stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

الكنيسة الكاثوليكية بمصركنيسة السريان الكاثوليك

رسالة البطريرك يونان لعيد القيامة: قام من أجل تبريرنا

1.8kviews

بيروت – أبونا

2019/04/21

“قام من أجل تبريرنا” (رو4: 25)

1. مقدّمة

يطيب لنا أن نتقدّم في بداية رسالتنا بأحرّ التهاني وأطيب التمنّيات بمناسبة عيد قيامة ربّنا يسوع المسيح من بين الأموات، إلى جميع إخوتنا وأبنائنا وبناتنا في لبنان وسوريا والعراق والأراضي المقدّسة والأردن ومصر وتركيا وأوروبا وأميركا وأستراليا، راجين من المسيح فادينا المنبعث منتصراً على الخطيئة والموت، أن يفيض عليهم جميعاً نِعَمه الغزيرة، فيكونوا شهوداً أمناء لقيامته، بحياةٍ مليئةٍ بالفرح والمحبّة والسلام.

2. موت المسيح وقيامته أساس الإيمان المسيحي

إنّ حقيقة موت المسيح ودفنه والقبر الفارغ وظهورات المخلّص بعد القيامة هي دليلٌ ساطعٌ على التدبير الإلهي لفداء العالم الذي تمّمه الرب يسوع بإرادته الكاملة ومعرفته المسبقة. فيسوع مات على الصليب فداءً عن خطايا البشرية بأسرها، وبدمه الثمين صالح الله مع الإنسان، وائتمننا على عيش المصالحة مع الله ومع بعضنا البعض. “مات من أجل خطايانا وقام من أجل تبريرنا” (رو4: 25) ومنحنا الحياة الجديدة، حياة أبناء وبنات الله. يظهر هذا جليّاً في إعلان الملاك للنساء فجر القيامة أمام القبر الفارغ الذي دُحرِج الحجر الكبير عنه: “لا تخفنَ، أتطلبنَ يسوع الناصري الذي صُلب! لقد قام وليس هو ههنا” (مر16: 6). فحلّت بشرى القيامة وفَرِح بها المؤمنون مردّدين: “المسيح قام، حقّاً قام!”. كما مات يسوع فداءً عن جميعنا، قام من الموت لتقديسنا نحن البشر” (رو4: 25)، على ما تنبّأ إشعيا: “كلّنا ضللنا كالغنم، كلّ واحدٍ مال إلى طريقه، فألقى الرب عليه إثم كلّنا. عُومِل بقسوةٍ، فتواضع ولم يفتح فاه” (إش53: 6-7). فموت المسيح وقيامته يشكّلان أساس الإيمان المسيحي وجوهره، إذ شاء يسوع أن يموت على الصليب ويقوم من بين الأموات ليمنحنا الحياة الجديدة ويقدّسنا. وبهذا زرع السلام في القلوب، منتزعاً منها الخوف، فباتت الأرض تعيش زمناً جديداً يرضي الله، هو زمن المحبّة والأخوّة والسلام. بقيامته برّرنا يسوع وأعادنا إلى نعمة الله “حتى إنّنا، كما أقيم المسيح من بين الأموات، كذلك نسلك نحن أيضاً في جدّة الحياة” (رو6: 4)، ولا يتمّ ذلك إلا بالتغلّب على الخطيئة وبعيش المحبّة الحقيقية. وهكذا يحيا المسيح القائم من الموت في قلوب المؤمنين به، ويشدّهم إلى حياته الإلهية “لكي لا يحيا الأحياء لأنفسهم في ما بعد، بل للذي مات وقام لأجلهم” (2كو5: 15).

