جئت لأكمل – الأب وليم سيدهم
إن الله واحد، هو الذي قاد أنبياء العهد القديم وهو هو الذي يقود شعب العهد الجديد. لذلك حينما يعلن المسيح أنه جاء ليكمل فهذا يعني أنه استبقى من العهد القديم الوصايا العشرة التي تلقاها موسى النبي والتي تتلخص في وصيتين: الولى محبة الله والثانية محبة القريب.
إلا أن المسيح قام بنقض المغالطات والتقاليد الخاطئة التي أضافها الفريسيون والكتبة على هذه الوصايا وحررنا من افضافات التي لا تمت بصلة إلى الله، فحينما يقول المسيح في انجيل متى: “«سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ: عَيْنٌ بِعَيْنٍ وَسِنٌّ بِسِنٍّ. وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: لاَ تُقَاوِمُوا الشَّرَّ، بَلْ مَنْ لَطَمَكَ عَلَى خَدِّكَ الأَيْمَنِ فَحَوِّلْ لَهُ الآخَرَ أَيْضًا.” (مت 5: 38- 39).” وهي الوصية الجديدة التي تجعل من الغفران ومن المحبة أساس البشارة المسيحية.
وحين يقول: “«قَدْ سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ لِلْقُدَمَاءِ: لاَ تَزْنِ. وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَنْظُرُ إِلَى امْرَأَةٍ لِيَشْتَهِيَهَا، فَقَدْ زَنَى بِهَا فِي قَلْبِهِ.” (مت 5: 27-28). فإنه يركز على طهارة القلب قبل طهارة الجسد. وبالتالي فهو يعطي للعهد القديم تمام معناه. وبينما كان الفريسيون يرجمون الزناة فإن المسيح رفض المغالاة في تجريم الخطايا ويقول للفريسيين: «مَنْ كَانَ مِنْكُمْ بِلاَ خَطِيَّةٍ فَلْيَرْمِهَا أَوَّلًا بِحَجَرٍ!»” (يو 8: 7). هكذا نرى أن المسيح جاء ليكمل الناموس القديم ويعطيه كمال معناه الرباني.
نستطيع أن نضيف أن تأويل المسيح وتفسيره لكلام الكتب المقدسة يختلف جذريًا عن تفسير الكتبة والفريسيين، فمثلًا تدقيق الكتب والفريسيين على طقوس طهارة اليادي وأدوات الأكل والشرب، فإن المسيح يكلمنا عن طهارة القلب أولًا فيقول إن ما ينجس الانسان ليس ما يدخل الانسان ولكن ما يخرج من الانسان، من حقد وحسد وقتل ونميمة ….. الخ.
فحينما نقرأ الكتاب المقدس، نتعلم من كلام يسوع في الانجيل الفرق بين موقف الله من المؤمن وموقف الكنيسة والفريسيين وهذا الفارق، هو ما اضافه يسوع للعهد القديم وعلينا أن لا نتمسك بالحرف ولكن بروح وكلمات الانجيل