الصليب والمجد – الأب وليم سيدهم
الصليب والمجد
منذ ألفين عامًا تقريبًا صرخ اليهود على الملأ في أورشليم أمام بيلاطس البنطي: أصلبه، أصلبه .. دمه علينا وعل أولادنا، هكذا استقبل البشر يسوع في أورشليم في مزود البقر لأنه لم يكن هناك مكان له في المدينة، وهكذا ودع البشر يسوع بالحكم عليه بالصلب بصفته مجرم.
ماذا فعل المخلص لكي يموت هذه الميتة الشنعاء؟ إنه أُرسل من السماء على الأرض لكي يصالح الله بالبشر ولكن أمام كل هذا الحب المجاني المطلق، وكل ما فعله من شفاء للجسد والنفس لكل سكان أورشليم والجليل لم يشفع له عند الجلادين العُميان أولاد بني صهيون، لقد كان يسوع بالنسبة لهم المرآة التي تعكس عهرهم وخياناتهم اليومية المستمرة لله، إنه كان المرآة التي تعكس يوميًا وبإستمرار خستهم ونذالتهم في معاملة بيت الله الذي جعلوه “مغارة لصوص”وإخوتهم البشر الذين استعبدوهم ظلمًا وعدوانًا باسم الله.
لقد كان الصلب هو آخر صيحة في عالم التعذيب والقتل في زمن الرومان منذ الفين عامًا، وحتى نتخيل حجم الجريمة فإن التاريخ يخبرنا بأن هيرودس الكبير كان قد حكم على أكثر من ثلاثة آلاف رجل بالصلب لأنهم اشتركوا في مؤامرة ضده وهو على فراش الموت، نتخيل ثلاثة آلاف نفس مسمّرة على الصليب في مسافة رصعت جبين أورشليم بالصراخ والعويل، ويقول المؤرخون أن الخوف والرعب الذي أدخله هيرودس الكبير على قلوب سكان أورشليم والقدس جعلهم يرتجفون حين سماع اسمه، والمشهد الكئيب الذي سبق مشهد المسيح المصلوب ومعه اللصين كان امتدادا كونيًا لنوعية الحياة على الآرض التي كان يعيشها الناس قبل موته وقيامته.
قيل في الكتاب «مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ عُلِّقَ عَلَى خَشَبَةٍ».” (غل 3: 13) وجاء المسيح وحوّل اللعنة إلى بركة، وحول البركة إلى مجد يضعه المؤمنون على صدرهم ويطوقون به أعناقهم. هذا هو عمل الله، تحويل الشر مهما كانت سطوته إلى خير وبركة.
لذلك يعلن المسيحيون في قانون الإيمان وعلى إمتداد الكون كله قائلين: “صلب عنا على عهد بيلاطس البنطي” نقول في صلوات البصخة: “نسجد لك ايها المسيح لأنك بصليبك خلصت العالم، له المجد إلى الأبد وننتظر مجيئك.