stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

عن الكنيسة

عناية رعوية وما يسبق احتفال بزواج-أب أيوب زكي

750views

images9

يُعتبر هذا الجزء من التقنين جديداً في حد ذاته، إذ يعبّر عن الروح الجديدة التي تميّزه عن التقنين القديم. وفي هذا الصدد يركّز المشرّع على الأهمية القصوى للإعداد الرعوي للمقبلين على الاحتفال بالزواج، حتى يحتفلوا به احتفالاً يليق بكرامة هذا السر وقداسته. هذه الروح الجديدة تتماشى مع تعاليم المجمع الفاتيكاني الثاني: “إن سلامة الإنسان وسلامة المجتمع الإنساني والمسيحي على السواء مرتبطان ارتباطاً وثيقاً بنجاح الحياة الزوجية والعائلية. ولذا فإن المسيحيين يشاركون كل الذين يُجلّون الرابطة الزوجية في ابتهاجهم الصادق بما يرون من أنواع التعضيد التي تزيد اليوم من تقدير الناس لهذه الرابطة المؤسسة على الحب واحترام الحياة، والتي تساعد الأزواج والوالدين على أداء رسالتهم السامية، وهم فضلاً عن هذا يترقبون من هذا التعضيد نتائج أفضل ويعكفون على توسيع مداه بين الناس” (الكنيسة في العالم المعاصر رقم47).

من أجل تحقيق هذا التعضيد لمقبلين على الزواج، حتى يحتفلوا به وهم مُعَدّون له، يدعو المشرّع رعاة النفوس أن يهتموا بتقديم الإعداد اللازم للشباب والشابات.

جاء في القانون 783، البند1 “على رعاة النفوس أن يعنوا بتهيئة المؤمنين بالحالة الزوجية، وذلك:

(1) بالوعظ والتعليم المسيحي الملائمين للشباب والبالغين، ليدرك المؤمنون معنى الزواج المسيحي وواجبات الزوجين المتبادلة، وحق الوالدين الأساسي وواجبهما في العناية بتربية الأبناء تربية بدنية ودينية واجتماعية وثقافية قدر المستطاع.

(2) بإرشاد المخطوبين شخصياً عن الزواج، لإعدادهم لحياتهم الجديدة”. وعندما نحلل هذا القانون، نجد المُشرّع يقدم لنا برنامجاً متكاملاً للتكوين والإعداد الجيد للزواج المقدس، فهو يحدد الأهداف، ويشير إلى الأشخاص المعنيين بالأمر، ويعطي المضمون الخاص بهذا التكوين الذي لا غنى عنه للاحتفال بزواج صحيح له ثماره المرجوة، وازدهاره واستقراره وقداسته. 

واجب رعاة النفوس:

أ- الأساقفة: المقصود برعاة النفوس هم الأساقفة والكهنة الرعاة الذين تقع عليهم مسئولية عظيمة في رعاية الشعب الموكّل إليهم. والأسقف هو المسئول الأول في الإيبارشية، ويعتبر أب الجميع وراعيهم الأكبر.

وفي هذا الصدد يعلم المجمع الفاتيكاني الثاني: “يجب أن يسهر الأساقفة على أن يهتم بعناية خاصة تلقين التعليم المسيحي- الذي يرمي إلى جعل الإيمان، المستنير بالتعليم، حياً وظاهراً وفعالاً في البشر- سواء كانوا أطفالاً وأحداثاً أم كانوا شباباً وكباراً” (مهمة الأساقفة الرعوية، رقم14). ويدعو المُشرّع الأساقفة لكي يقوموا بواجباتهم نحو المؤمنين الخاضعين لهم:

القانون 192- البند1: “على الأسقف الإيبارشي، في ممارسة مهمته الرعوية، أن يبدي اهتماماً بجميع المؤمنين المعهودة إليه العناية بهم، أياً كان عمرهم أو وضعهم أو وطنهم أو كنيستهم ذاتية الحق، سواء المقيمون من منطقة الإيبارشية أو الماكثون فيها مؤقتاً، ويعطف بروح رسولية على الذين لا يمكنهم الإفادة من العناية الرعوية المألوفة وعلى وجه واف بسبب ظروف حياتهم، وكذلك على الذين أهملوا الممارسة الدينية”.

