علامة يونان – القدّيس يوحنّا الذهبيّ الفم
القدّيس يوحنّا الذهبيّ الفم (نحو 345 – 407)، أسقف أنطاكية ثمّ القسطنطينيّة ومعلِّم في الكنيسة
العظة رقم 4 عن الرسالة الأولى إلى أهل كورنتس
علامة يونان
لنَبكِ من أجل الوثنيّين الذين لا يفهمون الخلاص الذي يريد الله أن يمنحهم إيّاه… نعم، إنّ الزوج يحبّ زوجته أقلّ ممّا نحبّ نحن، كلّ البشر وكما نتوق لأن نرشد كلّ الناس إلى الخلاص. لنَبكِ وننتحبْ على غير المؤمنين هؤلاء، لأنّ “لُغَةَ الصَّليبِ حَماقةٌ” في نظرهم، بينما هي بالفعل “قُدرَةُ اللّهُ” (1كور 1: 18)…أنظرْ، أيّها الإنسان! لقد اتّخذ الرّب يسوع المسيح من أجلك صورة العبد (راجع فل 2: 7). من أجلكَ مات على الصليب، ومن أجلكَ قام. وأنت تقول إنّه من غير الممكن أن تؤمن بحبّ مماثل، وأن تعبد إلهًا مماثلاً، بينما هذا الملك فعل من أجلكَ، أنت عدّوه، ما لم يكن ليفعله من أجلكَ أب أو ابن أو صديق من بيننا…عندما أقول: “إلهي عُلِّق على الصليب”، يجيب الوثني: “لا يمكن للمنطق أن يقبل بذلك. لقد تألّم، وترك نفسه يُصلب؛ إذًا، ألم يكن يستطيع تخليص نفسه؟… إن لم يكن قادرًا على تخليص نفسه، فكيف يمكنه أن يخلّص الآخرين؟ (راجع مت 27: 42). كلّ هذا مناقض للمنطق”. هذا صحيح. الصليب هو سرّ يفوق العقل البشري، وعلامة قوّة تتخطّى إدراكنا… فبعد إلقاء العبرانيّين الثلاثة في أتون النار المتّقدة، تغلّبوا عليها (راجع دا 3)، وكان ذلك أكثر دهشة من عدم إلقائهم فيها. أن يبتلع الحوت يونان النبيّ، هذا أمر عادي؛ ولكن أن يبقى يونان حيًّا في بطن الحوت، فتلك هي المعجزة. هكذا، بالانتصار على الموت وفي صميم الموت عينه، برهن الرّب يسوع عن ألوهيّته أكثر ممّا كان ليبرهن عنها فيما لو رفض الموت