جيل فاسد – الأب وليم سيدهم
جيل فاسد
بعد أن عاش بيننا وتأمل أحوال دنيانا الدينية والإجتماعية والسياسية، صدر من يسوع هذا التصريح:- ”فَأَجابَ وَقَالَ لَهُمْ: «جِيلٌ شِرِّيرٌ وَفَاسِقٌ.” (مت 12: 39)، ولكي يدلل على هذا الفساد رجع يسوع إلى الوراء ليفكر فيما حدث في الماضي على مستوى البشارة بكلام الله، توقف يسوع المسيح عند أسمين إقترن اسمهما بدورهم في البشارة. أولهم يونان النبي وثانيهم ملكة اليمن، فيونان النبي بشر أهل نينوى فتابوا، وملكة اليمن جاءت خصيصًا إلى القدس لتستمع إلى حكمة سليمان. ولكن يتحدث يسوع عن نفسه بصفته صورة الآب وشعاع مجده “رِجَالُ نِينَوَى سَيَقُومُونَ فِي الدِّينِ مَعَ هذَا الْجِيلِ وَيَدِينُونَهُ، لأَنَّهُمْ تَابُوا بِمُنَادَاةِ يُونَانَ، وَهُوَذَا أَعْظَمُ مِنْ يُونَانَ ههُنَا! مَلِكَةُ التَّيْمَنِ سَتَقُومُ فِي الدِّينِ مَعَ هذَا الْجِيلِ وَتَدِينُهُ، لأَنَّهَا أَتَتْ مِنْ أَقَاصِي الأَرْضِ لِتَسْمَعَ حِكْمَةَ سُلَيْمَانَ، وَهُوَذَا أَعْظَمُ مِنْ سُلَيْمَانَ ههُنَا!”(متى 12: 41- 42)
هل نحن من نسمَّى باسم المسيح مازلنا نشرف بهذا الأسم؟ هل حياتنا اليومية معبقة برائحة يسوع أم يخترقها الفساد المنتشر كالغبار في جو علاقات البشر والأمم بعضها ببعض.
إننا نعيش اليوم عصرًا لم يسبقه مثل في تاريخ البشرية في الفساد المعولم بفضل شبكات الانترنت والسوشيال ميديا، الكذب والتدليس، فساد القضاء والمجالس التشريعية والسلطة التنفيذية إنها غابة يأكل فيها الكبار والصغار يستعبد فيها الأغنياء الفقراء فنجد القيق الأبيض وتجارة البشر وتجارة الأسلحة وتجارة الضمائر.
لقد قامت حربان عالميتان أكلتا الأخضر واليابس في أوربا ومنذ 1945 والحروب بالوكالة لا تنتهي. أصبح ملايين الأطفال يتامى وملايين النساء ثكالى ونظرًا للغش في المأكولات والمشروبات إرتفع عدد المرضى بالسرطان والوباء الكبدي والقلب بالملايين.
أين يسوع المسيح في كل ذلك؟ نسأل أنفسنا أين الكنيسة؟ أين فلك نوح؟ أين بشارة يونان؟ أين ملكة اليمن؟ أين ملايين المسيحيين المنتشرين في العالم في أركانه الأربعة؟
لقد طغى صوت الفساد على صوت الكنيسة وأصبحت الكنيسة في الشرق والغرب تلاحق بسبب ممارسات يعتبرها الناس لا تليق بالكنيسة، ها هي نفس الصفة التي أطلقها المسيح ععلى مجتمع منذ الفين سنة يطلقها على جيلنا اليوم “جيل فاسد شرير”.
أين الغيرة الرسولية على بناء الملكوت؟ لقد فتر إيمان المسيحيين ودفنوا رؤوسهم في الرمال كالنعام وتدهور إيمانهم ونسوا ملايين الشهداء الذين رووا أرض روما والأسكندرية وأنطاكية وأورشليم. وفضلوا الصمت على المخاطرة بحياتهم لإعلان الحق. وها هو المسيح يقول لنا: “مَنْ أَحَبَّ أَبًا أَوْ أُمًّا أَكْثَرَ مِنِّي فَلاَ يَسْتَحِقُّنِي، وَمَنْ أَحَبَّ ابْنًا أَوِ ابْنَةً أَكْثَرَ مِنِّي فَلاَ يَسْتَحِقُّنِي،” (مت 10: 37).
اللهم لا تعاملنا بحسب خطايانا وفسادنا، بل حسب رحمتك، أرسل لنا معونة من العلاء حتى نقف مرة أخرى على أرجلنا ونشهد أنك أحب علينا من حياتنا نفسها.