3. قيامة المسيح أساس الرجاء

موت المسيح وقيامته غيّرا وجه العالم، فيسوع الذي لم يرتكب خطيئةً انحدر نحو الإنسان كي يجذبه إلى قمم الروح، لأنّه “أحبّه حتى الغاية” (يو13: 1). ارتضى الآلام والموت المذلّ على الصليب، فأضحى هو الغفرانَ الذي يغسل خطيئة الإنسان التائب. مات لنقوم نحن به لحياةٍ جديدةٍ، وقد شبّه هذا السرّ “بحبّة الحنطة التي تقع في الأرض وتموت فتعطي ثمراً كثيراً” (يو12: 24)، وهكذا صار موت المسيح وقيامته سبيلاً للحياة لكلّ إنسانٍ، روحياً واجتماعياً، عائلياً ووطنياً. “إنّ الفداء والخلاص قد تمّا كما أراد الآب، وكلّ الكتب تجد اكتمالها في محبّة المسيح، الحمل المذبوح. إنه بتقديم ذاته ذبيحةً، حوّل أكبر عمل ظلم إلى أكبر حبّ” (قداسة البابا فرنسيس: المقابلة العامة، الأربعاء 1/4/2015). قيامة يسوع هي الحدث الأعظم في تاريخ البشرية، وأساس الرجاء فينا، لأنّه “لو لم يقم المسيح، فكرازتنا إذاً باطلة وإيمانكم أيضاً باطل… ولَكُنتُم بعدُ أمواتاً في خطاياكم… ولكنّه قام من بين الأموات وهو بكر الراقدين” (1كور15: 14و17و20). فالقيامة هي إثباتٌ لعمل المسيح وتعاليمه وسلطانه الإلهي. يسوع معنا دائماً، لا يخذلنا ولا يتركنا، بل ينير بقيامته ظلمات حياتنا وصعوباتها، ويعطيها معنىً وبُعداً جديدين، فهو يبشّرنا محوّلاً حزننا إلى فرح، وضعفنا الى قوّة بالروح القدس المعزّي الذي أفاضه في قلوبنا (راجع روم5: 5). وها هو الطقس السرياني يتحدّث عن الغلبة التي حقّقها الفادي المصلوب بقيامته المجيدة: «ܩܳܡ ܡܳܪܳܐ ܕܫܽܘܒܚܳܐ ܒܰܫܪܳܪܳܐ ܘܰܥܛܺܝܦ ܬܳܓܳܐ ܕܙܳܟ̣ܽܘܬܳܐ܆ ܘܰܥܛܳܐ ܠܥܰܒܕ̈ܰܘܗ̱ܝ̱ ܟܽܠ ܐܶܣܳܪܳܐ ܕܰܟܕܺܝܢܳܐ ܒܗܽܘܢ ܐ̱ܢܳܫܽܘܬܳܐ». وترجمته: “قام ربّ المجد حقّاً لابساً تاج الظفر، ماحياً أسراً ورقّاً كان ينتاب البشر”.