ويضيف القانون 196- البند1: “على الأسقف الإيبارشي أن يعرض ويشرح للمؤمنين حقائق الإيمان التي يجب أن يؤمنوا بها ويطبقونها في سلوكهم، ملقياً المواعظ بنفسه بتواتر وعليه أيضاً أن يعني بالحفاظ بأمانة على أحكام المشرّع المتعلقة تجدية كلمة الله ولاسيما بالوعظ والتعليم المسيحي، لتبليغ الثقافة المسيحية بأكملها للجميع”.

من دراستنا لهذه النصوص، يتضح لنا الواجب المقدس الملقى على عاتق الأساقفة الذين هم خلفاء الرسل هو توصيل التعليم المسيحي للمؤمنين وشرح كل ما يتعلق بالحياة المسيحية ولا سيما سر الزواج المقدس الذي هو سر من الأسرار السبعة التي تؤمن بها الكنيسة المقدسة. 

ب- الآباء الرعاة: الراعي هو مسئول أمام الله على رعيته فيجب عليه أن يسهر على رعايتها ولا يدخر جهداً في تحقيق ذلك؛ واضعاً نصب عينيه يسوع المسيح الراعي الصالح الذي يبذل نفسه عن خرافه.

ويقول المجمع الفاتيكاني الثاني: “وعلى الكهنة في بنيانهم للكنيسة، أن يكون مسلكهم مع الجميع إنسانياً إلى أقصى حد، على مثال السيد المسيح، ويجب أن يتصرفوا معهم، ليس على حسب ما يرضي الناس، بل وفقاً لمقتضيات العقيدة والحياة المسيحية، معلّمين إياهم ومرشدين إياهم أيضاً كأبناء أحباء طبقاً لقول الرسول: واعكف على التعليم في وقته وفي غير وقته وحاجج ووبخ وعِظ بكل أناة وتعليم (2تيمو 2:4)، (خدمة الكهنة وحياتهم، رقم6).

ويشير التقنين الجديد إلى مهمة الرعاة، وهذا ما جاء في القانون 289 البند1: “على الراعي لدى ممارسته مهمة التعليم، أن يعظ جميع المؤمنين بكلمة الله، ليوطدوا في الإيمان والرجاء والمحبة، وينموا في المسيح فتؤدي الجماعة المسيحية شهادة المحبة التي أوصى بها الرب، وعليه أيضاً أن يُرشد المؤمنين بواسطة التعليم المسيحي إلى معرفة سر الخلاص معرفة تامة ومتناسبة مع كل عمر”.

البند3: “على الراعي لدى ممارسته مهمة الحكم، أن يُعني قبل كل شيء بأن يعرف قطيعه ويسعى- بصفته خادم جميع الخراف- إلى تنمية الحياة المسيحية، سواء في كل واحد من المؤمنين أو في الجمعيات- لاسيما الملتزمة بالرسالة- أو في الجماعة الرعوية بأسرها، فعليه إذن أن يزور المنازل والمدارس على ما تقتضيه المهمة الرعوية، ويسهر جاهداً على الفتيان والشبيبة”. هذا هو البرنامج الروحي المتكامل الذي يقع على عاتق الرعاة، فيجب على كل راعي أن يعرف قطيعه واحداً واحداً، كل واحد باسمه وكل واحدة باسمها، ويجب أن يعني باحتياجات الجميع ولا سيما الروحية والرعوية الخاصة بتكوينهم حتى يصلوا إلى النضج المسيحي.

