stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

كتابات القراء

الموسيقى الفلوكلوريه

885views

201302271361967362الموسيقى الفلوكلوريه

لبلدان حوض المتوسط  

 الدكتور جورج باشورة

في مقابلة أجراها المذيع فايز مقدسي في راديو مونت كارلو وضمن برنامج ليالي شرقية مع الأخ الموسيقي الدكتور جورج باشورة المربّي في جمعية التعليم المسيحي بحلب، والتي دارت حول موضوع الموسيقى الفولكلورية لبلدان حوض المتوسط، سلّط الدكتور جورج الأضواء على جوانب من موسيقانا الفولكلورية تكاد تكون مجهولة لكثير من الناس ، وفيما يلي مقتطفات من هذه المقابلة.

مقدّمـة

تشتهر موسيقى بلاد حوض البحر الأبيض المتوسط بالتعلق الشديد بالأرض والطبيعة بسبب نوعية الحياة الزراعية وعمق العلاقات الاجتماعية بين أفرادها, الأمر الذي لوّنَ موسيقاها بألوان مشتركة ومحبّبة.

وسنذكر في هذا البرنامج بعض الشروحات لبعض التسميات التي قد نسمعها تكراراً دون أن نفهم معناها الصحيح.\

ونستهلّ اللقاء بالصيحه المشهورة في الأفراح:

     الله يساوى ضُوص ضُوص/ جيشنا تبورخ منين/ حابيبا هي

والتفسير هو:

الله يساوى ضُوص ضُوص: الله يجمع ويوفّق ويُسهِّل (أصل سرياني)

جيشنا تبورخ منين (أو جيشنا رابي) أو معربةً (جيشنا بروك منيح): ربي يحمي جيشنا ويُكثِّره ويباركه (أصل سرياني)

حابيبا هي: فَلْنفرح ونُهلّل يا أحباءنا.

وتنتهي هذه الصيحه بالزغاريد هللللللي. أما تفسيرها فهو كلمة هللويا السريانية أي لنفرح و نُهلل.

وعموماً فإنّ النساء يتفنّن بإتقان هذا النوع من الأداء المحبب للزغاريد.

وعموماً تتمّ الإجابة على هذه الصيحه بجمله ثلاثية أخرى معرَّبة وهي: (صلّوا على عيسى، أوصلوا على محمد) ضُوص ضُوص/وَيَلّي يعادينا/ الله عليه.

 

وبجمله ثلاثية أُخرى: زين زين مكحول العين/ وَيَلي يعادينا/ الله علي

وتنتهي دوماً هذه الصيحه بالزغاريد هللللللي.

    رقصة الدبكة

هي رقص جماعي مُنظّم يؤديه الشبان والفتيات، ترافقه الموسيقى الإيقاعية بواسطة الطبل والمزمار.

 أمّا أصل كلمة دبكة فيُعتقد أنّه يعود إلى كلمة: دَبَّ أي مشى أو سعى كالحية, حيث يقوم الراقصون بالتقدّم إلى الأمام والرجوع إلى الخلف والقفز إلى الأعلى والأسفل تشبيها بحركة الحيه التي تحاول الانقضاض على فريستها. كما يُعتقد أنّ لكلمة دبكه أصلاً فارسياً معناه (دبّ = كرّ و فرّ والكاف للتصغير) أي أنّ هذه الرقصة تشبه معركة صغيرة يتبارى فيها الشبان بالسيوف أو بالعصي وبالتروس إظهاراً لرشاقتهم وفروسيتهم أمام الفتيات بهدف نيل إعجابهنّ. كذلك الأمر, فإنّ الفتيات يؤدّين الحركات المختلفة من دون أسلحة على الأغلب بهدف إظهار رشاقتهنّ وجاذبيتهنّ أمام الشبان. وغالباً يترأس شاب يُدعى قائد الدبكة مجموعة الراقصين، ويقوم بتوجيه مسارهم أو يقوم بحركات جديدة كي يقلدها الراقصون

وأخيراً, يجب ألاّ ننسى دور رقصة الدبكه في التعارف بين الشبان والفتيات, حيث تتشابك الأيادي وتتدافع الأجساد وتتناغم الصيحات بين الراقصين, فيتمّ التفاهم غير العلني حيث تتلاقى النظرات والابتسامات، وغالباً ما تنتهي الأفراح لتبدأ أفراح وزيجات جديدة يعود الفضل فيها بالطبع إلى…رقصة الدبكه. 

