تحتفل كنيستنا القبطية الكاثوليكية اليوم الأحد 10 مارس 2019 بأحد الرفاع المقدس وتبدأ من غدا الاثنين مسيرة الصوم الاربعيني المقدس
وتستمر فترة الصوم إلى حوالي ستة أسابيع قبل عيد القيامة.
وترتب الكنيسة اناجيل آحاد الصوم الاربعيني
الاحد الاول : أحد التجربة والنصرة (مت 4: 1-11)
الاحد الثاني : أحد الابن الضال (لو 15: 11-32)
الاحد الثالث : أحد السامرية (يو4: 1-42)
الأحد الرابع : أحد المخلع (يو 5: 1- 18)
الأحد الخامس : أحد المولود أعمى أو أحد التناصير (يو9 : 1- الخ)
وتختتم الكنيسة مسيرة الصوم بجمعة ختام الصوم الاربعيني الذي تمنح فيه سر مسحة المرضى للمؤمنين وهو سر شفاء للجسد من الأمراض و من أسرار التوبة لشفاء النفس من الخطيئة بعد مسيرة الصلاة والتوبة والندامة في زمن الصوم
لتبدأ الكنيسة مسيرة أسبوع الآلام بعد احتفالها بأحد الشعانين ودخول المسيح اورشاليم
ومسيرة أسبوع الآلام ترتكز على الاحتفال بكلمة الله في العهدين القديم والجديد وتحقيق النبوات في شخص الرب يسوع مخلص البشرية وترتكز أيضا على التسبحة
لنصل إلى حدث الصليب في الجمعة العظيمة والحياة الجديدة بالقيامة
ان هدف الصوم الاربعيني المقدس هو الاستعداد لبهجة القيامةوالتمتع بقوتها في حياتنا اليومية
ويبقى السؤال المهم، كيف نسمع كلمة الرب، ونفهم معنى الصيام، وكيف نطبقه ونعيشه، لنتقرب منه، ولنجني فوائد الصيام المتعددة؟.
الصوم في المسيحية هو صوم روحي بوسائل مادية، مثل الانقطاع عن الطعام والشراب لمدة من الوقت، وتخصيص وقت للصلاة، وتوفير ما نصوم عنه وبعض المال للاخرين.
الصوم هو عبارة عن ممارسات استغفارية، واستدرار لرحمة الله أمام خطايانا البشرية، والكتاب المقدس حافل بالادلة على ذلك، انه نكران الذات، والتقرب من الله وسماع كلمته والعمل بمشيئته،وسماع وصاياه ووصايا الكنيسة والعمل بها، انه هبة من الله يمنحها لمؤمنيه ليدخلوا من خلالها الى بحر المحبة والتسامح والعطاء.
اذن مقومات الصوم الاربعيني هي الرجوع الى الله وطلب رحمته بكل لجاجة من خلال اعمال التوبة والصلاة والصدقة، وبالطبع هناك اعمال روحية ذات صلة بهذا المثلث وهي الاهتداء ،المصالحة الغفران، محبة القريب، والابتعاد عن الكراهية والحقد والانتقام، الصوم يعني طلب القوة الروحية الإيمانية للانتصارعلى قوة الشر والشيطان والخطيئة، كما يعني الخدمة والمهام الجليلة التي يكلفنا بها الرب، كما ان الصوم يعني الابتعاد عن الغضب والمشاحنة والكراهية، وعن محاكمة الاخرين وادانتهم، وكذلك نبذ اليأس والاحباط والتذمر، انه يعني باختصار التعبير عن الايمان والعمق الروحي والنمو في محبة الله.
الصوم المقبول من الله هو الصوم النابع من قلب المؤمن المسلم نفسه للرب، والخاضع لمشيئته، والممتلىء بالثمار الصالحة، والتصرفات المستقيمة، لان الله ينظر الى القلب وليس للمظهر، فإن كان الداخل أي قلب الإنسان مملوءا بنعمة المسيح، فان صومه يكون مقبولا، لذلك أضاف المسيح له المجد صفة أخرى هامة لهذا الصوم المقبول حينما قال “وأما أنت فمتى صمت فادهن رأسك واغسل وجهك. لكي لا تظهر للناس صائماً بل لأبيك الذي في الخفاء. فأبوك الذي يرى في الخفاء يجازيك علانيةً، ومن هنا نجد ان العلاقة في الصوم يجب ان تكون بيننا وبين الاّب وفي الخفاء وهو القادر على فحص القلوب والكلى والذي سيجازينا.
الصوم يقوم على النوايا والتكفير عن الذنوب وحرمان النفس من الملذات والتفكير بالفقراء وعمل الخير بالاضافة الى الصلاة والتقرب من الله اي ليس ان تصوم لتظهر للناس انك صائما، انه يقوم على الحرية، وكل انسان يدرك اهمية الصيام وفائدته الروحية، وبالتالي يختار برنامجا يناسبه، فيختار اوقاتا للصلاة، وانواعا معينة من الماكولات يحرم نفسه منها، ويلتزم باعمال الخير، وكل ذلك يجب ان يتم بترغيب ويسر وقناعة وايمان.
الصوم ليس هدفا بحد ذاته وانما وسيلة للوصول الى الهدف.
ما نصوم عنه ليس من حقنا فيما بعد وانما هو من حق الفقير.
الصوم كالطير لا يطير الا بجناحين الصلاة والصدقة.
الصوم الروحي مكمل للصوم الجسدي.
واخيرا فليكن طعامنا في زمن الصوم الاربعيني الكلمة التي تخرج من فم الله لانه ليس بالخبز وحده يحيا الانسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله، والعمل بمشيئته وهو القائل طعامي ان اعمل مشيئة الذي ارسلني، وان نلبي دعوته ونقبل بتوبة وايمان الى تناول جسدة وشرب دمه وهو القائل: ان جسدي ماكل حق وان دمي مشرب حق.
لنصم جميعا بفرح ونشاط، وبتهذيب للجسد والروح، وبيقظة وانتباه، وباحسان ورحمة، وبمحبة وسلام، وبمسامحة وغفران، ناظرين الى الرب يسوع المصلوب الذي طعناه بخطايانا، ومتحدين معه، ولنشبع انفسنا من معين حبه وحده الذي لا ينضب ابدا، وبذلك ننال جزاء صيامنا من قوة روحية ومحبة وسعادة وسلام ، اّمين