ويدعو التقنين الرعاة إلى زيارة المنازل وتفقد الأسر المسيحية. والهدف الأول من الزيارة هو الخير الروحي والاضطلاع على احتياجات المؤمنين. إنها الفرصة سانحة حين يتواجد الراعي بين أبنائه وبناته، حتى يوصل لهم كلمة الله، وهي فرصة أيضاً لكي يقوم الراعي بالحديث عن سر الزواج المقدس والرد على تساؤلات المؤمنين التي لا تنتهي في هذا المجال. لذلك وجب على الكاهن، أن يعني بتثقيف ذاته حول هذا السر، وأن يكون مُعَدّاً هو أولاً الإعداد الجيد لكي يُغذي المؤمنين بعلمه الثاقب المبني على تعاليم الإنجيل والكنيسة المقدسة وعليه أن يشرح للمؤمنين كل حسب سنه، المعنى المسيحي للزواج والواجبات المتبادلة بين الزوجين، حتى يعرف كل طرف واجبه المقدس ويقوم على تنفيذه خير قيام، مدفوعاً بروح مسيحية حقيقية، ملؤها المحبة والبذل والعطاء. وكذلك يدعو الراعي الوالدين حتى يعرفوا بواجبهم المقدسة في تربية أبنائهم تربية مسيحية حتى يكون أساسهم مبنياً على الصخر لا الرمل، فيقفوا بصلابة أمام العواصف العاتية التي تريد أن تغرقهم في بحار الانحراف والفساد والضلال. هذه التربية السليمة تهدف إلى تربية الأبناء بدنياً، فالعقل السليم في الجسم السليم، ودينياً حتى يعرف الجميع مقتضيات دينهم ومبادئه والأخلاق الحميدة، واجتماعياً باعتبار الفرد جزء لا يتجزأ من مجتمع يعيش فيه، وثقافياً إذ يجب على كل واحد أن ينهل من الثقافة ما يبنيه وأن يُكوّن تكويناً مسيحياً حقيقياً. الأسرة هي الخلية الأولى في المجتمع، وإذا أردنا مجتمعاً صالحاً، وجب علينا أن نهتم بتربية النشء على الفضيلة والتقوى وروح المسئولية، وأن نحضه على التمسك بأخلاق وأفكار المسيح. إن ما نراه من تفكك في الأسر، وانحلال في المجتمع إنما يعود إلى نقص خطير في التكوين، ولا سيما الإعداد الجيد للاحتفال بالزواج. لذلك يجب على رعاة النفوس تبصير المؤمنين إلى أهمية سر الزواج، بكل الوسائل المتاحة.

الاستعداد الروحي

يركّز المشرّع على أهمية إعداد الشباب من الناحية الروحية، استعدادًا للاحتفال بزواجهم المقدس، ويدعوا الراغبين في هذا أن يتقدموا للتناول من الأسرار المقدسة والاحتفال بها، ولاسيما سري الاعتراف والقربان الأقدس، حيث يندم الشباب أو الشابة على ما اقترفا من خطايا ندامة من القلب، طالبين قوة الروح القدس لبدء حياة جديدة، كما أنهما يشتركان، في الوقت ذاته، في قبول جسد ودم يسوع المسيح الذي يوحدهما مانحاً إياهما ينبوع الحياة، ذلك الينبوع، الذي يفيض فيهما قداسة ونعمة وبركة.

إلى هذه الحقيقة دعا القانون 719: “يُنصح ويُحرّض جميع المؤمنين أن يقبلوا هذا السر [بتواتر]…” ويدعو أيضًا القانون 783 البند رقم2: “يُنصح المخطوبون الكاثوليك ويُحضّون على تناول القربان الأقدس عند الاحتفال بالزواج”. هكذا يدعو المشرع ويحضّ المؤمنين على الاقتراب من الأسرار المسيحية والاحتفال بها على أكمل وجه. ولسرّي التوبة والتناول أهمية عظيمة في حياة ومسيرة المخطوبين وذلك استعدادًا لبداية حياة جديدة، يكون يسوع المسيح محورها ومركزها لأنه الألف والياء، البداية والنهاية، الأول والآخر. إن الرب يسوع الذي بارك عُرس قانا الجليل، يبارك ويوحّد الزوجين على غرار اتّحاده بعروسه الكنيسة. 