4. موت المسيح وقيامته ينبوع المحبّة غير المشروطة

ليست قيامة يسوع حدثاً عابراً، ولم يكن موته صدفةً، فعلى الصليب تحقّقت محبّة الله بأسمى درجاتها، تعبيراً عن وفائه لوعده منذ القِدَم، لأنّ جوهره هو المحبّة، ومن هذه المحبّة شعّ نور القيامة، نور الحقّ والحياة. قيامة يسوع تبرهن أنّ الصليب ليس النهاية والإخفاق والإذلال، بل هو البداية الجديدة: “هناك صلة قوية بين الصليب والقيامة لا يمكن للمسيحي أن يتجاهلها، فإذا كان الصليب ثمنَ خطايانا، فالقيامة هي بمثابة علامة على قبول ذبيحة الفداء. إنّها المشاركة في المحبّة غير المشروطة التي يكنّها الله للإنسان، حتى تصبح القيامةُ التعبيرَ الأسمى عن هذه المحبّة، ويتحوّل المؤمن إلى الرسول الحقيقي للمسيح القائم (من مواعظ عيد القيامة لقداسة البابا بندكتوس السادس عشر). إنّ يسوع القائم يهب نفسه لنا عطيةً وهديةً من الله، ويدعونا أن نبذل ذواتنا بدورنا حبّاً معطاءً وسخيّاً للقريب من حولنا، فنكون خميرةً إنسانيةً جديدة. لم يدحرج المسيح بقيامته حجر القبر وحسب، إنّما دحرج كلّ الحواجز التي تجعلنا ننغلق في ميلنا إلى التشاؤم والفتور والنفور، وهي مواقف تُبعدنا عن الله وتُغلِق قلبنا تجاه الآخرين. فلنتذكّر دائماً أنّنا “متبرّرون مجّاناً بنعمته بالفداء الذي بيسوع المسيح” (رو3: 24). إيماننا بالقيامة هو الثقة اللامحدودة بأنّ يسوع الرب الفادي قد منحنا بانبعاثه عربون القيامة من موت الخطيئة والشرّ، منقّياً ومبرّراً قلوبنا. فهو حيٌّ في نفوسنا وفاعلٌ في مسيرة الكنيسة وفي حياة المؤمنين وفي أحداث العالم حتّى نهاية الأزمنة. وهذا الحضور يبرز في كلامه الحيّ في الكتاب المقدس، وفي سرّ جسده ودمه الأقدسين، وفي نعمة الأسرار، ويكتمل بأبهى صوره في حلول الروح القدّوس على المؤمنين، مانحاً إيّاهم ثمار الفرح والخلاص. “تعال أيّها الربّ يسوع” (رؤ22: 20).

5. القيامة إتمامٌ للخلاص

إنّنا نفرح في هذا الموسم الروحي ونشكر يسوع فادينا لأنّ الخلاص الذي حقّقه لنا بقيامته في اليوم الثالث هو واقعٌ حيٌّ نعيشه وننعم ببركاته. فنحن “نموت ونقوم مع المسيح في المعمودية” (كو2: 12)، كي نلبس برّ المسيح القائم، ونثبت فيه لنضحيَ تلاميذ حقيقيين له. وقد وعدنا بقوله: “أنا القيامة والحياة، من آمن بي وإن مات فسيحيا، وكلّ من كان حيّاً وآمن بي فلن يموت إلى الأبد” (يو11: 25-26). والتلمذة ليسوع هي عيش الشهادة الشجاعة، قولاً وفعلاً، لسرّ الفداء الذي تمّمه، على حدّ تعبير مار بولس: “فإذا شهدتَ بفمك أنّ يسوع ربٌّ، وآمنتَ بقلبك أنّ الله أقامه من بين الأموات، نلتَ الخلاص” (روم10: 9). وهكذا نحبّ المسيح بالقلب والفكر والروح، وندخل في لقاءٍ شخصي فريد معه، فنتغيّر ونتقدّس بجدّة الروح، ونساهم في بناء بشريةٍ متحرّرةٍ من خطايا الاستقواء والاستغلال والأنانية، ونتواصل مع الآخرين بلغة الانفتاح والحوار، فنتكلّم لغةً جديدةً تجمع وتطمئن وتجد الحلول العادلة للأزمات التي تحيط بنا. وها هو مار أفرام السرياني يحلّق في سماء الروح متأمّلاً بعظمة القيامة، فيقول: «ܒܓܰܘ ܚܶܫܽܘܟ̣ܳܐ ܢܽܘܗܪܳܐ ܕܢܰܚ܆ ܘܙܰܗܪܶܗ ܪܰܒܳܐ ܠܡܰܘܬܳܐ ܥܩܰܪ. ܥܓܺܝ̈ܢܶܝܗ̇ ܕܰܫܝܽܘܠ ܟܰܦܳܐ ܢܩܰܫܘ܆ ܠܩܳܠ ܢܽܘܚܳܡܳܐ ܕܰܠܗܽܘܢ ܩܪܳܐ. ܣܶܕܪ̈ܰܝ ܡܰܘܬܳܐ ܐܰܝܠܶܠܘ ܥܪܰܩܘ܆ ܘܫܰܠܺܝܛ ܚܶܫܟܳܐ ܒܢܽܘܪܳܐ ܢܦܰܠ. ܡܕܺܝܢ̱ܬܳܐ ܕܡܰܘܬܳܐ ܐܶܫܬܰܝܢܰܬ݀܆ ܒܚܰܝܰܬ ܡܺܝ̈ܬܶܐ ܕܒܳܗ̇ ܐܰܨܡܚܰܬ݀»(ܡܳܪܝ ܐܰܦܪܶܝܡ܆ ܣܽܘܓܺܝܬܳܐ ܕܥܰܠ ܡܰܘܬܳܐ ܘܣܳܛܳܢܳܐ). وترجمته: “النور أشرق في الظلمة، فاستأصل ضياؤُه العظيمُ الموتَ. الجالسون في الهاوية صفّقوا بالأكفّ لصوت القيامة الذي دعاهم. ناحت زمرة الموت وفرّت هاربةً، وسقط أمير الظلام في النار. وأضحت مدينة الموت آمنةً بالقيامة التي أشرقت فيها” (مار أفرام، على الموت والشيطان).

