وتجسّد من الروح القدس ومن مريم العذراء ( قانون الإيمان )
في حدث ميلاد الرب يسوع المسيح نرى ولادتين : في الأُولى كما في الثانية تمثّلان قوّة إلهيّة تتجاوزنا بشكل مطلق .
من ناحيةٍ أولى ، ولد الله ابنه من لدنه شخصياً قبل كل الدهور . ” كان في البدءِ لدى الله . به كان كلُّ شيء ، وبدونه ما كان شيء مما كان ” ( يوحنا ١ : ٣ ) .
ومن ناحيةٍ أُخرى ، حبلت به عذراء بقوّة الروح القدس وبتدخل من الله ” إنّ الروح القدس يحلُ عليكِ وقُدرةَ العليّ تُظلّلُكٍ ، فستحبلين وتلِدينَ ابناً فسمّيه يسوع ، سيكون قُدُوساً وابن الله يُدعى ” ( لوقا ١ : ٣٥ ) .
من ناحيةٍ، ولِد ليُعطي الحياة ، ومن ناحية أُخرى ، ليُلغي الموت .
في الحالةِ الأولى ، ولِد من لَدُنِ أبيه ، بالروح القدس . وفي الحالةِ الأُخرى ، ولِد كبشر من العذراء مريم ، وبولادته البشريّة، حرّر الإنسان . وتبقى هاتان الولادتان ، الإليةِ والإنسانية ، غير قابلتين للإنفصال عن بعضهما البعض .
عندما نقول أن في المسيح ولادتان، فنحن لا نقصد أن ابن الله ولِدَ مرتين ، لكننا نؤكد ثنائيّة الطبيعة في ابن الله الوحيد ، ولقد أكدّ
القديس يوحنا الإنجيلي هذا الأمر بقوله : ” في البدءِ كان الكلمة ، والكلمة كان لدى الله ، والكلمةُ هوَ الله ” ( يوحنا ١ : ١ ) … والكلمةُ صار بشراً ، فسكنَ بيننا ” ( يوحنا ١ : ١٤ ) .
إن الله ، الغير منظور ، لمّا تمّ الزمان ، اتخذَ جسداً ، مولوداً من إمرأةٍ ، مولوداً في حُكم الشريعة ، ليفتدي الذين هم في حُكمِ الشريعة … ” ( غلاطية ٤ : ٤ – ٥ ) .
أصبح الله بشراً، لا ليمتزج بالإنسان ، بل لكي يرفع الإنسان بمجد وقداسة إلى الله الآب .
فالله لم يولد مرّتين ، لكن بنوعيّ الولادة المذكورتين سابقاً : أي الولادة الإلهية من قبل كلّ الدهور ، ومن ثمّ ولادته بالجسد من مريم العذراء . وبهذا أراد ابن الله الوحيد أن يكون إلهاً وإنساناً في آنٍ واحد وفي شخصٍ واحد .
المطران كريكور اوغسطينوس كوسا
اسقف الإسكندرية واورشليم والاردن
للأرمن الكاثوليك