معنى صلاة الإكليل: 

صلاة الإكليل هي عنصر أساسي وجوهري لصحة الزواج المسيحي، وياحبذا لو احتُفل بالزواج أثناء القداس الإلهي قمة وينبوع الحياة المسيحية. إن صلاة الإكليل المقدس هي من الثراء والغنى الروحي العميق، إذ تحتوي على نصوص مستقاة من الكتاب المقدس، وألحان كنسية تبعث في النفس نشوة روحية سامية، تعبر عن المعنى العجيب للزواج المقدس. ونتساءل: هل يفهم عامة الشعب هذه الطقوس ويدركون معانيها السامية؟ هل يُقبل الشباب على الزواج وهم على وعي وبيّنة لمعاني الطقوس الكنسية المقدسة؟ إن المتأمل في حياة عصرنا الذي نعيشه ليلمس أن معظم شبابنا يُقبلون على الاحتفال بالزواج وهم “لا يدرون ما يفعلون”، وكأن هذا الطقس المبارك “تقليد لابد منه”. ونحن نقول هذا فإننا لا نميل إلى التشاؤم، ولكننا ندعو إلى عيش هذه اللحظات الفريدة في حياة الإنسان، بكل ما تحمل من عمق روحي يُظهر لنا مدى سمو وجلال إيماننا المسيحي. فعسانا لا نترك أنفسنا تلهينا المظاهر، وتعمينا العادات، وتحجب عنّا التقاليد بهاء وروعة إيماننا وما تعبّر عنه طقوسنا العريقة التي تعكس إيمان الكنيسة عبر تاريخها العظيم. لذلك يجب أن تقام ندوات ولقاءات يُفسّر خلالها غنى وثراء صلاة الإكليلي المقدس، حتى يُقبل الشباب على الزواج وهم يدرون ما يفعلون. 

فحص المخطوبين: 

يقول منطوق القانون 784: “تُحدّد في الشرع الخاص بكل كنيسة ذاتية الحق- بعد استشارة الأساقفة الإيبارشيين للكنائس الأخرى ذاتية الحق ممن يمارسون سلطانهم في نفس المنطقة- قواعد [تنظم] فحص المخطوبين ووسائل التحري الأخرى، الواجب تنفيذها قبل الزواج، لاسيما فيما يتعلق بالعماد وإطلاق الحال، وبعد تطبيق ذلك بعناية يمكن الشروع في الاحتفال بالزواج”. يُعطي المشرّع أهمية خاصة للقانون الخاص لكل كنيسة ذاتية الحق، لكي تُقرر وتُقنن ما تراه مناسبًا لها حتى يُحتفل بالزواج صحيحًا وجائزًا، ويترك المشرع المجال واسعًا فيما يخص المخطوبين. إنه لواجب مقدس يقع على عاتق الكنيسة حتى تولي أهمية قصوى لهذا الجانب الهام حتى يستعد الشباب استعدادًا لائقًا للاحتفال بالزواج. وهذا ما حدا بالدولة إلى إنشاء مكاتب لفحص الراغبين في عقد الزواج، وهي تهدف إلى الكشف عن الأمراض المتنوعة، وراثية كانت أم سرّية، وذلك بهدف الحفاظ على إيلاد نسل سليم جسمانياً ونفسياً. من هنا يقع على الشباب واجب مقدس أن يذهبوا إلى هذه المكاتب للاسترشاد ولمعرفة نوعية ما يعانون من أمراض وطرق العلاج والوقاية منها.