6. صدى العيد في عالمنا اليوم

في عيد القيامة، نجدّد التزامنا بالقيم المسيحية بكلّ أبعادها، لأنّ فادينا يسوع القائم منتصراً على الخطيئة وثمرتها الموت، هو منبع المحبّة وأمير السلام، وهو وحده قادرٌ أن يجمع الأفراد والمجتمعات المتنوّعة في ثقافة المحبّة وسبل الاحترام المتبادل. كم نحتاج إلى السلام الذي أمّن به الفادي تلاميذه الخائفين، كي يُنهي النزاعات المسلّحة والحروب التي ما فتئت تفتك بدول شرقنا المسيحي وتهجّر أولادنا منه، حتّى يكاد هذا الشرق يخلو من شعبه المسيحي الذي هو في أساس تكوينه.

في وطننا الحبيب لبنان، نتابع التحرّك الرسمي على صعيد محاربة الفساد وإيقاف هدر المال العام وضبط الإنفاق في الإدارات والمؤسّسات العامّة، ونطالب المسؤولين من وزراء ونوّاب بمعالجة جذرية شفّافة وشاملة، تبدأ من القمّة إلى القاعدة. كما نلاحظ تدنّي القيم الأخلاقية وتفشّي السرقات وتهافُت الشبيبة على المخدّرات، وتفاقُم التلوّث البيئي، وما من حسيب أو رقيب. وكم يؤلمنا عدم البدء بتطبيق الإصلاحات التي طالب بها المجتمع الدولي الحريص على مصلحة لبنان واقتصاده أكثر من السلطات السياسية فيه، لأنها غارقةٌ في حساباتها الضيّقة ومصالحها الخاصّة على حساب المواطنين وحاجاتهم الملحّة. فها قد مرّت سنة كاملة على انعقاد مؤتمر باريس المعروف بـ CEDRE، والذي أقرّ سلسلة قروض وهبات دعماً للبنان واقتصاده. كلّ هذا فضلاً عن عدم إقرار موازنة عام 2019 والكثير من التشريعات التي تعني المواطنين في لقمة عيشهم وحياتهم اليومية. ولا يمكننا أن نغفل أزمة النازحين السوريين الذين يقارب عددهم نصف عدد سكّان البلد، وإنّنا إذ نشكر الدولة اللبنانية لاستقبالها واستضافتها النازحين واللاجئين، رغم المصاعب الإقتصادية التي يعاني منها لبنان، نشدّد على ضرورة عودتهم إلى أرضهم ووطنهم من أجل المحافظة على كرامتهم الإنسانية وحقوقهم المدنية وعلى حضارتهم وثقافتهم، من دون ربط تلك العودة بالحلّ السياسي في سوريا. وفيما نجد في لبنان بارقة أملٍ لسائر مسيحيي الشرق، نُصاب بالخيبة لتصنيف ستّ عائلاتٍ روحيةٍ فيه بالأقلّيات، وتهميش حضورها وتمثيلها السياسي في البرلمان والحكومة والإدارات الرسمية والمؤسّسات العامّة والأسلاك القضائية والعسكرية. وبين هذه العائلات أبناء كنيستنا السريانية، الذين كادوا أن ييأسوا من الحصول على حقوقهم المدنية أسوةً بالطوائف الأخرى، دون أيّ تمييز أو تهميش إو إقصاء، وهم الذين قدّموا التضحيات الجسام وآلاف الشهداء دفاعاً عن لبنان وطنهم.

