رسالة قداسة البابا فرنسيس بمناسبة الذكرى الخمسين لإصدار الرتبة الطقسية لتكريس العذارى
31 مايو / أيار 2020
أخواتي العزيزات!
تجد طريقة عيشكنّ أصلها الأوّل في الرتبة الطقسية، ويقوم شكلها القانوني على القانون رقم 604 من مجموعة قوانين الحق القانوني الكنسي واعتبارًا من 2018، على التعليمات حول جمعية العذارى صورة الكنيسة العروس. تبرز دعوتكنّ الغنى المتنوّع الذي لا ينضب لمواهب روح القائم من الموت الذي يجدّد كلّ شيء (را. رؤ 21، 5). وهي في الوقت عينه علامة رجاء: إنّ أمانة الله الآب ما زالت حتى اليوم تضع في قلوب بعض النساء الرغبة في التكرّس للربّ عبر بتوليّة يعشنها في بيئتهنّ الاجتماعية والثقافية المعتادة، المتجذّرة في كنيسة خاصّة، وفي شكل من أشكال الحياة القديمة وهي في الوقت عينه جديدة وحديثة.
لقد عمّقتنّ، برفقة الأساقفة، خصوصيّة شكل حياتكنّ المكرّسة، واختبرتنّ أن التكريس يجعل منكنّ في الكنيسة جمعية من النساء المؤمنات. تابِعنَ في هذا الطريق، وتعاونّ مع الأساقفة حتى تكون هناك مسارات جادّة من تمييز للدعوات ومن التنشئة الأساسيّة والمستمرّة. إنّ هبة دعوتكنّ في الواقع، تظهر في سيمفونية الكنيسة، التي تتعلّم الكثير عندما ترى فيكنّ نساء قادرات على عيش عطية الأخوّة.
2. بعد خمسين سنة من تجديد الرتبة الطقسية، أودّ أن أقول لكنّ: لا تطفئن نبوءة دعوتكنّ! لقد دعيتنّ، ليس بفضل جدارتكنّ، إنما بفضل رحمة الله، كيما تجعلن يشعّ في حياتكنّ وجه الكنيسة، عروس المسيح، التي هي عذراء لأنها، بالرغم من كونها مكوّنة من خطأة، تحافظ على استقامة الإيمان، وتحمِل وتربّي إنسانية جديدة.
مع الروح ومع الكنيسة بأسرها ومع كلّ مَن يصغي للكلمة، أنتنّ مدعوّات لتسليم ذواتكنّ للمسيح ولأن تقلن له: “تعال!” (رؤ 22، 17)، حتى تحافظن على القوّة التي تنبع من جوابه: “أَجَل، إِنِّي آت ٍعلى عَجَل!” (رؤ 22، 20). تمثل زيارة العريس هذه آفاق مسيرتكنّ الكنسية، وهدفكنّ، والوعد الذي يجب أن تقبلنه كلّ يوم. بهذه الطريقة “يمكنكنّ أن تكنّ نجومًا تقدن مسار العالم” (بندكتس السادس عشر، كلمة البابا للمشتركين في مؤتمر جمعية العذارى، 15 مايو/أيار 2008).
أدعوكنّ إلى قراءة نصوص الرتبة الطقسية والتأمّل بها، حيث يتردّد معنى دعوتكنّ: أنتنّ مدعوّات لأن تختبرن وتشهدن أنّ الله أحبّنا أوّلًا في ابنه، وأنّ حبّه للجميع، وأنه قادر على تحويل الخطأة إلى قدّيسين. في الواقع، “أَحَبَّ المسيحُ الكَنيسة وجادَ بِنَفسِه مِن أَجْلِها، لِيُقدَسَها مُطهِّرًا إِيَّاها بِغُسلِ الماءِ وكَلِمَةٍ تَصحَبُه” (أف 5، 25- 26). وسوف تظهر حياتكنّ التوقَ الأخروي الذي يحرّك الخليقة بأكملها، والذي يحفّز التاريخ بأسره، ويأتي من دعوة القائم من الموت: “انهضي، يا جميلتي، وهلمّي!” (را. نشيد الأناشيد 2، 10؛ أوريجانوس، عظات حول نشيد الأناشيد، المجلد القاني، عدد 12).
3. أمّا العظة التي تقترحها رتبة طقوس التكريس فتحفّزكن على أن “تُحبِبنَ الجميع وتُفضِلنَ الفقراء” (رقم 29). بالتكرّس تصبحن خاصّة الله دون أن تكنّ غريبات عن البيئة التي تعشن فيها والتي دعيتن إلى تقديم شهادتكن فيها بأسلوب التقارب الإنجيلي (را. صورة الكنيسة العروس، 37- 38). عبر هذا القرب من رجال ونساء اليوم، ليساعد تكريسكن البتولي الكنيسةَ على حبّ الفقراء، وتمييز الفقر المادّي والروحي، وإعانة الأشخاص الأكثر هشاشة وضعفًا، والذين يعانون من أمراض جسديّة ونفسيّة، الصغار والمسنّين، والمُعرّضين للاستبعاد كالفضلات.
كنّ نساء الرحمة وخبيرات في الإنسانية. نساء تؤمنّ “بقوّة الحنان والعطف الثوريّة” (الإرشاد الرسولي فرح الإنجيل، 288). تعلّمنا الجائحةُ أنه قد “حان الوقت لإزالة عدم المساواة، ومعالجة الظلم الذي يقوض جذور سلامة البشرية جمعاء!” (عظة البابا خلال القداس الإلهي بمناسبة أحد الرحمة، 19 أبريل / نيسان 2020). إنّ ما يحدث في العالم يهزكنّ: لا تغمضن أعينكنّ ولا تهربن. اعبرن الألم والمعاناة بكلّ لطف. وثابرن في إعلان إنجيل ملء الحياة للجميع.
إنّ صلاة التكريس، التي تلتمس لكنّ هبات الروح المتعدّدة الأشكال، تطلب منكنّ أن تعشن بحرّية عفيفة (رتبة طقس تكريس العذارى، 38). لتكن هذه طريقتكنّ في إقامة العلاقات مع الآخرين، كي تكنّ علامة على الحبّ الزوجي الذي يجمع المسيح بالكنيسة، الأمّ العذراء، والأخت، وصديقة البشرية. ومن خلال لطفكنّ (را. فل 4، 5)، انسجن خيوط علاقات حقيقية، تنقذ أحياء مدننا من العزلة والمجهولية. كنّ قادرات على الصراحة، ولكن ابتعدن عن الثرثرة والنميمة. تمتّعن بحكمة المحبّة وبراعتها ونفوذها، حتى تقاومن الغطرسة وتتجنّبن إساءة استخدام السلطة.
4. بمناسبة عيد العنصرة، أودّ أن أبارك كلّ واحدة منكنّ، وكذلك النساء اللواتي يتحضّرن لنوال هذا التكريس وجميع اللواتي سينلنه في المستقبل. “لقد مُنِحَ الروحُ المعزّي للكنيسة كمبدأ لا ينضب من فرحها كعروس للمسيح المُمجد” (القدّيس البابا بولس السادس، الإرشاد الرسولي افرحوا بالربّ، 41). وكعلامة على الكنيسة العروس، عسى أن تكنّ دومًا نساء فرحات، على غرار مريم الناصرية، امرأة نشيد التعظيم، وأمّ الإنجيل الحيّ.
أعطي في روما، قرب القدّيس يوحنا اللاتيراني، 31 مايو/أيار 2020، يوم عيد العنصرة.
فرنسيس