إن التطور الرهيب في عالم الطب لهو نعمة من نعم الله على البشر، حتى ينشأ الأبناء في أسرة سليمة، لبناء مجتمع سليم، تسوده الفرحة والسعادة. وتجدر الإشارة بأن أحد أعضاء مجلس الشعب تقدم بمشروع قانون يجعل أمر فحص المقبلين على الزواج أمراً ملزماً، حيث لا يجب الشروع في عقد الزواج قبل الحصول على شهادة رسمية تبيّن، وبصدق، صلاحية الشاب أو الشابة للزواج، وأعتقد أن هذا المشروع لم ير النور حتى الآن. وتنصح الكنيسة- كأم- أباءها أن يلجأوا إلى هذا المكتب للوقوف على حالتهم الصحية. والقانون الكنسي لا يمنع زواج المريض، فيما عدا في حالة العجز الجنسي، مهما كان مرضه حتى إذا كان الإيدز هو المقصود. وفي هذه الحالة الأخيرة- أي الإيدز- تدعوا الكنيسة الشخص الذي يحمل الفيروس اللعين ألا يتزوج حتى لا يُصاب النسل بنفس الداء القاتل. إن الإنسان المريض هنا حُرّ في أن يتزوج، ولكن عليه أن يتحمل- أمام الله وضميره- عواقب مثل هذا الزواج. 

شهادة العماد

ينعقد الزواج صحيحاً بين المعمدين. لذلك تطلب الكنيسة- خاصة إذا كان طالبا الزواج مجهولين- تقديم شهادة تثبت عمادهما. وجرت العادة أن يحرر الأب الراعي لطالب الزواج هذه الشهادة. وأحياناً تكون هناك صعوبات مختلفة لحصول على هذه الشهادة للشروع في الاحتفال بالزواج، ولاسيما إذا كان المعمد قد احتفل به بعيداً عن كنيسة الرعية أو في أحد المزارات. ولحسن الحظ فإن القانون الجديد قرر طريقة أخرى غير مألوفة لتحرير مثل هذه الشهادت. لذلك يقرر القانون 691: “لإثبات المعمودية، إن لم يُلحق الأمر ضرراً بأحد يكفي تصريح شاهد واحد فوق كل شبهة، أو تصريح المعمد نفسه المبني على حجج لا شك فيها، لاسيما إن كان قد قبل العماد بعد تجاوزه سن الطفولة”. هذا تقليد جديد يسهل عملية إثبات العماد، ونشير إلى أن الكاهن الذي يبارك الزواج لا يطالب بهذه الشهادة إذا اطّلع بنفسه أو عن طريق غيره، على سجل العماد وتأكد له عماد الراغب في الزواج. 

إطلاق الحال: 

يصح الزواج إذا كان الراغب في الاحتفال بالزواج غير مقيّد بوثاق زواج سابق (راجع القانون 802 البند1). ولأجل هذا يجب على الكاهن، قبل مباركة الزواج، التيقن من هذا المبدأ المسيحي. وقد يحدث أحياناً أن يجد الكاهن نفسه في حيرة أمام بعض الشباب الذين يريدون الاحتفال بزواجهم دون أي إخطار سابق [وذلك لوجود بعض الأسباب المُلّحة والطارئة أو في خطر الموت]، وهنا يقرر القانون 785 البند2: “في حال خطر الموت، أن تعذر الحصول على إثباتات أخرى، يكفي إقرار الخطيبين- وإن دعت الحاجة أداؤهما اليمين- أنهما معمدان وخاليان من أي مانع، ما لم تكن هناك دلائل مخالفة”. إن شهادة إطلاق الحال ضرورية للغاية حتى لا يقع الكاهن ضحية غش بعض المتلاعبين، فالزواج صحيح بين رجل واحد وامرأة واحدة.

نستكمل حديثنا حول العناية الرعوية للشباب المقبل على الاحتفال بالزواج، ونركز هنا على الدور الهام الذي يقوم به الكاهن الراعي، وأيضاً واجب المؤمنين ودورهم الإيجابي في جمع التحريات عن المخطوبين. 

