طقس سر المعمودية – الأب يوسف أقلاديوس
مقدمة
تمثّل الأسرار السبعة في الكنيسة الكاثوليكية، منبع حياة الإيمان، أو الحياة الجديدة بالمسيح. والأسرار السبعة هي:
المعمودية- التثبيت- الإفخارستيا- المصالحة- مسحة المرضى- الدرجة- الزواج.
إن هذه الأسرار بمثابة علامات منظورة وحسيّة تدل على سرّ المسيح وتحتويه، وغايتها تقديس البشر.
في اللاهوت المسيحي نوعان من السرّ وإن كنّا في اللغة العربية نعبّر عنهما بالكلمة عينها:
1- السر (Mystére/ Mystery): هو كل حقيقة عظمى لا نقدر بعقلنا البشري أن ندرك جوهرها أو أن نحيط بها إحاطة كاملة. وفي اللاهوت المسيحي ندرك ما ندركه من السر الإلهي بالوحي، أي بما يكشفه الله لنا عن ذاته. ونحن نعتبر أن يسوع المسيح كلمة الله المتجسّد هو كمال الوحي الذي به نعرف الآب وننال الروح القدس.
2- السر (Sacrement/ Sacrament): هو أيضًا كل علامة حسية للنعمة الإلهية التي تعتبر في اللاهوت المسيحي من عمل الروح القدس الذي يجعل حياة الرب يسوع مستمرة في حياتنا، ويقدّسنا ويوحّدنا وينمّي فينا الشركة في الحياة الإلهية.
سر المعمودية:
المعمودية: هذا السرّ هو باب دخول الكنيسة، ويمثّل قبول الإنسان الإيماني بالمسيح وبالخلاص الذي حقّقه. تُمنح المعمودية عن طريق تغطيس طالب العماد في حوض ماء (جرن المعمودية) أو عن طريق سكب الماء على رأس طالب العماد (تبعًا لتقليد كل كنيسة)، باسم الله “الآب والابن والروح القدس”. ويعني هذا العمل موت الإنسان عن حياته الماضية وما فيها من خطيئة، ومشاركة المسيح في موته وقيامته، فيحيا حياة جديدة، حياة النعمة الإلهية، في وسط جماعة المؤمنين.
الرموز الدالة على سرّ المعمودية
1- الختان عند موسى
2- سفينة نوح التي ارتفعت فوق المياه وخلّصت نوح وعائلته من الطوفان، فإن العماد ينجينا من طوفان الخطيئة (1بط20:3-21).
3- اجتياز البحر الأحمر: إذ خلّص العبرانيين من انتقام فرعون، هكذا العماد خلّصنا من نقمة إبليس (1كو 1:10-2).
4- الماء الذي خرج من الصخرة بأمر موسى (1كو4:10).
5- غسل نعمان السرياني في نهر الأردن فتخلّص من البرص، فإننا بماء العماد نتطهر من خطايانا (4مل 14:5).
6- بركة بيت حسدا: التي كان يُشفى أول من يلقي فيها نفسه بعد تحريك مائها من الملاك (يو2:5).
7- التفسيرات المختلفة التي كانت واسطة لإرجاع القداسة الناموسية (أحبار 7:14، العدد 21:31-24، أش 16:1، حز 24:36-30).
أنواع المعمودية:
1- معمودية الماء: وهي المعمودية العادية، العماد الطقسي والرسمي.
2- معمودية الشوق: وهي معمودية الصدق، هذا العماد لا يتطلب أية معرفة واضحة بيسوع المسيح أو بالكنيسة أو بعماد الماء. إنه عماد الروح الذي يهبّ حيث يشاء ويوحي للإنسان أن يبدأ بعيش إرادة طيبة. إنّه يخصّ كل الذين لا يرفضون ما يعطيهم الربّ من أنوار. إذًا عماد الشوق هو غير الشوق للعماد، لأن البشرية التي لم يصلها الإنجيل لا تعرف العماد. ولكن يغطس جميع هؤلاء الناس في حدث الخلاص، أي لكي يتعمدوا بالشوق يكفيهم الضمير ، أي أن يعيشوا بحسب إلهامات الرب في ضميرهم.
