stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

البابا والكنيسة في العالم

البابا : لنسمح ليسوع بأن يدخل قلوبنا، ولنمدّ يدنا لمن يحتاج إليها فيولد هكذا من جديد فينا وبيننا

322views

8 ديسمبر 2020

زينت

كتبت ريتا عاطف من المكتب الإعلامي الكاثوليكي بمصر

يقدّم لنا إنجيل هذا الأحد (مر 1، 1- 8) شخصيّة يوحنا المعمدان وعمله. فهو قد دلّ معاصريه على مسيرة إيمان تشبه المسيرة التي يقترحها علينا زمن المجيء ونحن نستعدّ لاستقبال الربّ في عيد الميلاد. إن هذه المسيرة الإيمانيّة هي مسيرة ارتداد. ماذا تعني كلمة “ارتداد”؟ في الكتاب المقدّس، تعني قبل كلّ شيء تغيير الاتّجاه والتوجّه. وبالتالي تغيير طريقة التفكير. في الحياة الخُلُقيّة والروحيّة، يعني الارتداد أن ننتقل من الشرّ إلى الخير، ومن الخطيئة إلى محبّة الله. وهذا ما علّمه يوحنا المعمدان، الذي نادى في برّية اليهودية “بِمَعمودِيَّةِ تَوبَةٍ لِغُفرانِ الخَطايا” (آية 4). كان قبول المعموديّة علامة خارجيّة ومرئية على ارتداد الذين أصغوا لوعظه وقرّروا أن يتوبوا. وكانت تلك المعمودية تُمنَح بالتغطيس في نهر الأردن، في الماء، ولكنها كانت دون جدوى، كانت علامة ولكنها كانت دون جدوى ما لم يكن هناك استعداد للتوبة ولتغيير الحياة.

إن الارتداد يتضمّن الألم بسبب الخطايا المرتكبة، والرغبة في التحرّر منها، والعزم على استبعادها إلى الأبد من حياتنا. ولكي نستبعد الخطيئة، علينا أيضًا أن نرفض كلّ ما يتعلّق بها، الأمور التي تتعلّق بالخطيئة والتي يجب أن نرفضها: العقلية الدنيوية، والإفراط في تقدير وسائل الراحة، والإفراط في تقدير الملذّات، والرفاهية، والغِنى. وإنجيل اليوم هو الذي يعطينا مجدّدًا مثالًا لهذا التجرّد في شخصيّة المعمدان: فهو رجل زاهد، يتخلّى عمّا ليس بضروريّ ويسعى إلى ما هو جوهريّ. هذا هو الجانب الأوّل من الارتداد: الابتعاد عن الخطيئة والعقليّة الدنيويّة؛ بدء مسيرة ابتعاد عن هذه الأمور.

الجانب الآخر من الارتداد هو غاية المسيرة، أي طلب الله وملكوته. الابتعاد عن الأمور الدنيوية وطلب الله وملكوته. فالابتعاد عن وسائل الراحة والعقليّة الدنيوية ليس غاية في حدّ ذاته، ليس زهدًا من أجل التوبة وحسب: المسيحيّ لا يتظاهر بالفقر. بل الأمر يختلف. ليس غايةً بحدّ ذاته، بل يهدف إلى تحقيق شيء أعظم، ألا وهو ملكوت الله والشركة مع الله والصداقة مع الله. لكن هذا ليس بالأمر السهل، لأن هناك العديد من الروابط التي تقرّبنا من الخطيئة، والأمر ليس بالسهل… فالتجربة تشدّنا نحو الأسفل، تشدّنا نحو الأسفل، كذلك الأمر مع الأمور التي تقرّبنا من الخطيئة: عدم الثبات والإحباط والخبث والأوساط الضارّة والأمثلة السيّئة. وأحيانًا يكون الاندفاع الذي نشعر به تجاه الربّ ضعيفًا جدًّا ويبدو الله صامتًا؛ وتبدو وعوده لنا بالتعزية بعيدة وغير واقعية، مثل صورة الراعي المحبّ والغيور التي تعود اليوم في قراءة أشعيا (را. أش 40، 1. 11). وقد نقول بالتالي إنه من المستحيل الارتداد حقًا. كم من مرّة سمعنا هذا المنطق المحبط! “لا، ليس باستطاعتي. ما إن أبدأ حتى أتراجع”. وهذا أمر سيّء. لكن الأمر ممكن، ممكن! عندما تراودك هذه الأفكار المحبطة، لا تقف مكتوف الأيدي، فهذا يشبه الرمال المتحرّكة، يشبه الرمال المتحرّكة: الرمال المتحرّكة لحياة رديئة. ماذا يمكننا أن نصنع في هذه الحالات، عندما نريد أن نمضي قدمًا ولكننا نشعر بعدم إمكاننا على ذلك؟ أن نتذكّر أوّلًا أن الارتداد هو نعمة: لا أحد يستطيع أن يرتدّ بقوّته الخاصّة. بل إنها نعمة يمنحها الربّ، لذا علينا أن نطلبها من الله بقوّة، نطلب من الله أن يهدينا، أن نقدر على الارتداد، بقدر ما ننفتح على جمال الله وصلاحه وحنانه. فكّروا في حنان الله. فالله ليس أبًا سيّئًا، أو شرّيرًا، كلّا. إنه حنون، يحبّنا للغاية، على غرار الراعي الصالح، الذي يبحث عن آخر خروف ضال. إنه محبّة، والارتداد هو نعمة من الله. قُم وابدأ بالسير لأنّه هو الذي يدفعك إلى السير، وسوف ترى كيف أنه يأتي. صلّ، وسِر وسوف تتقدّم على الدوام.

لتساعدنا مريم الكلّية القداسة -التي سنحتفل بعد غد بعيد الحبل بها بلا دنس-، حتى نبتعد أكثر فأكثر عن الخطيئة والعقليّة الدنيويّة، وننفتح على لله وكلمته ومحبّته التي تجدّد وتخلّص.