أولاً: واجب الراعي 

يقرر القانون 785، البند1 “يجب على رعاة النفوس، وفقاً لاحتياجات المكان والزمان، اتخاذ الوسائل الناجحة لدرء جميع الأخطار المؤدية إلى الاحتفال بالزواج على وجه باطل وغير جائز، ولذلك يجب قبل الاحتفال بالزواج، أن يتضح عدم وجود ما يحول دون صحة الاحتفال به وجوازه”.

يركز المشرّع هنا، على الدور الهام للراعي في جمع التحريات اللازمة حتى يبارك الزواج، وهذا الدور له أهمية قصوى خاصةً إذا كان الطرفان من بلد بعيد أو من رعية مجهولة من الكاهن، حتى لا يقع في المحظور. ويشدد القانون حتى يحتفل بالزواج صحيحاً وجائزاً حيث دأب البعض على الاهتمام بصحته لا بجوازه أيضاً. 

ثانياً: واجب المؤمنين

يقول القانون 786: “على جميع المؤمنين أن يُطلعوا الأب الراعي أو الرئيس الكنسي المحلي، قبل الاحتفال بالزواج، عما قد يعلمونه من موانع”. بالعماد يصبح المؤمنون أسرة واحدة متماسكة، بل هم يصيرون جسداً واحداً، وبالتالي تقع على الجميع مسئولية كبرى لحماية هذه الأسرة المترامية الأعضاء، حيث يمثل يسوع الرأس فيها. إن واجب إحاطة الأب الراعي بوجود مانع ما، ليس هو “وقف حال”، بل هو المحبة بالذات، حتى لا يُحتفل بزواج باطل، قد يدمر حياة مَن احتفلوا به ويشمل هذا الواجب الوالدين، والأقارب، والأصدقاء، والمعارف. حال خطر الموت يحدث أحياناً أن يمر الإنسان بحال خطر تلموت، بسبب حرب مدمرة، أو تفشي أمراض فتاكة، وفي هذا الصدد يقرر القانون 785، البند2: “في حالة خطر الموت، إن تعذّر الحصول على إثباتات أخرى، يكفي إقرار الخطيبين- وإن دعت الحاجة أداؤهما اليمين- أنهما معمدان وخاليان من أي مانع، ما لم تكن هناك دلائل مخالفة”.

هذا النص يحمل الخطيبين مسئولية جسيمة أمام الراعي خالي المسئولية، إذا كان هناك ما يعوق الاحتفال بالزواج صحيحاً. زواجات تتطلّب إذن الرئيس الكنسي المحلي إنها زواجات تمثل حالات خاصة جداً، ولهذا يطالب المشرّع تدخل الرئيس الكنسي المحلي للاحتفال بها وذلك لدرء كل الأخطار التي تؤدي إلى بطلان الزواج أو عدم جوازه.

يقرر القانون 789: “وإن كان الاحتفال بالزواج على وجه صحيح في سائر الأمور ممكناً، فعلاوة على الحالات الأخرى التي يحددها الشرع، وبدون إذن الرئيس الكنسي المحلي، لا يبارك الكاهن: 

(1) زواج الرحّل: الرّحّل هم الذين لا سكن ثابت لهم ولا شبه سكن. وحالتهم هذه تمثل صعوبة جمّة للتأكد من أنهم غير مرتبطين بزواج سابق، وهذه الحالة قد تسهل حدوث غش وخداع. ويُلزم القانون إذا كان أحد الطرفين من الرّحّل. وتجدر الإشارة أن مجمع الأسرار المقدس بتاريخ 4 يوليو 1921 قد ساوى بين الرّحّل والمهاجرين والمنفيين والسياح، وذلك لدرء خطر الاحتفال بالزواج باطلاً. 

(2) “الزواج الذي لا يمكن أن يُعترف به أو يُعقد وفقاً للقانون المدني” يعتبر هذا العد تقنيناً جديداً في الكنيسة الكاثوليكية وهذا ليس معناه أن القانون المدني له الأولوية في التطبيق، ولكن منعاً لأي تنازع بني المدني والكنسي. يجب على الراعي، قبل مباركة الزواج، التأكد من تطبيق هذا النص، حتى لا يتعرض للمساءلة من قِبل السلطة المدنية، ولتلافي النتائج الرخيمة لمثل هذا التصرف. 