3- معمودية الدم: أي الاستشهاد. هذه هي المعمودية المسيحية التي عاشها المسيح في آلامه “عليّ أن أقبل معمودية الآلام وما أضيق صدري حتى تتم” (لو50:12).
طقس سر المعمودية
الاستعداد للعماد:
1- استعداد فردي بالتوبة وهي تجديد للعماد
2- القراءة للتعرّف على كلام الله
3- الصلاة الجماعية لخلق المناخ الملائم للمناسبة
4- تحضير الرتبة وفهم أقسامها وأهم محتوياتها
5- تعلّم رموز العماد: المياه وجرن المعمودية، الزيت والميرون
6- جماعات تحضير العماد من علمانيين يقرأون ويتثقفون حول الموضوع
7- الاحتفالات الخارجية تكون من بعد الاحتفال الأساسي للتعبير عنه
8- خلق رموز للدلالة على التجدّد على حضور الروح، على الاشتراك بحياة الكنيسة (ديكور، الزينة، الهدايا…).
الطقوس السابقة للاحتفال بسرّ المعمودية:
1- صلاة الشكر
2- قراءة (أفسس1:4-6)
3- آجيوس (قدوس الله)
4- صلاة الاستعداد للإنجيل- المزمور (1:8-2)- الإنجيل (لو57:1-80)
5- صلاة بركة الزيت
6- صلاة لأجل الأم
7- صلاة لأجل المولود
8- صلاة لتسجيل الاسم
9- صلاة الختام
الاحتفال بسر المعمودية:
أولاً: صلاة الاستعداد
1- صلاة الشكر
2- القراءات (غل26:3-28)
3- آجيوس (قدوس الله)
4- صلاة الاستعداد للإنجيل- المزمور (12:51)- الإنجيل (مت16:28-20)
5- صلاة لأجل الأم
6- وضع اليد
7- جحد الشيطان: المراد هو طرح جميع الخطايا والشرور والابتعاد عنها ورفض العبودية لسلطان الظلمة- أي إبليس- اتباع المسيح والسير في طريقه والسلوك بحسب شريعته كما يليق بأبناء الله.
8- إعلان الإيمان
9- الدهن بالزيت
10- صلاة البركة
البعد القانوني للسرّ:
خادم السر:
يعتبر الكاهن هو الشخص المألوف لمنح سر العماد. والمقصود بالكاهن هو الأب الراعي. وفي ظروف خاصّة يستطيع الرئيس الإقليمي أو الأب الراعي أن يفوّض كاهنًا آخر لمنح السرّ (ق677).
وتجدر الإشارة أنه حيث تقتضي الضرورة القصوى منح العماد لشخص ما. يجب أن يراعي لصحة السر، الشكل القانوني لممارسته بمعنى أنه يقوم شخص بعماد آخر حسب معتقد الكنيسة (ق676).
ويستطيع الشماس الإنجيلي، في نفس الظروف الملّحة، منح العماد لطالبه، أو أن يقوم بهذا إكليريكي آخر، أو عضو من أي جماعة رهبانية، أو أحد المؤمنين، أو الأب أو الأم (ق677).
إذا حدث وطلب شخص العماد وهو تابع لكنيسة لا تتمتع بولاية في المكان الذي يقيم فيه، في هذه الحالة يطلب الراعي من الراعي الآخر التابع لطقس آخر الولاية حتى يقوم بمنح العماد للشخص التابع له.
ولتوضيح ذلك نقول: شخص قبطي كاثوليكي يطلب العماد من كاهن قبطي كاثوليكي، فلا يجوز لهذا الأخير أن يمنح العماد، إذا كان في مكان خاضع للطقس الماروني مثلاً، قبل الحصول على تصريح بذلك (ق678).
