في بيت أبي منازل كثيرة – الأب وليم سيدهم
في بيت أبي منازل كثيرة
هل في السموات توجد منازل فيها تكييف وموكيت ورخام وستالايت وحمام سباحة إلى آخر كل سبل الراحة مثلما يوجد عندنا في الأرض؟
إن الكتاب المقدس لا يعطينا وصفًا دقيقًا لما يحدث في السموات بعد إنتقالنا إليها، نعرف فقط أن السماء هى موطن الله وأنها مكان القديسين وكل البشر الذين أرضوا الرب على الأرض ”ثُمَّ يَقُولُ الْمَلِكُ لِلَّذِينَ عَنْ يَمِينِهِ: تَعَالَوْا يَا مُبَارَكِي أَبِي، رِثُوا الْمَلَكُوتَ الْمُعَدَّ لَكُمْ مُنْذُ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ. لأَنِّي جُعْتُ فَأَطْعَمْتُمُونِي. عَطِشْتُ فَسَقَيْتُمُونِي. كُنْتُ غَرِيبًا فَآوَيْتُمُونِي.عُرْيَانًا فَكَسَوْتُمُونِي. مَرِيضًا فَزُرْتُمُونِي. مَحْبُوسًا فَأَتَيْتُمْ إِلَيَّ.” (متى 25 : 34-36)، هكذا سيقول الرب للذين أتموا مشيئته على الأرض.
أيضًا في مثل الغني نرى الغني يستنجد بإبينا إبراهيم وهو في السماء لكي يرسل ليعازر يبل ريقه فنفهم من الآية أن سكان السماء هم في نعيم عكس سكان جهنم. نذكرأيضًا أن في السماء: ” ”لأَنَّهُمْ فِي الْقِيَامَةِ لاَ يُزَوِّجُونَ وَلاَ يَتَزَوَّجُونَ، بَلْ يَكُونُونَ كَمَلاَئِكَةِ اللهِ فِي السَّمَاءِ.” (مت 22: 30) هكذا قال المسيح للذين تسائلوا عن مصير الزوجة التي تزوجت سبعة أشخاص.
لكن أيضًا يشبه المسيح ملكوت السموات بالمرأة التي تُخمر عجينها وبالشبكة وبالحقل الذي فيه كنز وبالعشرة عذارى، ومثل حبة الخردل التي تصير شجرة كبيرة.
إن ملكوت السموات هي فيكم، كل هذه الأمثال تعلمنا عن حالة الإنسان وهو يجاهد على الأرض ليكتسب موطئ قدم في السماء تبدأ في الأرض، لذلك حينما نصلي كما علمنا يسوع المسيح نقول ”لتكن مشيئتك كما في السماء كذلك على الأرض”
أما حينما نعبر من الموت إلى السماء فإن أجسادنا تتحول كما يقول القديس بولس: “وَالَّذِي تَزْرَعُهُ، لَسْتَ تَزْرَعُ الْجِسْمَ الَّذِي سَوْفَ يَصِيرُ، بَلْ حَبَّةً مُجَرَّدَةً، رُبَّمَا مِنْ حِنْطَةٍ أَوْ أَحَدِ الْبَوَاقِي.وَلكِنَّ اللهَ يُعْطِيهَا جِسْمًا كَمَا أَرَادَ. وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْبُزُورِ جِسْمَهُ.لَيْسَ كُلُّ جَسَدٍ جَسَدًا وَاحِدًا، بَلْ لِلنَّاسِ جَسَدٌ وَاحِدٌ، وَلِلْبَهَائِمِ جَسَدٌ آخَرُ، وَلِلسَّمَكِ آخَرُ، وَلِلطَّيْرِ آخَرُ.وَأَجْسَامٌ سَمَاوِيَّةٌ، وَأَجْسَامٌ أَرْضِيَّةٌ. لكِنَّ مَجْدَ السَّمَاوِيَّاتِ شَيْءٌ، وَمَجْدَ الأَرْضِيَّاتِ آخَرُ” (1كو 15: 37 – 40).
ونحن نذكر أن المسيح بعد قيامته من الأموات كان يظهر للتلاميذ وهم في قاعة مغلقة فكما يدخل الضوء من الزجاج في المنزل والأبواب مغلقة هكذا الجسم القائم من بين الأموات يتحرر من ثقل المادة لكي يصبح جسمًا نورانيًا، وكما يحمل الليزر الصور والأصوات على بُعد آلاف الكيلومترات هكذا الجسد القائم من بين الأموات يتحول ليصير حرًا من كل روابط الجسد المادي.
إن يسوع يقول: “ فِي بَيْتِ أَبِي مَنَازِلُ كَثِيرَةٌ، وَإِلاَّ فَإِنِّي كُنْتُ قَدْ قُلْتُ لَكُمْ. أَنَا أَمْضِي لأُعِدَّ لَكُمْ مَكَانًا” (يوحنا 14 : 2)، إن المسيح يستخدم لغة الجسد ليبعد عن واقع السماء، فالمكان والزمان في ملكوت السموات يختلفان تمامًا عن تصوراتنا عن المكان والزمان على الأرض لمفهوم ملكوت السموات، كل ما نستطيع أن نقوله أننا سنكون مع المسيح الجالس على العرش عن يمين الله، وكل هذه صور تقريبية تساعدنا على فهم التواصل بين الأرض والسماء.
ففي الوقت الذي يبشر فيه التلاميذ بالملكوت على الأرض يُعد لنا المسيح مائدة المحبة السرمدية مع الآب في السماء لنلحق بالكنيسة المنتصرة بعد أن جاهدنا مع الكنيسة المجاهدة على الأرض.