نقرأ من النبيّ إشعيا هذه العبارة: ” صَوتُ مُنادٍ في البَرِّيَّة: أَعِدُّوا طَريقَ الرَّبّ واجعَلوا سُبُلَ إِلهِنا في الصَّحْراءِ قَويمة” (إش 40: 3). يريد الربّ أن يجد فيكم الطريق الذي يمكّنه من الدخول إلى قلوبكم وشقّ طريقه إلى وسطها. أَعِدُّوا له هذا الطريق واجعلوا سُبُله مستقيمة… أيّ طريق سنُعِدّ للربّ؟ هل سيكون طريقًا ماديًّا؟ لكن هل يمكن لكلمة الله أن يسلك طريقًا كهذا؟ أليس من الحري بنا أن نهيّئ للربّ دربًا في داخلنا، وأن نرسم في قلبنا طرقًا مستقيمة وموحّدة؟ نعم، إنّه بلا شكّ الطريق الذي يدخل عبره كلمة الله ليستقرّ في قلب الإنسان القادر على تقبّله.
كم هو كبير قلب الإنسان! يا له من قلب واسع وقدير، شرط أن يكون نقيًّا! أتريد أن تعرف كم هو كبير وواسع؟ ما عليك إلاّ أن تنظر إلى يمّ المعارف الإلهيّة التي يحويها… هذا القلب قال ذلك بنفسه: ” فهو الَّذي وَهَبَ لي عِلمًا يَقينًاَ بِالكائِنات حتَّى أَعرِفَ نِظامَ العالَمِ وفاعِلِيةَ العَناصِر ومَبدَأَ الأَزمِنةِ ومُنتهاها وما بَينَهما وتَعاقُبَ الاْعتِدالاتِ وتَغيرَ الفُصول ودَوائِرَ السَّنَةِ ومَراكِزَ النجوم وطَباخِ الحَيَواناتِ وغَرائِزَ الوُحوش ونَغَماتِ الأَرواحِ وخَواطِرَ البَشَر وأَنواعَ النَّباتِ وخَواصَّ الجُذور” (حك 7: 17-20). أنت ترى أنّه ليس صغيرًا، قلب الأنسان الذي يحوي هذه الأمور كلّها.
لذا، إن لم يكن القلب صغيرًا وإن كان قادرًا على احتواء هذه الأمور كلّها، يمكننا أن نهيّئ طريقًا للربّ وأن نرسم دربًا مستقيمًا يمرّ عبره كلمته الذي هو حكمة الله (1كور 1: 24). هيِّئْ طريقًا للربّ بكلّ وعي، واجعل منه طريقًا معبّدًا كي يسير كلمة الله فيك بدون أيّ عائق، ويعرّفك إلى أسراره وإلى مجيئه