stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

البابا والكنيسة في العالم

عظة الكاردينال سيميرارو في إعلان تطويب خادم الله سيمونيه كاردون ورفاقه

463views

نقلا عن الفاتيكان نيوز

17 أبريل 2021

كتب : فتحي ميلاد – المكتب الأعلامي الكاثوليكي بمصر .

“إنَّ الحياة الروحية الكاملة تكمن في معرفة محبّة الله اللامتناهية وكذلك في معرفة ضعفنا” هذا ما قاله الكاردينال مارتشيلو سيميرارو في عظته مترئسًا القداس الإلهي في إعلان تطويب خادم الله سيمونيه كاردون ورفاقه

ترأس عميد مجمع دعاوى القديسين الكاردينال مارتشيلو سيميرارو يوم السبت القداس الإلهي في دير كازاماري في فروزينوني في إعلان تطويب خادم الله سيمونيه كاردون ورفاقه وللمناسبة ألقى الكاردينال سيميرارو عظة قال فيها “لا تخافوا”. إنه التشجيع الذي وجهه يسوع يومًا لتلاميذه والذي يوجهه اليوم إلينا. وقد سمعناه اليوم مرّتين في إعلان الإنجيل. إنه تشجيع يعطينا الرب إياه ليس بالكلمات فحسب، وإنما أكثر بمثاله. وهكذا، في الواقع، كان يعظ القديس أوغسطينوس: “تدخل الرب لإزالة كل خوف من قلوبهم بالكلمة قائلاً: لا تخافوا من الذين يقتلون الجسد، ولكنّهم لا يستطيعون أن يقتلوا الروح. وقد فعل ذلك، أيضًا بمثاله، حيث طبق نفسه أولاً ما أمر به بالكلمة.

تابع عميد مجمع دعاوى القديسين يقول من وجهة نظر تاريخية، الاستشهاد الذي عانى منه طوباويُّونا هو بعيد في الزمن، لكن هذا لا يجعله أقل آنيّة. لقد كانوا رجالاً هشين وخائفين: ضعفاء، كما نحن جميعًا وكما تُظهر هذه المرحلة من الوباء. في أحد الشعانين الماضي، قال البابا فرنسيس: “لقد شعرنا العام الماضي بصدمة كبيرة”، وأضاف “أما هذا العام فنحن مُمتحنين بشكل أكبر”. كذلك طوباويونا الشهداء لم يكونوا “محاربين” على الصعيد البشري. لقد كانوا ضعفاء وخائفين. ونعلم من تاريخهم أنّه، تحسباً لما كان سيحدث وخوفاً على حياته، فر رئيس الدير إلى باليرمو إلى قصر عائلة بوربوني ثم، بعد استقبالهم، بدأ الجنود الفرنسيين الهاربين من نابولي يصبحون أكثر عنفًا، فهرب الرهبان الآخرون أيضًا، أو اختبأوا في الحدائق. كذلك حاول رئيس الدير سيمونيه كاردون في البداية أن يختبئ في حديقة الدير، ولكن بعد أن فكّر في ما كان الإخوة يتعرّضون له تشجّع وقرر العودة إلى الدير.

أضاف الكاردينال مارتشيلو سيميرارو يقول من الناحية الإنسانية، لم يكن هؤلاء الشهداء أبطالَ “قصص مصورة”، وإنما أناس عاديون. كانوا رجالاً خائفين، مثلنا جميعاً؛ في مجتمع يكاد يكون مهووسًا في البحث عن الأمن. ولكن من المفارقات أن هذا البحث، بدلاً من أن يقضي على الخوف، يكاد يكون حافزًا. كما كتب مؤلف مشهور، “نحن بشكل موضوعي أكثر الناس أمانًا في تاريخ البشرية” ومع ذلك يزداد خوفنا. حتى من وجهة نظر مسيحية، فإن حياتنا كمؤمنين لا تخلو أبدًا من النضال. هذا أمر غير موجود. في الواقع، لا وجود لحياة مسيحية سهلة. وتعليقًا على صفحة الإنجيل الذي سمعناه اليوم، يُحذر البابا فرنسيس من مفهوم “السائح” للحياة المسيحية ويذكرنا أيضًا أنه “لا توجد رسالة مسيحية تحت شعار السكينة! لأن الصعوبات والمحن تُشكّل جزءًا من عمل البشارة، ونحن مدعوون لنجد فيها فرصة للتحقق من صحة إيماننا وعلاقتنا بيسوع. وبالتالي علينا أن نعتبر هذه الصعوبات بمثابة إمكانية لكي نكون إرساليين بشكل أكبر وننمو في تلك الثقة في الله، أبينا، الذي لا يترك أبناءه في العاصفة.