    العتابا و الميجَنا

زجل شائع في سوريا ولبنان، يتضمّن كلمات معاتبه للحبيب المهاجر البعيد، وذِكْراً لعمق الآلام التي يعانيها الأهل والأحبه في أرض الوطن نتيجة الفراق. وكما نعرف, فإنّ بلادنا عانت الكثير من النكبات والويلات كالاستعمار الأجنبي والمجاعات والحروب, الأمر الذي دفع العديد من شباب الوطن إلى الاغتراب بهدف تحسين الوضع الاقتصادى والشعور ببعض الأمان, فعمل ذلك على تكوين الجاليات العربية في المهجر، والتي بقيت على اتصال مستمر بالوطن الأم. وهكذا ظهر هذا الضرب من الغناء الذى هو بالأصل عتاب على الأبناء والأحباب يحثّهم على العودة إلى أرض الوطن. وقد يتساءل البعض هنا عن معنى كلمه (الميجَنا), ويُعتقَد أنها من أصل كلمة (المِجنّ) العربية. وهي أداة تُستعمل لدقِّ الحبوب، وتُدعى أيضا في أيامنا “بالهاون”. ونذكر هنا للتوضيح المقولة العربية: “قَلَب له الزمن ظهر المجن” أي أن الدهر انقلب على ذاك الإنسان فساءت أحواله وأصبح يُطحَن بهموم الحياة بعد أن ذاق رَغَد العيش في الماضي. وهذا وصف لحال الأهل والأحبه وعذابهم الشديد لألم فراق المحبوب وهجرته لهم.

ويجدر بنا فى هذا المجال أنّ نوضح أن المجنّ هو حجر اسطواني الشكل كان يستعمل قديما فى رص الأسقف في الأرياف والتي كانت تُصنَع من(اللبن) وهو الطين الممزوج بالتبن و روث البقر، وكان المجن يستعمل لرصّ الأسقف في أثناء تحضيرها لإفراغها من الفقاعات الهوائيه فلا تعود هشه وسريعة التفتت فتسقط على رؤوس أهلها.

ونذكر أيضا أن الرصّ كان يتمّ بشكل مبدئي بواسطة الأرجل حيث يقوم الرجال والنساء بدكِّ الأسقف بأرجلهم تماما كما كانوا يفعلون وقت الحصاد, حيث تُدرس السنابل المحصودة يدوياً.الأمر الذي أدى إلى تطوير إيقاعات الدبكة وإبداع الكثير من أنماط الغناء كالدلعونه واللوما وغيرها. 

    اللوما

هو وصف للفتاه الشرقيه السمراء ذات البَشَرة البرونزية الملتحفة بأشعة شمس الصيف الحارقة. ومن الطبيعي، ونتيجة لطبيعة العمل الزراعي في بلادنا، فإنّ الاحتكاك المباشر بالعوامل البيئيه تُعطي البَشَرة ذلك اللون المحبب الذي يطبع سكان حوض المتوسط عموماً. ولقد نشأ هذا اللون الغنائي للتغزّل بالفتاة الشرقية.

    الهويدا

من أصل سرياني ويعني (الصبّ أو الهوى) وبالفارسية (الظاهر والمكشوف). ولقد ظهر هذا اللون الغنائى في بلادنا كطريقه لطيفه للتعبير عن الحب والإعجاب بالجنس الآخر. فكلمة (يا هويْدا لَكْ) تعني (يا حُبي لك) وتقول الكلمات:

(يا هويْدا لك يا هويدا لي نارَكْ ولا جَنَّة هَلي) وهي تصريح واضح عن رغبه الفتاه أو الشاب في التخلّي عن العيش مع الأهل والنيّة المكشوفة للارتباط بالشريك الآخر. ولا يَخفى علينا أنّ هذا النوع من الغناء مازال منتشرا فى بلادنا وإنّ اختلف الأسلوب قليلاً حيث يقوم الشباب والفتيات في أثناء الرحلات الجماعية بأداء الأُغنيات المتبادلة والتي يُلمَح من خلالها إعجاب شاب ما بفتاة ما, الأمر الذي يتمّ من خلال المجموعة، فيظهر الإعجاب من الطرف الأول بواسطة أغنية تلميحية، ويتمّ الجواب عليه من الطرف الآخر بأغنية أخرى, وإذا تمّ التقبّل من الطرفين تنشأ قصة حب وعلاقة غالباً ما تنتهي بالزواج.

