stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

البابا والكنيسة في العالم

في مسيرة نحو بيت لحم مع كلمات الباباوات

246views

نقلا عن الفاتيكان نيوز

23 ديسمبر 2023

كتب : فتحى ميلاد – المكتب الاعلامي الكاثوليكي بمصر .

من البابا بيوس الثاني عشر إلى البابا فرنسيس، ترسم تأملات الباباوات الستة مشهدًا ميلاديًّا مثاليًا، من خلال التوقّف عند العناصر الأساسية التي تميز سر وشعر عيد الميلاد

إن المسيرة نحو بيت لحم تنفتح بالنظر نحو السماء. نجم يرشد المجوس لكي يبلغوا إلى هذه المدينة الصغيرة في يهوذا. هناك تنتظرهم مغارة وضع فيها طفل في المذود.

إنَّ نجم بيت لحم يسطع في كل زمان ولكل إنسان. في رسالته الإذاعية بتاريخ ٢٤ كانون الأول/ديسمبر ١٩٤١، شدد البابا بيوس الثاني عشر، على أن هذا النجم يشير إلى “مهد الفادي الحديث الولادة” و”يضيء في سماء المسيحية”. من روما، مركز وحصن ومعلم المسيحية، مدينة للمسيح أكثر منها للقياصرة وأبدية في الزمن، نحن، وإذ تحركنا الرغبة المتقدة والحيوية لخير الشعوب والبشرية جمعاء، نوجه صوتنا إلى الجميع، ونصلّي لكي لا يتأخر اليوم الذي تسود فيه في جميع الأماكن حيث تجرُّ العداوة ضدَّ الله والمسيح الناس إلى الخراب الزمني والأبدي، معرفة دينية أكبر ومقاصد جديدة؛ اليوم الذي يسطع فيه نجم بيت لحم على مهد النظام الجديد للشعوب.

وفي رحلة الحج، التي تستكنُّ في أعقاب عيد الميلاد، يتجه كل شيء نحو بيت لحم. وفي صلاة التبشير الملائكي في ٢٠ كانون الأول ديسمبر ٢٠٠٩ يستعيد البابا بندكتس السادس عشر تاريخ هذه المدينة الصغيرة في يهوذا، التي تشهد على الحدث العظيم لميلاد يسوع. لألف سنة قبل المسيح، كانت بيت لحم مسقط رأس الملك العظيم داود، الذي يقدّمه الكتاب المقدس كسلف للمسيح. يروي إنجيل لوقا أن يسوع ولد في بيت لحم لأن يوسف، زوج مريم، لكونه من “بيت داود”، كان عليه أن يذهب إلى تلك المدينة من أجل الإحصاء، وفي تلك الأيام ولدت مريم يسوع. في الواقع، تشير نبوءة ميخا إلى ولادة سريّة ويقول: “لذلك يتركهم إلى حين تلد الوالدة فترجع بقية إخوته إلى بني إسرائيل”. وبالتالي فهناك خطة إلهية تتضمن وتشرح أزمنة وأماكن مجيء ابن الله إلى العالم.

في استقبال يسوع نجد الرعاة؛ وفي قداس عيد الميلاد في ٢٤ كانون الأول ديسمبر ٢٠١٨ يذكِّر البابا فرنسيس أن الرعاة “انطلقوا مسرعين”. يخبرنا رعاة بيت لحم أيضًا كيف نلتقي بالرب. هم يسهرون أثناء الليل: لا ينامون، بل يفعلون ما سيطلبه يسوع مرارًا: يسهرون. يبقون ساهرين، وينتظرون متنبّهين في الظلام؛ “فأشرق مجد الرب حولهم”. وهذا الأمر ينطبق علينا نحن أيضا. يمكن لحياتنا أن تكون انتظارًا، نوكل فيها أنفسنا في ليالي المشاكل، للرب ونرغب فيه؛ فننال نوره. أو ادعاء، حيث ما يهمُّ فقط هي قوانا الخاصة ووسائلنا؛ ولكن في هذه الحالة يبقى القلب منغلقاً على نور الله.

المكان الذي تلتقي فيه مسيرة الرعاة والمجوس هو المغارة. وقد شدد البابا يوحنا بولس الثاني، في المقابلة العامة في ٢٣ كانون الأول ديسمبر ١٩٩٢، على أن هذا التجويف الطبيعي البسيط هو نقطة الالتقاء حيث تتشابك محبة الله ومصير الإنسان. في مغارة بيت لحم، تتلامس السماء مع الأرض، ودخل اللامتناهي إلى العالم وتشرّعت أبواب الميراث الإلهي الأبدي للبشرية. بحضور “الله معنا”، يمكن أن نتغلّب على أحلك ليالي الألم والكرب والحيرة وأن ننتصر عليها إلى الأبد. لأن الكلمة المتجسد، عمانوئيل، “الله معنا” هو رجاء كل مخلوق ضعيف، ومعنى كل التاريخ، ومصير الجنس البشري بأكمله.

إنَّ الطفل الذي ولد في بيت لحم قد لُفَّ بالقماط ووضع في مذود. في قداس عيد الميلاد في ٢٥ كانون الأول ديسمبر ١٩٦٩، توقّف البابا بولس السادس عند سر التجسد، “حقيقة لا مثيل لها، تذهلنا وترفعنا على الدوام”. وُلِدَ من الروح القدس، كلمة الله، الذي ولد وكان طفلاً صغيراً فقيراً، ولف على الفور بالقماش من أجل البرد ومن أجل كرامة إنسانيته. ووضع في مذود تأكل فيه الحيوانات. هل كان من الممكن أن يولد أكثر فقرًا؟ هل كان من الممكن أن يولد في موقع أكثر بؤسًا؟ هل كان من الممكن أن يكون أصغر وأدنى من أي شخص آخر؟

إن مسيرة زمن الميلاد، التي تبلغ ذروتها بميلاد الرب، هي أيضًا أمنية تتجدد كل عام، لكي يتمكّن كل إنسان من أن يسير، في حياته، على خطى ابن الله. في الرسالة الإذاعية بتاريخ ٢٢ كانون الأول ديسمبر ١٩٦٠، وجه البابا يوحنا الثالث والعشرون هذه الكلمات، التي لا تزال آنية، “إلى البشر المنتشرين في جميع أنحاء العالم”: إقبلوا من فضلكم، كما نقدمها لكم، أطيب الأمنيات بعيد ميلاد مجيد. إنها مستوحاة من الصفحة الأولى من إنجيل القديس يوحنا، ومن تلك المقدمة التي تعطي الدافع للقصيدة السامية، التي تغني سر وحقيقة الاتحاد الأكثر حميمية وقدسية بين كلمة الله وأبناء الإنسان، بين السماء والأرض، بين نظام الطبيعة ونظام النعمة، الذي يشرق ويتحول إلى انتصار روحي من بداية القرون إلى نهايتها.

وبالتالي إذا أردنا أن يكون عيد الميلاد، عيد ميلاد المسيح والسلام – يؤكّد البابا فرنسيس في رسالته إلى مدينة روما والعالم بتاريخ ٢٥ كانون الأول ديسمبر ٢٠٢٢ – لننظر إلى بيت لحم ونُحدقَ النظر إلى وجه الطفل الذي ولد من أجلنا! ولنَرَ في ذلك الوجه ِالصغير البريء، وجهَ الأطفال الذين يتوقون إلى السلام في جميع أنحاء العالم.