(3) “زواج مَن هو مرتبط بالتزامات طبيعية نحو طرف ثالث، أو نحو الأبناء المولودين من اقتران سابق مع هذا الطرف”. وهذا العدد أيضاً يُعتبر جديداً في القانون الشرقي. الاحتمالات وهذه الاحتمالات تكون متعددة:

– زواج صحيح انتهى بموت أحد الطرفين.

– زواج حكمت السلطة الكنسية المختصة ببطلانه.

– زواج ينحل بتفسيح من الحبر الأعظم.

– زواج مدني ينحل بالتطليق.

– علاقة بين طرفين نتج عنها ولادة بنين. هذه العلاقات المشروعة أو غير المشروعة تنجم عنها مسئوليات كبرى تجاه النسل، ولهذا يقرر المشرّع عدم الزواج بطرف ثالث قبل حماية وصون حقوق النسل الناتج عن هذه الزواجات أو العلاقات. إنه لواجب ثقيل على الرئيس الكنسي المحلي في منع هذه الزواجات، إذا استمرت هذه الحالات وكان هناك خطر على انتهاك حقوق الأبناء. 

(4) “زواج الابن القاصر بدون معرفة والديه أو ضد إرادتهما”. القاصر هو الشخص الذي لم يبلغ سن الرشد (21سنة) وبالتالي يخضع لولاية أبيه واتخاذ قرار زواجه. إن المشرّع يريد صون حقوق الآباء على أولادهم إذ لهم الحق في أن تُحترم سلطتهم التي هي من الله. والقاصر يحتاج لخبرة الشيوخ وتوجيهاتهم حتى يساعدوه على اتخاذ قرارات سليمة في حياته. لهذا يعلِّم المجمع الفاتيكاني الثاني “على الوالدين والأوصياء أن يرشدوا بآرائهم الحكيمة الشباب المزمعين أن يؤسسوا أسرة. وإذا صادفت مشورتهم قبولاً لديهم ورضى، فليتجنبوا كل وسائل الضغط عليهم مباشراً كان أو غير مباشر، سواء لحملهم على الزواج بذلك الزوج أو تلك الزوجة”. (الكنيسة في العالم المعاصر، 52). 

(5) “زواج من هو محظور عليه بحكم كنسي أن يتزوّج مرة أخرى، ما لم يتمم بعض الشروط”. المقصود هنا هو “المحروم أو الممنوع” من مزاولة الأسرار الكنسية ولكن في قبول سر الزواج يختلف الأمر، إذ أن الزواج حق أساسي للفرد. ومن هنا يمكن الاحتفال بزواج المحروم أو الممنوع بعد الحصول على إذن من الرئيس الكنسي الذي بدوره سيدعو هذا الشخص المحظور إلى المصالحة مع الكنيسة. ومن الواضح أن الحرم أو المنع لا يجعلان الزواج باطلاً، حتى ولو لم يحل الشخص منهما. 

(6) “زواج من جحد الإيمان الكاثوليكي علناً، حتى وإن لم ينضم إلى كنيسة أو طائفة كنسية غير كاثوليكية، في هذه الحالة على الرئيس الكنسي ألا يمنح الإذن إلا بعد تطبيق القانون 814 مع التسويات اللازمة”. تبارك الكنيسة زواج المؤمنين بها إيماناً راسخاً ويكون هناك تناقض إذا فعلت الكنيسة عكس ذلك، بمعنى أنها لا تبارك زواج من انفصل عنها أو جحد الإيمان الكاثوليكي. ولكي تضمن الكنيسة “جدية” المنفصل عنها في طلب مباركة زواجه، فهي تطالبه بتطبيق القانون 814 وهو التقنين الذي ينظم الزواج المختلط والذي ستأتي دراسته في حينه. 

عن مجلة صديق الكاهن