تبادل الأب والأم كلمة “نَعَم” كاملة بينهما وأمام الله، “نَعَم” تُشكّل أساس السرّ الذي يربطهم؛ وبالمثل، ولكي تكون العلاقة داخل الأسرة كاملة، فإنّه لَمن الضروريّ أن يقولوا أيضاً “نَعَمَ” قبولٍ لأولادهم، لهؤلاء الذين ولدوهم أو لهؤلاء الذين تبنّوهم، الذين لديهم شخصيّتهم الخاصّة وطبعهم الخاصّ. هكذا، ينمو الأولاد في جوّ من القبول والمحبّة، ومن المأمول أنّه عندما يَصلون إلى مرحلة نضج كافية، هم أيضاً يمكنهم إعطاء “نَعَم” لأولئك الذين منحوهم الحياة…
كشف الرّب يسوع المسيح عن المصدر الدائم والأسمى للحياة بالنسبة للجميع، وبالتالي للعائلة أيضاً: “وصِيَّتي هي: أَحِبُّوا بَعضُكم بَعضًا كما أَحبَبتُكم. لَيسَ لأَحَدٍ حُبٌّ أَعظمُ مِن أَن يَبذِلَ نَفَسَه في سَبيلِ أَحِبَّائِه”(يو 15: 12-13). لقد أُفيضَ علينا حبّ الله نفسه بالمعموديّة. من هذا المنطلق، العائلات مدعوّة إلى أن تعيش حبًّا نَوعيًّا، لأنّ الربّ هو الذي يضمن إمكانيّة هذا لنا من خلال الحبّ الإنسانيّ، الحسّاس، الحنون والرَّحوم مثل حبّ الرّب يسوع المسيح.
بالإضافة إلى نقل الإيمان ومحبّة الربّ، فإنّ واحدة من أهمّ مهام العائلة هي تنشئة أشخاص أحرار ومسؤولين. ولهذا السبب يجب على الآباء تأمين وصول أولادهم إلى الحرّيّة، الذين هم الأوصياء عليهم لبعض الوقت. إن كان الأولاد يرون أنّ أهلهم – والبالغين من حولهم بشكل عامّ – يعيشون بفرح وحماس، حتّى في المصاعب، فسوف ينمو فيهم بشكل أسهل فرح العيش العميق الذي سيساعدهم أن يتخطّوا بنجاح العقبات الممكنة والصعوبات التي تتضمّنها الحياة البشريّة. علاوةً على ذلك، عندما لا تكون الأسرة منغلقة على ذاتها، يتعلّم الأولاد أنّ كل شخص يستحقّ أن يكون محبوباً، وأنّ هناك أخويّة عالمية أساسيّة بين جميع البشر.