قابل السر:
يقبل سر العماد كل شخ غير معمّد فقط (ق679) كما في حالة وجود جنين حي، يُستطاع منحه العماد (ق680). ولقد حدّد المشرّع بعض الشروط التي يجب توافرها حتى ينال طفل سر العماد:
1- أن يكون هناك أمل في أن يُربى على ضوء إيمان الكنيسة الكاثوليكية.
2- أن يرضي الوالدين أو أحدهما أو من ينوب عنهما.
3- الطفل اللقيط يصح عماده إذا بلغ سن الرشد.
4- يجوز عماد ابن غير الكاثوليكي إذا وجد هذا الأخير مشقة طبيعية أو أدبية للوصول إلى خادم خاص تابع له (ق681).
إن الكنيسة لتولي اهتمامًا خاصًا لدور الوالدين في منح سرّ العماد وذلك بسبب المسئولية الواقعة على عاتقهم تجاه الحياة الطبيعية وفائقة الطبيعة لأبنائهم والعمل على خلاصهم. ويلاحظ أن المشرّع، مدفوعًا بمبدأ الخلاص للجميع، يتيح فرصة لغير الكاثوليك أن يعمدوا أبناءهم إذا تواجدوا في ظروف قد تعوقهم الوصول إلى راعيهم. يوصي المشرّع أيضًا أن يمنح سرّ العماد حسب الكتب الطقسية المعتمدة من الكنيسة (ق683).
الأشبين: كلمة سريانية كلدانية معناها الحارس أو الوصي أو القيّم الذي عليه حراسة تلك النفس المعتمدة من الخروج عن الإيمان المسيحي والاعتناء بها إلى بلوغه سن الرشد.
للإشبين دور هام للشخص الذي يريد قبول سر العماد لذلك حدّد المشرّع لصحة هذا الدور بعض المتطلبات:
1- أن يكون الإشبين مُنح أسرار العماد والميرون والإفخارستيا.
2- أن يكون كاثوليكيًا.
3- تكون لديه النيّة للقيام بهذا الواجب.
4- أن يُعيّن من قبل طالب العماد، أو من ينوب عنه، أو من الوالدين، أو من الخادم.
5- لا يجب أن يكون والد أو أم المعمّد.
6- لا يجب أن يكون صدر في حقه أحكام او عقوبات كنسية.
7- أن يكون سنه ملائمًا للقيام بهذا الدور حسب ما يحدّده الشرع الخاص.
8- يجوز اختيار مؤمن غير كاثوليكي تابع للكنيسة الشرقية، ولكن دائمًا مع الإشبين الكاثوليكي (ق685).
ويكمن دور الإشبين في أنه يصاحب المعمّد أثناء منحه السر كما أنه يعمل على نمو الحياة المسيحية فيه، موجههًا إياه لما يتطلبه العماد من حقوق وواجبات في الكنيسة التي ينتمي إليها (ق684).
ولا يفوتنا أن نقول إن على الوالدين واجبًا ثقيلاً في أن يعمدوا أبناءهم في أقرب فرصة ولا يهملوا ذلك (ق686).
كما أنه يجب على الراعي، أن يحث المؤمنين حتى يدركوا معنى العماد المقدس والمسئولية الواقعة عليهم، سواء كانوا آباء أم شابين. ويجب أن تسبق مراسيم منح السر استعدادات لمعرفة مقدار الحياة الجديدة في المسيح (ق686).
لا يهملن الرعاة تسجيل أسماء المعمدين الجدد، ذاكرين أسماء الأب المعمّد، الوالدين، الأشابين، مكان وزمان منح السر (ق689).
إذا عمد شخص خارج رعيته، وجب على راعي المكان الذي منح العماد، أن يرسل إلى راعي المعمّد بيانات توضّح ما سبق ذكره (690). بسر الإفخارستيا.