أما سوريا الغالية، إنّنا نحمد الله على عودة الهدوء والاستقرار إلى الغالبية العظمى من محافظاتها ومدنها، لكنّنا نتألّم لما تعانيه من أزمةٍ اقتصاديةٍ تزداد سوءاً. ففيما نثمّن الجهود التي تقوم بها السلطات الرسمية ومؤسّسات المجتمع العامّة والخاصّة لإعادة سوريا إلى سابق عهدها من التطوّر والإزدهار، نحثّ أبناءنا وبناتنا مع جميع الخيّرين من أبناء الوطن، على العمل يداً بيد في سبيل متابعة العمل لبناء سوريا، ونشجّع من يستطيع ممّن أُرغِموا على ترك الوطن للعودة إليه والمساهمة بفعالية في نهوضه، مغلّبين مصلحة البلاد العليا ومخلصين لها، فتنمو وترتقي مستعيدةً مكانتها بين دول المنطقة.

والعراق العزيز، حيث بدأ أبناؤنا بالعودة إلى أرضهم في قرى وبلدات سهل نينوى بعد تحريرها من قبضة الإرهابيين والتكفيريين، مؤكّدين دور المسيحيين وتأصُّلهم في بلاد الرافدين، فإنّنا ندعو المسؤولين في الدولة العراقية أن يعوا مسؤوليّاتهم الجسيمة في توفير الأمن والأمان والحماية لجميع المواطنين لأيّ مكوِّنٍ انتموا، وقد ارتضوا جميعاً العيش في كنف دولةٍ واحدةٍ تَعِدُ باحترام خصوصيات كلٍّ منهم والحفاظ عليها رغم الصعوبات والتحدّيات. كما نحثّ من يستطيع من أبنائنا المغتربين جرّاء الإقتلاع من أرض الآباء والأجداد، للعودة إلى الوطن ومتابعة الشهادة لإنجيل المحبّة والسلام.

أمّا الأردن، فإنّنا لا نزال نتابع إجراءات الإستحصال على الإعتراف الرسمي بطائفتنا ككيان ديني مستقلّ في المملكة الأردنية الهاشمية، لما يمثّل ذلك من تحفيزٍ لدور كنيستنا في المملكة على جميع الأصعدة الروحية والثقافية والإجتماعية. ولا ننسى أن نثني على رعاية المسؤولين في المملكة للمهجَّرين والنازحين القادمين إليها من سوريا والعراق.

وإننا نتّجه بأفكارنا إلى القدس والأراضي المقدسة، ونصلّي كي تكون قيامة الرب علامة انتصارٍ لمنطق السلام والرحمة وقبول الآخر على منطق الحرب والحقد والإلغاء. ونجدّد رفضنا كلّ ما يعرّض مساعي إحلال السلام إلى الخطر لتحقيق أطماعٍ ومآرب عنصرية، في زمنٍ نحن أحوج ما نكون فيه لمسؤولين معتدلين واعين، يحافظون على حقوق الشعوب والمقدَّسات الدينية للأديان التوحيدية الثلاث.

