القراءات اليومية بحسب الطقس الماروني ” 5 ديسمبر – كانون الأول 2019 “
الخميس من أسبوع زيارة العذراء
الأنبا سابا المعترف (532)
رسالة القدّيس بولس إلى أهل أفسس 22-17:2
يا إِخوَتِي، لََمَّا جَاءَ المَسِيحُ بَشَّرَكُم بِالسَّلامِ أَنْتُمُ البَعِيدِين، وبَشَّرَ بالسَّلامِ القَرِيبين،
لأَنَّنَا بِهِ نِلْنَا نَحْنُ الاثْنَينِ في رُوحٍ وَاحِدٍ الوُصُولَ إِلى الآب.
إِذًا فَلَسْتُم بَعْدُ غُرَبَاءَ ولا نُزَلاء، بَلْ أَنْتُم أَهْلُ مَدِينَةِ القِدِّيسِينَ وأَهْلُ بَيْتِ الله،
بُنِيتُمْ على أَسَاسِ الرُّسُلِ والأَنْبِيَاء، والمَسِيحُ يَسُوعُ نَفْسُهُ هُوَ حَجَرُ الزَّاوِيَة.
فيهِ يَتَمَاسَكُ البِنَاءُ كُلُّه، فَيَرْتَفِعُ هَيْكَلاً مُقَدَّسًا في الرَّبّ،
وفيهِ أَنْتُم أَيْضًا تُبْنَونَ معًا مَسْكِنًا للهِ في الرُّوح.
إنجيل القدّيس يوحنّا 42-39:4
آمَنَ بِيَسُوعَ سَامِرِيُّونَ كَثِيرُونَ مِنْ أَهْلِ تِلْكَ المَدِينَة (سُوخار)، مِنْ أَجْلِ كَلامِ المَرْأَةِ (السامرية) الَّتِي كَانَتْ تَشْهَد: «إِنَّهُ قَالَ لِي كُلَّ مَا فَعَلْتُ».
فَلَمَّا جَاءَ السَّامِرِيُّونَ إِلَيْه، سَأَلُوهُ أَنْ يُقِيمَ عِنْدَهُم، فَأَقَامَ يَومَين.
وآمَنَ عَدَدٌ أَكْثَرُ مِنْ أَجْلِ كَلِمَتِهِ.
وكَانُوا يَقُولُونَ لِلْمَرْأَة: «مَا عُدْنَا مِنْ أَجْلِ كَلامِكِ نُؤْمِن، فَنَحْنُ قَدْ سَمِعْنَاه، ونَعْلَمُ أَنَّ هذَا هُوَ حَقًّا مُخَلِّصُ العَالَم».
التعليق الكتابي :
رسالة بطاركة الشرق الكاثوليك
“الحضور المسيحيّ في الشرق: شهادة ورسالة”، فصح 1992
« مَا عُدْنَا مِنْ أَجْلِ كَلامِكِ نُؤْمِن، فَنَحْنُ قَدْ سَمِعْنَاه، ونَعْلَمُ أَنَّ هذَا هُوَ حَقًّا مُخَلِّصُ العَالَم »
يرتبط حضورنا المسيحي ارتباطًا وثيقًا بنوعيّة إيماننا وعمقه وكثافته وأصالته وصدقه. إنّ الإيمان هبة من الله وصلتنا من خلال الرّب يسوع المسيح. فقد عهد الرّب يسوع بهذه الوديعة الثمينة إلى رسله، الذين قاموا بدورهم بنقلها إلى خلفائهم. وقد تناقلت الأجيال المسيحيّة عبر القرون هذه الوديعة “بَريئةٌ مِنَ العَيبِ واللَّومِ” (راجع 1تم 6: 14) رغم التقلّبات والتحدّيات والصعوبات التاريخيّة الكثيرة. ولا يسعنا إلاّ أن نشكر الله على ما تحلّت به كنائسنا المسيحيّة في الشرق من شجاعة وثبات وصبر وحكمة مكّنتها من المحافظة على الوديعة، فوصلتنا حيّة. وممّا لا شكّ فيه أنّ التحدّيات الحاليّة والمتغيّرات العميقة، التي تجري حولنا، تدعونا إلى تجديد الأمانة لإيماننا، فيتحوّل ما تسلّمناه من آبائنا وأجدادنا إلى قبول واعٍ وحرّ ومسؤول وعامل وفاعل فينا. فمن الملاحظ أنّ الإيمان يواجه اليوم تحدّيات حقيقيّة ناجمة عن متغيّرات مهمّة في الأطر الاجتماعية التقليديّة التي لم تعد، كسابق عهدها، تسند إيماننا. وعليه فإنّ الإيمان الذي يعتمد فقط على الوراثة من غير أن يتحوّل، بنعمة الله واستجابتنا، قناعة شخصيّة عميقة، لم يعد كافيًا لمواجهة التحدّيات الحاضرة. وهذا الإيمان الشخصي هو الذي يصبّ بدوره في الكنيسة فيجعل منها جماعة حيّة.
إنّ انتقال الإيمان من مجرّد واقع وراثي إلى قبول شخصي رهن، نوعًا ما، بالتعمّق في الإيمان وتثقيفه، لأنّ جهل الإيمان أو السطحيّة فيه قد يؤدّي إلى فقدانه، خاصّة في إطار التحوّلات العميقة في أنماط الحياة في المجتمع الحالي، حتّى في شرقنا، حيث تغيّرت الأجواء التقليديّة التي أسهمت في الماضي في المحافظة على الإيمان ودعمه. إنّ جهل الإيمان هو جهل المؤمن لنفسه. وعندما يجهل المؤمن نفسه يفقد هويّته ودعوته ورسالته، وتفقد الجماعة المؤمنة أصالتها لتتحوّل إلى مجرّد جسم اجتماعيّ انسلخ عن التفاعل الحيّ مع أصوله الإلهيّة.