    الهيلا

من أصل سرياني وتعنى الفرح من بعد الغمّ. ولقد انتشر هذا اللون الغنائى كثيراً بعد ازدياد موجة الهجرات إلى بلاد الاغتراب. ويعتقد البعض أنّ الأصل العربي لهذه الكلمة هو (الحيل) ومن الطبيعي أنّ المضمون واحد رغم اختلاف التفسير. فكلمات الأغنية تقول:

(الهيلا الهيلا الهيلا يا رَبْعِنا….يارب تجمع بالحبايب شَمْلنا) والتفسير واضح،فأهل الوطن يطلبون من الله أن يعطيهم العمر والقوة لتحمّل ألم فراق أحبتهم في بلاد الاغتراب والأمل بفرحِ اللقاء من بعد غَمِّ البُعاد.

وتوجد ألوان عديدة من الأغنيات الفلوكلورية سنذكرها بسرعة مثل:

عاليادي: وأصلها سرياني يعني (يا وِدّي أو يا حُبّي أو يا أمي) ويُعتَقد إنها تعني بالعربية (على الأيادي)

عالمَاني: أيضاً من أصل سرياني وتعني (يا أمي أو يا ماما أو يا يُمّا)

أبو الزُلُف: وهو وصف للحبيبة.

الدلعونة: من أصل سرياني (يد العون) أي طلب المساعدة أيام الحصاد.

القراصيه: اسم نبات شوكي يتواجد في مناطق مدينه حلب, هو من العنبيات ومشهور بطعمه الحامض ولونه الأحمر، تُصنَع منه المربيات وبعض أنواع المأكولات الحلبية كالكِبّة (كبة بقراصية).

الرّوزَنَا: اسم نبات من الفصيله الوردي، يُصنع منه نوع من المربيات، وتشتهر به خصيصاً مدينة حلب حتى اليوم ويُدعى بمّربى الورد.

وأخيراً, يجدر بنا ذ كر بعض الكلمات المتعلّقة بالموال.

والموال هو الابتداء بتقديم اللحن قبل البدء بالغناء. فقد نشاهد هذا النوع من الغناء فى حوض المتوسط، وقد ترعرع في قصور السلاطين والأمراء. وكان أغلب المطربين من العبيد والإماء الذين كانوا يقومون بالغناء والعزف وحتى الرقص أحياناً، بهدف إمتاع أسيادهم ومواليهم. وكثيراً ما كان يرافق هذه الأمسيات الغِنائية ألوانٌ مختلفة من الطعام والشراب والمجون…لذلك كان المُغني يستهلّ الأمسية ببعض الكلمات مثل:

الأوف والآه: تعبيراً عن ألمه وحبه أو إعجابه بموضوع الأغنية.

ياليل ياعين: حيث أنّ أغلب الحفلات الغنائية كانت ذات طابع ليلي, لذلك كان المطرب يستهلّ الغناء بذكر الليل ومزاياه ومتعه الكثيرة. وأمّا العين فكانت الشاهد عمّا رأت من أمور وشاهدت من مجريات في ذاك الليل.

ولقد برز الكثير من المطربين الذين برعوا بالموّال حتى أنه أمكنهم قضاء الأمسية بأكملها بدون ملل, فقط بأدائهم المواويل المختلفة والمرور ببراعة من مَقام إلى آخر بانسجام شديد، وتلوين الأساليب الشعرية والألحان، الأمر الذي دفع إلى ظهور مواويل متنوعة تميّزت به المدن والمناطق المختلفة لبلدان حوض المتوسط كالموّال السبعاوي والشرقاوي والبغدادي وغيرها…

أمّا الموشّحات والقُدود: فقد كانت نتيجه تطور الموسيقى الدينية والمدنية. فالإبداع الشعري واللحني أدى إلى استنباط الموشحات، أي توشيح وتلوين الأغنية بأكثر من مقام لحْني أو بحر شِعْري. القدود: التي اشتُهِرت بها مدينه حلب كانت نتيجه استبدال بعض الأشعار والألحان السريانية الدينية القديمة والمحبوبة من سكان البلد بأشعار عربية تماثلها بالقد الشِعْري.

عن موقع جمعية التعليم المسيحي بحلب