القديسان كريسانتو وداريا الشهيدان Santi Crisante e Daria- Martiri
25 أكتـوبـر
إعـداد الأب / وليـم عبـد المسيـح سعيـد – الفرنسيسكـاني
ولد كريسانتو فى مدينة الإسكندرية ، وكان من شرفائها ، فجاءإلى روما بجميع أهله وحصل على شرف وكرامة لدى الملك نومريانس . وتفرغ هناك للدراسة . وفى بعض الايام إذ كان يبحث بين صحف أبيه ، وقع بين يديه الكتاب المقدس ، فأخذ يقرأ فيه , وعند قراءته استنار عقله بنور الإيمان الإلهي . وايقن أن يسوع المسيح هو الإله الحق .
وكان فى روما إذ ذاك رجل شهير يقال له قربوفورس خبير بتفسير معاني الكتاب المقدس ، فقصده كريسانتو . وكان مستخفياً حينئذ فى إحدى الزوايا من هول الاضطهاد الثائر فى تلك الأيام على المسيحيين . فطلب إليه أن يشرح له شرحاً شافياً مستوفياً إيمان يسوع المسيح وإنجيله المقدس .
فاقبل قربوفورس وجعل يمكنه ويثبته فى الإيمان الإلهي . ثم عمده وعلمه تعاليم المسحية بحيث إنه بعد مرور سبعة أيام فقط صار يكرز وينادي بيسوع المسيح فى روما . فبلغ ذلك إلى مسامع أبيه . وداخله الخوف على ابنه من العذابات الصارمة التى كانت محتومة على المسيحيين إذ ذاك . فأمسكه ووضعه فى السجن عنده .
ثم جعل يتملقه ويلاطفه لكى يستميله إلى الوثنية . ثم اراد أن يزيل عفته وبكوريته لكي يتيسر له ذلك . فانقذه من السجن . وألبسه أفخر الحلل . وزين له مقصورة وزخرفها وجاءت لمجالسته عدة من النساء . فلما راى القديس ذلك رفع نظره إلى السماء وطلب العون من الله فناله .
ثم فكر ابوه فى أن يزوجه . فطلب له داريا إحدى الفتيات المخصصات للآلهة وكانت بديعة الجمال ، فتجهزت وتزينت وذهبت إليه يوماً وشرعت تلاطفه وتسحره بكلمات عذبة لطيفة لتجذبه إلى رفض المسيحية لكى يتزوج بها . غير أن الرب أمده بنعمته الإلهية فردعها ورفض طلبها وجذبها إلى اعتناق المسيحية . ثم اتفق كلاهما على أن يتزوجا بشرط أن يحفظا الطهارة والبتولية .
وبذلك نجا كريسانتو من السجن . فتعمدت داريا سراً وتزوجا ولبثا على الدوام فى البتولية . ثم شرعا يجثان اصدقاءهما ومعارفهما على اعتناق المسيحية ويحرضانهم على حفظ البتولية . فلما سمع قلرينس والي مدينة روما بخبرهما . أحضرهما ليفحص عن أمرهما ويعاقبهما ان وجدهما مذنبين . واخيراً سحب كريسانتو إلى هيكل زحـل .
ثم جلده وضربه ضرباً قاسياً ، حتى انكشفت عظامه وأمعاؤه ، ثم حبس فى منزل مظلم وقد قيد بالأغلال فى يديه ورجليه وألقوا فى وجهه اشياء قذرة ، غير انه فك الأغلال وأحال الرائحة الكريهة إلى رائحة طيبة ذكية ، ثم وضعوه داخل جلد بقرة مسلوخة . وعرضوه للشمس طوال اليوم فلم تؤثر فيه . ثم أعيد إلى السجن مقيداً بقيود شديدة كثيرة . فتكسرت فى الحال .
واستنار السجن بنور سماوي ، ونجاه الله من عذابات اخرى بآيات باهرة حتى ان الحاكم إذ رأى ذلك اضطر ان يقر بحقيقة الديانة المسيحية وتمسك بها . وتبعه فى ذلك الجنود وتعمدوا جميعاً . ثم لما سمع الملك نومريانس بخبرهم امر بقتلهم . فمنهم من أغرق فى النهر ومنهم من ضرب عنقه . أما كريسانتو فالقى في السجن . وسحب داريا زوجته إلى مكان فظيع فارسل الله اسداً إلى داريا .
فوقف عند قدميها واخذ يزأر ويمنع الدنو منها فضلاً عن التعرض لها . وافترس من تجرأ على ذلك . وبذلك أمن كثيرون بالديانة المسيحية . وعذب الملك كريسانتو بأصناف العذاب فلم تؤثر فيه . فلما عجز الملك اخذهما إلى موضع خارج المدينة واعد لهما حفرة فألقاهما فيها وطمرهما بالتراب .
وبذلك ختم القديسان الجليلان جهادهما واكرمهما الله بكرامات كثيرة باهرة إذ نال الشفاء بشفاعتهما عدة من المرضى وحدث جهادهما فى الخامس والعشرين من شهرأكتوبر عام 284م .
فلتكن صلاتهما معنا .