كابلة بيت القديسة مارتا بدولة حاضرة الفاتيكان سأل البابا فرنسيس صباح الأربعاء الرب أن يلامس قلوب من يسعون إلى الإفادة من الأشخاص المحتاجين في خضم هذه الأزمة الصحية التي يشهدها العالم، وتوقف في عظته عند خيانة يهوذا للرب يسوع، مشيرا إلى وجود أشخاص لا يترددون في بيع الآخر، بما في ذلك أحباؤهم، بغية تحقيق أرباح مادية.

قال البابا فرنسيس في عظته إنه يصلي على نية الأشخاص الذين يتاجرون بالمحتاجين في هذا الظرف الصعب الذي نعيشه بسبب تفشي فيروس كورونا، لافتا إلى أن هؤلاء يحاولون الإفادة من عوز الآخرين، كمن يمارسون الربا، والمافيويين وغيرهم وقال إنه يطلب من الله أن يلمس قلوبهم كي ترتد. ولفت البابا إلى أن يوم الأربعاء من أسبوع الآلام هو أيضا “يوم الخيانة” إذ إن الكنيسة تتذكر فيه خيانة يهوذا للرب يسوع، وكيف أقدم على بيع معلمه.

أضاف البابا فرنسيس أنه عندما نفكر ببيع الناس يأتي إلى ذهننا الاتجار بالعبيد في أفريقيا وكيف نُقلوا ليُباعوا في أمريكا، أو الاتجار بالفتيات الأيزيديات على يد تنظيم داعش. لكن الاتجار بالناس يحمل بعداً آخر، ويُمارَس يوميا. فثمة أشخاص اليوم كيهوذا يبيعون أخوة وأخوات لهم، يستغلونهم في سوق العمل، لا يسددون لهم مستحقاتهم، ولا يقومون بواجباتهم. وهذا الأمر ينطبق أيضا على أقرب المقربين منهم، مثلا عندما يُرسل أحد ما والدَيه المسنَّين إلى دار للعجزة ولا يزورهما إطلاقاً.

هذا ثم أكد البابا أن الاتجار بالبشر يحصل اليوم كما حصل في القدم، مذكرا بكلمات الرب يسوع الذي قال إن الإنسان لا يستطيع أن يخدم الله والمال، لا يستطيع أن يكون له سيدان. فإما يخدم المرء الله، أو يخدم المال ويصبح له عبدا. وحذّر فرنسيس من وجود أشخاص يدّعون أنهم يخدمون الله لكنهم في الواقع يخدمون المال، إنهم من يستغلون الآخرين، مع أنهم يبدون في مظهر لائق. إنهم يتاجرون بكل شيء حتى بالبشر لأن استغلال الناس هو ضرب من الاتجار بالبشر.

وأشار فرنسيس إلى أن يهوذا مات لكنه ترك وراءه تلامذة وهم في الواقع تلامذةُ إبليس. وأضاف أن هذا الرجل عاش ربما حياة عادية، كان شاباً طبيعياً. ودعاه الرب ليكون تلميذا له. كان رجلا ضعيفاً لكن الرب أحبه. مع ذلك يقول لنا الإنجيل إنه كان يحب المال. ففي بيت أليعازر، عندما مسحت مريم قدمَي يسوع بالعطر النفيس اقترح يهوذا أن يباع ويعطى ثمنُه للفقراء. ويقول القديس يوحنا البشير إن يهوذا قال ذلك لا لحرصه على الفقراء بل لأنه كان لصاً. وأكد البابا أن حبّ يهوذا للمال حمله على السرقة، كما أن الانتقال من السرقة إلى الخيانة لا يتطلب سوى لحظة. لأن من يحب المال يخون الآخرين كي يحصل على المزيد من المال ويحقق المزيد من الأرباح. فقد ذهب يهوذا إلى رؤساء الكهنة واقترح عليهم أن يسلمهم يسوع مقابل مبلغ من المال.

بعدها ذكّر البابا فرنسيس بأن يسوع لم يصف يهوذا بـ”الخائن” على الرغم من فعلته. بل قال له “يا صديقي” عندما قبّله في بستان الزيتون. وأضاف فرنسيس أن إبليس دخل في يهوذا كما يروي الإنجيل وكان هو من حمله على خيانة يسوع وتسليمه. وماذا حصل في نهاية المطاف؟ تبيّن أن وعود إبليس لا تقود إلى أي أمر إيجابي. لا يمكن أن نثق به. إن إبليس يعد الإنسان بكل شيء، ويُريه كل شيء وفي نهاية المطاف يتركه فريسةً ليأسه فيُقدم على الانتحار ويشنق نفسه!

مضى البابا إلى القول إن قلب يهوذا كان قلقا ومعذّبا بالجشح وفي الوقت نفسه كان مثقلا بالمحبة حيال يسوع، مع أن هذه المحبة لم تتحقق. لقد مرّ يهوذا في مرحلة ضبابية بعد فعلته، وعاد إلى رؤساء الكهنة مقراً بخطأه وطالباً المغفرة، لكنهم أجابوه بالقول “ما لنا ولك. هذا شأنك”. هذه هي في الواقع الكلمات التي يتفوه بها إبليس ويتركنا فريسة ليأسنا.

في ختام عظته محتفلا بالقداس الصباحي في كابلة بيت القديسة مارتا بالفاتيكان قال البابا فرنسيس إن فكره يتجه اليوم إلى العديد من الأشخاص في هذا العالم أمثال يهوذا الذين يستغلون الآخرين. وأضاف: لنفكر أيضا بيهوذا الصغير الموجود داخل كل واحد منا، لدى اتخاذ القرارات ولحظة الاختيار بين الوفاء والمصلحة. إن كل واحد منا قادر على خيانة الآخرين، قادر على بيع الناس واختيار ما يناسبه ويصب في مصلحته. أمام كل واحد منا فرصة السعي وراء حب المال والخيور المادية والرخاء في المستقبل. وختم البابا فرنسيس قائلا: أود أن أطرح سؤالا على كل واحد منا: “أين أنت يا يهوذا؟ أين أنت يا يهوذا الصغير الموجود بداخلنا؟”.