عناية الله العظيمة-الأخت ماري فرنسواز
عناية الله العظيمة
” تفتح يارب يدك فَتُشبعُ كل حيَّ ما يرضيه” (مز 145: 16)
يئن مجتمعنا المصري اليوم نتيجة الظروف، والأحداث في السنوات السابقة من عبء مشاكل كثيرة من أهمها الاقتصاد الهابط، والسياحة المتوقفة، وأزمة التعليم، والانقضاض على الأرض الزراعية، وتلوث البيئة والبطالة… فماذا يفعل الناس في بداية عام دراسي جديد؟ ولهم التزامات مع أولادهم في المدارس، وِمن أين لهم أن يسدوا احتياجاتهم اليومية؟ كثير من أشخاص كانوا ميسورين الحال بعد هذه الأزمات المتوالية على مصرنا أصبحوا غير قادرين على المعيشة فمنهم كان يعمل بالسياحة اصبح اليوم خالي عمل فلم يقدر أن يسدد مصاريف طفلين في المدارس الخاصة التي كانوا فيها. وعامل في مصنع اُغلق المصنع ولم يجد عمل كان مصير أربع فتيات له أن يودعهم ملجأ. وكم من الشباب يبحثوا عن عمل ليشقوا في طريقهم للحياة لم يجدوا، وشابات تريد أن تُكمل تجهيز شقتها لتبدأ حياتها فلم تقدر من غلو الأسعار..
نعم يارب أنت قريب منا، تسمع استغاثة الفقراء، تنظر إليك عيون الجميع، فترزق الخبز والطعام للجياع في حينه، يدك تسند الضعيف، وترفع كل إنسان منحني، لك القدرة أن تنصف المظلوم، وتفتح عيون العميان بنورك، تعين الأيتام والأرامل بعطفك، أنت قريب من الذين يدعونك بالحق. وتسهر على كل محبيك. “الرب يشفي المنكسري القلوب ويضمد جروحهم”(مز147: 3). قُلتَ ” تعالوا إلىَّ يا جميع المتعبين وثقالي الأحمال وأنا أريحكم نيري هين وحملي خفيف”. بثقة يارب نقدم لك كل الأشخاص المرهقين، المحتاجين أغمرهم بسخائك، أمنحنا أن نصدق كلمتك أنك تهتم حتى بطيور السماء التي لا تزرع، ولا تحصد، ولا تخزن، وأنت ترزقها، أما نحن البشر أولادك يا الله أفضل منها فأنت تعتني بنا، ولكن أحيانا قله إيماننا تجعلنا نتسأل: ” ماذا نأكل؟ وماذا نشرب؟ وماذا نلبس؟ فترد علينا أبوكم السماوي يعرف أنكم تحتاجون إلى هذا كله. فاطلبوا أولا ملكوت الله ومشيئته، فيزيدكم الله هذا كله(مت6: 31-33).
لا يهمكم أمر الغد، فالغد يهتم بنفسه. ولكل يوم من المتاعب ما يكفيه (مت 6: 34). هذه تجربتنا نحن البشر أننا نشغل بالمستقبل الذي ليس في يدنا، ونفقد سعادتنا بمعايشة اللحظة الجميلة التي ملكنا الآن، ونفكر في بكرة بخوف فيبدأ البشر من خوفهم من الجوع فيخزنون الطعام حتى تفسد قيمته الغذائية، وآخرون لا يجدون رغيف الخبز. نستغرب أن الأغنياء يزدادون غني، والفقراء يزدادون فقراً. أقول للأغنياء لا تخافوا عيشوا كما علمنا المسيح في صلاة الابانا “أعطنا خبزنا اليومي” (مت6: 11)، وأقول للفقراء اجتهدوا بعملكم بثقة في الله لا تخافوا ” اسألوا تعطوا، اطلبوا تجدوا، دقوا الباب يفتح لكم، فمن يسأل ينل، ومن يطلب يجد، ومَن يدق الباب يُفتح له.(مت7: 7-8). فإذا كان الأب البشري إذا سأله ابنه رغيفًًا لا يعطيه حجراً، أو سأله سمكة لم يعطيه حيه. فإذا أنتم الأشرار تعرفون كيف تحسنون العطاء لأبنائكم، فكم يُحسن أبوكم السماوي العطاء للذين يسألونه؟(مت7: 9-11)
“طوبي للجياع والعطاش إلى البر، لأنهم يشبعون”(مت5 :6) ليس سهلا أن نصدق ونؤمن أننا إذا امتلأ قلبنا بجسد الرب واتحدنا به وعشنا البر الحقيقي بثقة، شعرنا بالفرح الذي يغمر ويشبع جوعنا فيدفع أنفسنا أن نعمل من أجل العدل، وندافع عن المظلوم الفقير، والأشخاص المرفوضين، والمجروحين في كرامتهم، ونشارك البسطاء في معاناتهم. ندرك اختيارات الحياة، والتزاماتها، ومعاييرها تحتاج أن يخرج الإنسان من ذاته وينظر إلى أخيه الإنسان، يقف بجانبه في الدفاع عن كرامة كل إنسان، لأن الجوع والعطش الحقيقي في الإنسان أن يجد البر إي الحب، والسلام، والخير، وقلب رحيم صالح فيه رغبة عميقة أن يصل للرب في نور وإخلاص وشجاعة وطمأنينة. فيختار بحزم مهما كلفة الأمر الطريق الذي يقوده إلى الشبع الحقيقي في الله للحياة والفرح، ويتخلي عن الأصوات التي تجعله يتخاذل عن دوره فيظل منغلق على ذاته لا يعيش نبض الحياة. لكن علينا أن نجد ونبحث عن طريق تأخذنا إلى أبعد هو الدخول في سر الله، فنعرف طعم للحياة أن لها معني، ونفهم أننا خلقنا للسعادة حتى لو كنا فقراء أصبح الله هو غنانا، ومن فقرنا نشبع الفقراء، ومن ضعفنا نقوي الضعفاء بكلمات الله التي في أفواهنا، وفي سكني الله فينا نختبر حضوره الفعال في عالمنا حاضر في كياننا. نعلن عنه برحمه لكل قلب عطشان وجائع فيروي الله نفسه كل نفس محتاجة نعمة.
يارب نلتقي بك كل يوم في أشخاص البشر أخوتنا المتعبين والمرهقين من ظروف الحياة القاسية، نجدك يارب تَعد الناس أنك تهتم بهم وباحتياجاتهم، تفيض المحبة والرحمة والعدالة، افتح يارب الطرق بكرمك وسخاءك وعطفك على كل شخص يبحث عن الفرح والسلام والشبع والارتواء الحقيقي فيجده في نبع قلبك الإلهي. آمين