القديسة جان أنتيد تورية Santa Giovanna Antida Thouret – Vergine
23 مايو
إعداد الأب / وليم عبد المسيح سعيد – الفرنسيسكاني
ولدت جان انتيد تورية في 27من نوفمبر عام 1765 بقرية (سانسيه) في فرنسا، وكان لها سبع من الأخوات، هى الخامسة في الترتيب، ومرضت والدتها، وساءت حالتها كثيرا، فعهدت بالطفلة الى خادمة لترعاها، ولكنها كانت طائشة فعرضت حياة الطفلة إلى الخطر أكثر من مرة.
– و لما ترعرعت الفتاة أخذت تقوم بخدمة والدتها ، وكانت أمها تلقنها مبادئ الدين و العبادة، حتى رسخ الإيمان في قلبها، و توفيت والدتها و هى في سن الخامسة عشرة من عمرها ، فعهد إليها والدها برعاية المنزل مع عمتها، و كانت عمتها شرسة الأخلاق.
– نمت بذرة الإيمان في قلب جان انتيد، و شعرت بنداء الرب لها لتصير راهبة، فطلبت من والدها بركته الأبوية قبل أن تغادر المنزل، و انطلقت إلى الدير نحو رهبنة المحبة التابعة للقديس فانسان دي بول في باريس عام 1787م.
وأمام جموع الأطفال والمرضى والفقراء. كانت تردد في قلبها ” سأكرس لهم ذاتي كليا وكانت تشعر بنداء قوى في أعماقها، فكانت تتفانى في خدمة الكل.
وقرب الاحتفال بارتدائها الزي الرهبانى، أصيبت بوعكة صحية شديدة، فنقلت إلى المستشفى، وبعد وقت قصير شفيت بنعمة الله، واقيم حفل ارتدائها الزي الرهباني في أكتوبر 1788م.
وفى عام 1789 قامت الثورة الفرنسية. وبقيامها دقت ساعة المصير لراهبات المحبة، ورغم ذلك فقد صمدن، وبقين في خدمة مستشفى (براى سوزسوم) أمام الثوريين الذين كانوا يرون في تصرفهن تحديا، على أن يتجرأن ويتجولن في المدينة.
– وفى عام 1795 خمدت الثورة، و لكن جان انتيد لم تكف يوما عن التفكير في الرب و نذر حياتها له، فانضمت إلى راهبات ينتمين إلى رهبنة العزلة و الخلوة المسيحية التى أسسها الأب ريسفور، و لكن سويسرا رفضت هذه الجمعية وطردتهم فاضطر الأب ريسفور الى ترك البلاد و اللجوء إلى بافاريا، و في ذلك الوقت كانت جان انتيد هى المسؤولة عن الاعتناء بالمرضى من الراهبات و الرهبان و معالجتهم ، وبعدها ذهبوا إلى النمسا و بعد مسيرة طويلة وشاقة بين البلاد، توقفت جان انتيد في اينزيدلن، و تقابلت مع كاهن، فقال لها : يا ابنتي أرى أن مشيئة الرب هى أن تعودي إلى فرنسا كإبنه للقديس منصور دي بول، و تبشرين الفقراء.
– في يوليو 1797 وصلت جان انتيد إلى لاندرون في سويسرا ، و هناك التقت مع كاهنين لاجئين من فرنسا هما شافواى و باكوف ، فقالا لها: ” الشبيبة المهملة تنتظرك في فرنسا إبدائي بمدرسة، و قومي بتكوين فتيات مثلك ، و سيكون الخير العميم على يديك، و سنرجع إلى فرنسا بعد عودة الهدوء النسبي إليها و عليك أن تعودي و تجمعين الفتيات و تعلميهن، و تؤسسين معهدا للشبيبة و لإعالة البائسين.
وعادت جان انتيد إلى سانسيه في عام 1797، ووضعت نفسها تحت تصرف الأهالي وخدمتهم وبسبب الثوار المتطرفين مكثت سنه كاملة عند أرملة في لاجرانج وعادت جان انتيد إلى مباشرة رسالتها، فاستأجرت حجرة في مارتليون بزنسون، وبدأت فيها بالتدريس للفتيات الصغيرات في 11 ابريل عام 1799، وفي غضون أيام قليلة اكتظت المدرسة بالطالبات، فاستأجرت منزلا أكبر، وعاشت جان انتيد مع الطالبات في المحبة والاحترام.
ولان المثل الحي انجح من الكلام، فسرعان ما تقدمت فتاة تدعى ناتيت (بون)، وعرضت على جان انتيد التطوع للخدمة، وتبعتها ثلاثة أخريات، وأصبحن كلهن قادرات على القيام بأنشطة أخرى لإعانة المعوزين والمرضى.
تمت المصالحة بين فرنسا والكنيسة في 16 / 7 / 1801 وساد الهدوء.
رأت جان انتيد انه من الضروري وضع قوانين للمعهد الذي أسسته، فذهبت إلى دير لراهبات في مدينة “دول” لتكون في عزلة وهدوء أكثر وطلب المحافظ الجديد من الراهبات الاهتمام بسجن بيفلو الخاص بالسجناء والسجينات السياسيين قائلا: “بعد أن عجزت السلطات المدنية عن إحراز أية نتيجة فان الراهبات قد ينجحن، بفضل ما يتحلين به من محبة وبساطة”. وفعلا ذهبن وحولن السجن إلى شعلة نشاط، ودب النظام فيه، وحرصن على النظافة، وساعدن السجناء على القيام بأعمال كثيرة مع تغيير إسلوب حياتهم والسعي نحو الفضيلة والصفاء. وفى هذه الأثناء ألغيت الإجراءات الثورية، فتمكنت الأخوات من ارتداء الثوب الرهباني.
– عقدت الرئيسات للمنظمات الخيرية في فرنسا اجتماعا بإشراف السيدة ليتتسيا والدة الإمبراطور نابليون، و التي عرضت على جان انتيد ان تعطى للمعهد اسم راهبات المحبة بيزنسون ، و في آخر المؤتمر تم توزيع أوسمة تذكارية بإشراف الوزير برتالس و كرمت جان انتيد بهذا الوسام كرئيسة لراهبات المحبة ، و ذلك تقديرا لمجهوداتها العظيمة، ثم طلبت الملكة ليتتسيا افتتاح فروع لأعمالها و مشاريعها الخيرية في ايطاليا فذهبت مع ثمانية من أخواتها إلى نابولي.
وبعد رحله طويلة من أداء الرسالة على أكمل وجه توفيت جان انتيد في 24 أغسطس عام 1826 وهي تبلغ من العمر واحدا وستين عاما.
وفي 14 يناير 1934، أعلن البابا بيوس الحادي عشر أن ” جان انتيد قديسة ” واليوم أصبحت راهبات المحبة