الدفاع عن الحياة يعني العناية بها وبكل جوانبها منذ الحبل حتى الموت الطبيعي
2 فبراير 2019
خلال استقباله اليوم أعضاء مجلس إدارة الحركة الإيطالية من أجل الحياة شدد الأب الأقدس على قيمة الحياة وضرورة العناية بها، كما أشار إلى احتفال الأبرشيات الإيطالية غدا الأحد باليوم الوطني الـ 41 من أجل الحياة.
استقبل قداسة البابا فرنسيس ظهر اليوم السبت في القصر الرسولي أعضاء مجلس إدارة الحركة الإيطالية من أجل الحياة. وأعرب قداسته في بداية حديثه عن السعادة للقائهم كما شكر رئيس الحركة على كلمته التي ذكّر فيها برسالة الحركة من أجل الحياة وأيضا بأهمية اليوم الوطني للحياة الذي تحتفل به أبرشيات إيطاليا كافة غدا الأحد 3 شباط فبراير. وتوقف الحبر الأعظم عند هذا اليوم مذكرا بانطلاقه 41 سنة مضت بمبادرة لمجلس أساقفة إيطاليا، وذلك لتسليط الضوء كل سنة على القيمة الأساسية للحياة البشرية وواجب الدفاع عنها منذ الحبل بها وحتى نهايتها الطبيعية. وأراد الحبر الأعظم التشديد هنا على ما وصفه بتمهيد عام، فقال إن العناية بالحياة تستدعي القيام بذلك طوال الحياة حتى نهايتها، والانتباه إلى ظروف الحياة المختلفة، الصحة والتربية وفرص العمل وغيرها، أي كل ما يمَكن الشخص من العيش بشكل كريم. ولهذا، واصل الأب الأقدس، لا يتم الدفاع عن الحياة بأسلوب واحد فقط أو بفعل بمفرده، بل من خلال أفعال ومبادرات متعددة، ولا يتعلق هذا العمل بأشخاص بعينهم أو تخصصات محددة، بل يشمل كل مواطن والتشابك المركَّب للعلاقات الاجتماعية. وقال البابا فرنسيس إن الحركة الإيطالية من أجل الحياة، وانطلاقا من وعيها بهذا الأمر، تتواجد على صعيد الأراضي الإيطالية بالكامل من خلال مراكز وخدمات مساعدة الحياة ودور الاستضافة وأيضا عبر مبادراتها الكثيرة، وتعمل منذ 43 سنة كي تكون خميرة من أجل نشر أسلوب وتطبيقات استقبال واحترام الحياة في المجتمع بكامله. وشدد قداسته هنا على ضرورة أن يكون المجتمع دائما حارسا أمينا على الحياة، لأن الحياة هي المستقبل، وذلك في إشارة إلى اختيار أساقفة إيطاليا موضوع الاحتفال باليوم الـ 41 للحياة هذا الأحد، “إنها الحياة، إنها المستقبل”.
تحدث الأب الأقدس بعد ذلك عن الاستقبال الذي يُعتبر محور الدفاع عن الحياة، حيث تستقبل الأم في بطنها الحياة وتحميها، وأعرب في هذا السياق عن تقديره لموضوع مسابقة أوروبية مقترحة على المدارس ألا وهو “إنني أعتني بك، مثال الأمومة”، حيث يشكل هذا الاختيار دعوة إلى النظر إلى الحبل والولادة لا كأفعال ميكانيكية أو فيزيائية، بل في إطار العلاقة والشركة التي تجمع الأم بطفلها.
