دعوتكم أحبائي – الأب وليم سيدهم
لقد كانت علاقة المسيح بالرسل هي علاقة التلميذ بالمعلم، أضاف يسوع مفهومًا جديدًا للمعلم والمتعلم، هذه العلاقة تقوم على المحبة المتبادلة بين التلميذ ومعلمه وبالعكس، وليس التسلط كما هو موجود في حياتنا.
لذلك في خطبة الوداع الذي ألقاها المعلم على تلاميذه في إنجيل يوحنا نقرأ: “لاَ أَعُودُ أُسَمِّيكُمْ عَبِيدًا، لأَنَّ الْعَبْدَ لاَ يَعْلَمُ مَا يَعْمَلُ سَيِّدُهُ، لكِنِّي قَدْ سَمَّيْتُكُمْ أَحِبَّاءَ” وحين نتأمل مفهوم كلمة أحبائي بالنسبة ليسوع “لأَنِّي أَعْلَمْتُكُمْ بِكُلِّ مَا سَمِعْتُهُ مِنْ أَبِي.” (يوحنا 15: 15)
لم يحتفظ يسوع لنفسه بعلاقته مع الآب بل أشرك تلاميذه على أدق تفاصيل هذه العلاقة، إنه يدعو تلاميذه لإستثمار هذه الشراكة مع الآب عن طريق ابنه يسوع.
سماهم يسوع أحباء لأن الحب في جوهره بذل وعطاء للآخرين. كل حياته على الأرض مختومة بعطايا وقته وقلبه وعقله ونفسه للآخرين، لتلاميذه، لكل شعب اليهودية ومن خلالهم لكل إنسان. “لَيْسَ لأَحَدٍ حُبٌّ أَعْظَمُ مِنْ هذَا: أَنْ يَضَعَ أَحَدٌ نَفْسَهُ لأَجْلِ أَحِبَّائِهِ.” (يو 15: 13(
دعوتكم أحبائي، ومازلت اليوم أدعو كل إنسان ليكون حبيبي وبالتالي أبذل نفسي بكامل حريتي من أجله. في أيامنا الحاضرة أصبح بذل الذات فداء للوطن هو الاستشهاد من اجله وإذا كان إرتباطنا بالأرض التي نعيش عليها يصل إلى حد الإستشهاد فكم وكم نحن مطالبون ببذل الذات والحب حتى الموت إقتداءً بمعلمنا يسوع من أجل خالق هذه الأرض، إن الوصية التي تجعلنا نكتسب الحياة الأبدية هي ما قاله يسوع للشاب الذي سأله ماذا أفعل لأنال الحياة الأبدية وهي: “تُحِبُّ الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ، وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ، وَمِنْ كُلِّ قُدْرَتِكَ، وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ، وَقَرِيبَكَ مِثْلَ نَفْسِكَ” (لو 10: 27)
إن السعادة الحقيقية غالبًا ما نكتشفها حين نقوم بالتضحية بعرقنا وجهدنا ووقتنا من أجل الآخرين. هو شعورنا بأننا تغلبنا على الأنانية المتأصلة فينا وتواصلنا مع أخوتنا البشر.
إن كل الأشجار تعطي ثمارًا ولا تطلب مقابلًا فالبرتقال والليمون والتفاح هي أشجار تعطي بلا مقابل لأن جوهر وجودها قائم على العطاء المستمر.
ونحن للأسف نميل دائمًا إلى الأخذ دون العطاء ولكن يأتي يسوع ليذكرنا “لَيْسَ أَنْتُمُ اخْتَرْتُمُونِي بَلْ أَنَا اخْتَرْتُكُمْ، وَأَقَمْتُكُمْ لِتَذْهَبُوا وَتَأْتُوا بِثَمَرٍ، وَيَدُومَ ثَمَرُكُمْ، لِكَيْ يُعْطِيَكُمُ الآبُ كُلَّ مَا طَلَبْتُمْ بِاسْمِي، بِهذَا أُوصِيكُمْ حَتَّى تُحِبُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا.” (يو 15: 16- 17(.