الكنيسة السبيل الوحيد للتعرف على المسيح الحقيقي- روبير شعيب
الكنيسة السبيل الوحيد للتعرف على المسيح الحقيقي- روبير شعيب
إذا ما تساءلنا عما إذا كانت الكنيسة أرضيةً مناسبة للنمو في الإيمان نجدنا دون شك عرضة لانتقادات ولاستنكارات الكثير من الأشخاص الصادقين مع ضميرهم، والذين توصلوا إلى هذه الخلاصة: “المسيح نعم، الكنيسة لا!”.
عِبَرُ التاريخ والأخبار – رغم أنها عادة تمر في مصفاة إيديولوجية – تقدم حججًا قوية يصعب تجاوزها لمن يشعر بحب لشخصية المسيح بينما يرفض الكنيسة. فمن يراقب بانتباه عالم الحياة الدينية والروحية لا يستطيع أن يتجاهل صرخة نيتشه التي ليست سطحية أو هامشية على الإطلاق، بل هي جوهرية. يقول أب الإلحاد المعاصر: “كنت لأؤمن بمخلصكم، لو كانت وجوهكم تبدو مخلصة أكثر!”.
إذا ما ترجمنا عبارة نيتشه في الخلاصة المذكورة أعلاه نراه يقول: “بما أن الكنيسة لا، إذا المسيح لا أيضًا”. بالنظر مليًا لا يمكننا إلا أن نقبل خلاصة نيتشه، فهي أكثر واقعية من مقولة الذين يرفضون الكنيسة ويقبلون المسيح. بكلمات أخرى، يصعب لا بل يستحيل التعرف على المسيح الحقيقي من دون الكنيسة، ولذا من يرفض الكنيسة ليست له فرصة حقيقية للتعرف على المسيح. نعم، قد يتعرف على مسيحٍ قصصي أو مفبرك على صورة من يبشر به. ولكن هذا “المسيح” المزعوم ليس الكلمة الذي وُلد من الآب، والذي كان روح الرب عليه وأرسله ليبشر المساكين، ليس المسيح الذي تبعه الرسل وبشروا به، ليس المسيح الذي تخبرنا عنه الأناجيل القانونية، ليس المسيح الذي أحبه القديسون ومات من أجله الشهداء. هذا “المسيح” هو شخصية مركبة تمامًا مثل سوبرمان ودون خوان ديماركو، وهو لا يمت إلى مسيح التاريخ بصلة تذكر. لنا مثل في ذلك مسيح الأناجيل المنحولة (بما في ذلك مسيح “إنجيل توما المنحول” الذي استوحاه دان براون في روايته “شيفرة دافنشي”، ومسيح إنجيل برنابا الذي استوحاه المسلسل الإيراني “السيد المسيح” الذي أخذ ضجة إعلامية في لبنان مؤخرًا). هذه الكتابات هي مؤلفات أوحاها لا وحي الله بل مخيلة كتاب جاؤوا بعد قرون من مجيء المسيح – إنجيل برنابا كُتب في القرن الخامس عشر! – وزعموا أن يقدموا للعالم إنجيلاً جديدًا. تنطبق عليهم دون تردد كلمة بولس: “كل من جاءكم بإنجيل مخالف لإنجيلنا فليكن محرومًا”. الأناجيل القانونية تحمل طابعًا لا نجده في الكتابات المنحولة: القرب الزمني من يسوع وتأليفها إما من مقبل شهود عيان، وإما من قبل أشخاص عايشوا الشهود العيان.
بعد هذا الاستطراد، فلنعد إلى موضوعنا: يسوع بالذات كان يدرك التواصل الحميم بينه وبين الجماعة التي تشهد له. وإذ كان يعي ليس فقط أهمية الأمانة التاريخية والاستمرارية السردية لنقل الأمور الصحيحة عنه قال يومًا لتلاميذه: “أنتم نور العالم. لا تخفى مدينة قائمة على جبل، ولا يوقد سراج ويوضع تحت المكيال، بل على المنارة، فيضيء لجميع الذين في البيت. هكذا فليضئ نوركم للناس، ليروا أعمالكم الصالحة، فيمجدوا أباكم الذي في السموات” (مت 5، 14 – 16).
عن موقع زينيت العالمية