وفي عودة إلى موضوع الاحتفال بيوم الحياة في الأبرشيات الإيطالية هذه السنة “إنها الحياة، إنه المستقبل”، قال البابا إن هذا الاختيار يذكِّرنا بما جاء في سفر اشعيا “هاءنذا آتي بالجديد. وقد نبت الآن أفلا تعرفونه” (اش 43، 19)، أي كلمات الله التي تعكس قلبه الشاب وخلقه في كل مرة جمالا غير منتظَر. وواصل الأب الأقدس إن سؤال الله هذا يريد أن يهزنا من جمودنا الذي يجعلنا لا نرى العجائب التي تحدث أمامنا، بل ونعتبر هذا فعلا نقوم به نحن وصولا إلى أن نمنح أنفسنا الحق في التصرف فيه كما يحلو لنا. وواصل البابا إن الإنهاء الاختياري للحياة هو دائما خيانة لدعوتنا وللتحالف الذي يجمع بين الأجيال والذي يسمح بالنظر إلى الأمام برجاء، فحيثما توجد حياة يوجد الرجاء، أما حين ننتهك ولادة الحياة فلا يبقى هناك ذلك الاستقبال الشاكر والمندهش بهذه العطية، بل تتحول الحياة إلى سلعة استهلاكية نستخدمها ونلقي بها. ووصف الأب الأقدس بالمأساوية هذه الرؤية المنتشرة والمتجذرة مع الأسف بل وتُقدَّم على أنها حق إنساني، رؤية تتسبب في الكثير من الآلام لأكثر الأشخاص ضعفا من بين أخوتنا. إلا أننا لا نستسلم أبدا، قال الحبر الأعظم، بل نواصل العمل مدركين محدوديتنا، ولكن أيضا قوة الله. وتابع البابا متحدثا عن كون وجود شباب كثيرين بين أعضاء الحركة من أجل الحياة علامة عزاء، وشكر الشبان المشاركين في اللقاء مؤكدا كونهم موردا للحركة وللكنيسة وللمجتمع.
وجه البابا فرنسيس بعد ذلك الشكر إلى الحركة من أجل الحياة على التصاقها المعلَن والمطبَّق منذ البداية بالإيمان والكنيسة، ما يجعل أعضاءها شهودا للرب يسوع يتحلون بالشجاعة. كما وأراد تحية الحركة على العلمانية التي تعمل من خلالها، علمانية تقوم على حقيقة كنز الحياة الذي هو قيمة إنسانية ومدنية يجب الاعتراف بها من قِبل ذوي الإرادة الطيبة جميعا من أي دين أو يمان. وواصل الأب الأقدس مشيرا إلى أن الحركة بعملها الثقافي قد شهدت على كون مَن يتم الحبل بهم هم أبناء المجتمع بكامله، وأن قتلهم بأعداد كبيرة بموافقة الدول هو مشكلة خطيرة تهدد أسس بناء العدالة، وتعيق الحل الصحيح لأية قضية إنسانية أو اجتماعية أخرى.
هذا وأراد البابا فرنسيس لمناسبة الاحتفال باليوم من أجل الحياة غدا الأحد توجيه نداء إلى رجال السياسية جميعا وبغض النظر عن إيمانهم، أن يضعوا كحجر أول للخير العام الدفاع عن حياة مَن يُنتظر أن يولدوا وأن يدخلوا المجتمع حاملين إليه الجديد، المستقبل، الرجاء. وواصل داعيا السياسيين إلى تفادي التأثر بالتطلع إلى النجاح الشخصي أو المصالح الفورية أو الخاصة فقط، بل إلى أن يتطلعوا دائنا إلى ما هو أبعد، وأن ينظروا بقلوبهم إلى الجميع.
وفي ختام كلمته إلى أعضاء مجلس إدارة الحركة الإيطالية من أجل الحياة، الذين استقبلهم ظهر اليوم السبت في القصر الرسولي، تضرع البابا فرنسيس كي يحمل يوم الحياة الذي يُحتفل به غدا نفحة هواء نقي، ويمَكن الجميع من التأمل والالتزام بسخاء في خدمة الحياة. ثم بارك ضيوفه طالبا منهم ألا ينسوا الصلاة من أجله.
نقلا عن الفاتيكان نيوز