أمّا مصر، فإنّنا نعرب عن دعمنا لإخوتنا وأبنائنا المسيحيين في هذا البلد، متضامنين معهم في مواجهة ما يعانونه من عنف وتهديد وإرهاب، ومثمّنين ما يتّخذه الرئيس والحكومة المصرية من مواقف وما يقومون به من أعمال بهدف التصدّي للتطرّف وأعمال التكفير، وتأثير ذلك على ترسيخ دعائم العيش المشترك في هذا البلد.

ونتوجّه إلى أبنائنا وبناتنا في بلاد الإنتشار، في أوروبا وأميركا وأستراليا، ونحثّهم جميعاً على التمسّك بالإيمان بالرب يسوع، والإفتخار بكنيستهم وأوطانهم والإخلاص لها أينما كانوا في العالم. كما إنّنا نوصيهم بتربية أولادهم على محبّة الله والكنيسة والوطن، محافظين على تراثٍ أودعه إيّاهم آباؤهم وأجدادهم في بلاد نشأتهم في الشرق، فيكونوا على الدوام شهوداً للمسيح القائم من بين الأموات أينما حلّوا.

وكما في كلّ رسائلنا ومواقفنا السابقة، نعود ونكرّر مطالبتنا بالإفراج عن جميع المخطوفين، وبخاصة مطراني حلب بولس اليازجي ومار غريغوريوس يوحنّا ابراهيم اللذين أنهيا العام السادس ولا أحد يعرف شيئاً عن مصيرهما، وكذلك سائر المفقودين من كهنة وعلمانيين. ونتضرّع إلى المخلّص المنتصر على الموت أن يرحم جميع الشهداء، ويهب الجرحى والمصابين الشفاء العاجل، ويمنح العزاء لكلّ من فُجِعَ بفقد عزيز. ونتوجّه بعواطف المحبّة إلى أبنائنا وبناتنا الذين يكابدون آلام الإقتلاع والنزوح والهجرة، من العراق وسوريا، إلى لبنان والأردن وتركيا، وإلى ما وراء البحار والمحيطات. كما نعبّر عن مشاركتنا في معاناة المعوَزين والمهمَّشين والمستضعَفين، وكلّ العائلات التي يغيب عنها فرح العيد بسبب فقدان أحد أفرادها، سائلين للجميع فيض النِّعَم والبركات والتعزيات السماوية.

7. خاتمة

أيّها المسيح القائم من بين الأموات، هبنا أن نعود إليك بتوبةٍ صادقةٍ، فنعلن البشرى السارّة مع النساء اللواتي ذهبنَ باكراً إلى قبرك، ونتعزّى ونفرح مع الرسل الذين حملوا بشارة قيامتك المجيدة إلى العالم، بقلبٍ متجدّدٍ ملؤه السلام والرحمة. لقد مجَّدتَ الآب بمحبّتك التي بلغت ذروتها على صليب الفداء، فمجّدَك الآبُ بالقيامة والانتصار على الخطيئة والموت. أَشرِكْنا في نعمة محبّتك، لنعيش وصيّة المحبّة الجديدة بكمال الإيمان والرجاء. فلنسمح للروح القدس أن يقود حياتنا، مستنيرين بضياء فجر قيامتك، فتتحرّك خطواتنا بثقةٍ نحوك. وليُحوِّل حنانك ومحبّتك نبض قلبنا الضعيف خفّاقاً بخلاصك وتبريرك. وفي الختام، نمنحكم أيّها الإخوة والأبناء والبنات الروحيون الأعزّاء، بركتنا الرسولية عربون محبّتنا الأبوية. ولتشملكم جميعاً نعمة الثالوث الأقدس وبركته: الآب والإبن والروح القدس، الإله الواحد، آمين.
كلّ عام وأنتم بألف خير.

المسيح قام من بين الأموات… حقّاً قام

نقلا عن موقع أبونا