تابع عميد مجمع دعاوى القديسين يقول تعلّمنا قصّة هذا الاستشهاد هذه الحقيقة. في إصغائنا للقراءة التي سمعناها من سفر الرؤيا قرأنا: “هؤُلاءِ اللاَّبِسونَ الحُلَلَ البَيضاء، مَن هم ومِن أَينَ أَتَوا؟ فقُلتُ لَه: “يا سَيِّدي، أَنتَ أَعلَم”. فقالَ لي: “هؤُلاءِ هُمُ الَّذينَ أَتَوا مِنَ الشَدَّةِ الكُبْرى، وقَد غَسَلوا حُلَلَهم وبَيَّضوها بِدَمِ الحَمَل”. لا يمكن لأحد منا أن يثابر في إتباع المسيح بدون ضيقة، وبدون نزاع، وبدون “جهاد روحي”. وفي رسائل القديس بولس نجد عددًا لا يحصى من النصوص التي يُقارن فيها الدعوة المسيحيّة بالنضال. وقبل أكثر من قرن من الاستشهاد الذي نتذكره اليوم، كتب مؤلف روحي عظيم أن “الحياة الروحية الحقيقية والكاملة” لا تقوم في تعذيب الجسد وأعمال التوبة الكثيرة، ولا في تكاثر الصلوات اللفظيّة والممارسات الخارجية، ولا في البقاء في سلام الدير، وصمت الجوقة، وفي العزلة التي ينظمها نظام ما … هذه بلا شك وسائل مهمة، لكن الحياة الروحية الكاملة تكمن في معرفة محبّة الله اللامتناهية وكذلك في معرفة ضعفنا، وإذ نقتنع في ذلك، في الدخول في جهاد روحي لكي نُمِيتَ رغباتنا وعواطفنا المضطربة لكي نتمِّم مشيئة الله دائمًا وفي كل شيء.

وبالتالي، أضاف الكاردينال مارتشيلو سيميرارو يقول، ومن وجهة النظر هذه تطلب منا كلمة الرب اليوم أن ننظر إلى شهادة الطوباويّين الجدد، وأن نتحلّى بالثقة في عنايته الأبوية. هو يعتني بنا. إنّه اليقين المعزّي الذي يجب أن يختلج قلوبنا أمام هذا الإعلان الذي سمعناه: “أَنتُم أَثمَنُ مِنَ العَصافيرِ جَميعاً!” ويشرح يسوع أَما يُباعُ عُصفورانِ بِفَلْس؟ ومعَ ذلِك لا يَسقُطُ واحِدٌ مِنهُما إِلى الأَرضِ بِغَيرِ عِلمِ أَبيكم، لكن أبانا ليس تاجرًا ولا ينظر إلينا بعين الاقتصاد أو الحساب أو القيمة التجارية … وبالتالي علينا أن نعرف أن نسهر. كما كان يحذر القديس أغناطيوس دي لويولا في كتابه الرياضة الروحية، لكي يشل حريتنا ويلهينا عن الله، غالبًا ما يضخِّم عدو الطبيعة مخاوفنا ولكن من خلال تقديم هشاشتنا بثقة إلى الله، نتعلم ألا نسمح للخوف بأن يخنقنا وإنما أن نسمح له بأن يحبّنا.

وختم عميد مجمع دعاوى القديسين الكاردينال مارتشيلو سيميرارو عظته بالقول من هنا يبدأ الإيمان، لذلك أود أن أختتم بالكلمات التي استخدمها البابا بندكتس السادس عشر في ختام إحدى تعاليمه: “هذا هو الإيمان: أن يحبنا الله وأن نسمح أن يحبّنا في المسيح يسوع. هذا هو السماح له بأن يحبنا هو النور الذي يساعدنا لكي نحمل أعباء كلَّ يوم. إنَّ القداسة ليست عملنا، ولكنها بالتحديد هذا “الانفتاح”: أن نفتح نوافذ روحنا لكي يدخل نور الله، وألا ننسى الله، لأنّنا في الانفتاح على نوره نجد قوّة وفرح المُفتَدين. لنصلِّ إلى الرب لكي يساعدنا في العثور على هذه القداسة، بأن نسمح لله بأن يحبّنا، وهذه هي دعوتنا جميعًا وهذا هو الفداء الحقيقي”.