رفض السامرة ليسوع – الأب وليم سيدهم
رفض السامرة ليسوع
ماذا ننتظر أكثر من هذا؟ السامريون بعد أن علموا أن يسوع وتلاميذه سيتوجهون إلى أورشليم قطعوا الطرق المؤدية إلى أورشليم وطردوا تلاميذ يسوع الذين ذهبوا يعدون الطريق بناء على رغبة يسوع.
ما هو الموقف الإنجيلي ممن يقطعون الطريق، أى طريق أمام تأدية مهامنا ورسالتنا؟ كان رد فعل يوحنا ويعقوب ناريًا. فمن هؤلاء الذين يقفون أمام إرادة يسوع المسيح ملك المجد وملك السلام؟ في لحظة متهورة يقول الإنجيل أن يوحنا ويعقوب تمنوا أن تنزل نارًا على السامرة فتحرقها جزاء هذا الموقف المتعنت وذهب إلى يسوع فعلًا وطلب منه أن ينزل نارًا من السماء فتحرق الأخضر واليابس في السامرة.
وماذا كان رد فعل يسوع “المخلص”؟ إنه انتهر الأخوين وهدأ من غضبهما “فَمَضَوْا إِلَى قَرْيَةٍ أُخْرَى.” (لو 9: 56) هذا هو رد فعل يسوع. عدم الوقوع فريسة إلى رد الفعل ومقابلة الإساءة بالإساءة. إن الوصول إلى أورشليم يمكن أن يتم من خلال طريق آخر خلال قرية أخرى. فهل نسمي ذلك هروب أم نسميه خوف أم نسميه تفريط في الحقوق. لا هذا ولا ذاك إنما لجأ يسوع إلى التتهدئة، إلى الصبر إلى التريث، ألم يقل يسوع: “أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ”(متى 5 : 44) وكيف تتم محبة الإعداء إذ لم يجد يسوع وسيلة لحقن الدماء والبعد عن العناد والتصعيد، إن موقف يسوع كان متفهمًا لدوافع السامريين في رفض مروره بمدينتهم. إن علاج هذا الموقف لا يتم بالتعامل معه بشكل جزئي، فالقضية أعظم من ذلك. إن تجاوز العداوة بين السامريين واليهود لن تتم إلا من خلال الصليب والقيامة. فهو يحمل على ظهره الموقف العدائي للسامريين.
لكن الإنجيل يعطينا مشهدين من أعظم المشاهد في العهد الجديد حيث نرى السامرة أكثر إيجابية لا بل في أحد النصوص يصبح البطل فيها سامري وليس يهودي وهو قتل السامرى الصالح. الذي تجاوز العداوة إلى المصالحة الفعلية وإرتقى إلى مقام الإنسان المثالي في نظر يسوع.
فهو على عكس اللاوي ينزل عن دابته ويضمد جروح الذي وقع بين اللصوص ويحمله ويذهب به إلى الفندق ويأمر صاحب الفندق أن “يعتني بأمره”.
والمشهد الثاني هو مشهد الحوار مع السامرية عند البشر وفيه يمتص يسوع غضب السامرية “فَقَالَتْ لَهُ الْمَرْأَةُ السَّامِرِيَّةُ: «كَيْفَ تَطْلُبُ مِنِّي لِتَشْرَبَ، وَأَنْتَ يَهُودِيٌّ وَأَنَا امْرَأَةٌ سَامِرِيَّةٌ؟» لأَنَّ الْيَهُودَ لاَ يُعَامِلُونَ السَّامِرِيِّينَ.” (يو 4: 9) فتتحول المرأة السامرية إلى مبشرة بالمسيح.
إننا نتصرف أحيانًا وكأننا سلاطين هذا العالم وننسى أننا مثل غيرنا مجرد حلقة في سلسلة طويلة من الشهود كل أمنيتنا أن نسير على هُدى تعاليم السيد المسيح ونقتدى بتواضعه وصبره وحنانه نحو إخوتنا البشر، حتى المعارضين لنا ومن يتهموننا ربما زورًا بما ليس فينا.