كتاب كيف تنجح فى تربية الأطفال (18) مهارة تعليم الصلاة
كتاب كيف تنجح فى تربية الأطفال
تأليف
الأب / جوستاف كورتوا
ترجمة
القمص / لويس نصرى
مراجعة
الأنبا / أنطونيوس نجيب
الأب / مجدى زكى إسطفانوس
القسم الثالث
(18) مهارة تعليم الصلاة
تقوم رسالتك فى جذب الاطفال إلى يسوع المسيح، ليكون حياً فى كيانهم الواقعى. فانت لم تفعل شيئاً، إن كانوا يعتبرون يسوع شخصاً بعيداً عنهم، أو فكرة مُبهمة، لا يلمسونه فى واقع حياتهم.
يلزم أن يكون يسوع الصديق الإلهى الاكبر لكلّ طفل. يحسّون أنه يعرف ويُحبّ كلّ واحد منهم شخصيّاً، ويُريد من كلّ منهم ان يتحدّث إليه قلباً إلى قلب.
اهتمّ كثيراً بأن يُدرك الأطفال، أن الصلاة هى الحديث الودّى مع الله، كما وصفها المعلّمون الروحيّون. وللتحدّث مع شخصٍ ما، يلزم البدء بالنظر إليه. ولذا يلزم، قبل بدء الصلاة، أن نجعل الأطفال فى حضرة الله الذى سيتكلّمون معه.
اهتمّ جيّداً بهيئة الأطفال الخارجيّة: “إننا سنتحدث إلى الله. إنه ينظر إلينا. فلنضمّ أيدينا، (أو فلنضمّ ذراعينا)، ولننظر إلى المذبح، ونغلق عيوننا، لنرى يسوع بقلبنا”.
فلتكن الصلوات الجماعيّة بصوتٍ هادئ، وبدون صُراخ. لا تكن سريعة ولا بطيئة، وليتخلّل كلّ مقطعٍ وقفةً وجيزة من الصمت. لا مانع من المُغالاة فى هذه الوقفات فى البداية للتعلم، وإذا تطلّب الأمر، لا تتردّد فى مراجعة الصلاة، إن كانت غير مُتقنة.
لا تجعل الأطفال يتلون أبداً صلاة، لم تشرحها لهم قبل ذلك.
لا تجعل الأطفال يتلون صلوات طويلة أكثر من اللاّزم. سوف يتعبون ويفقدون رغبة الصلاة.
فى صلاة المسبحة، لا ينبغى أن تجعل الاطفال، حتّى سنّ الثانية عشر، يتلون أكثر من سرّ واحد فى المرّة الواحدة.
من أحسن الوسائل للصلاة أن تجعل الأطفال يردّدون معاً، بصوت عالٍ، بعض النوافذ والابتهالات القصيرة، التى تُناسب مفهموهم وسنّهم. مثلاً:
يا يسوع إننــــا نسجــد لـك يا يسوع إننا نؤمن بك
يا يسوع نحن نعلم أنك هنا يا يسوع نحـــن نحبـّك
يا يسوع نُريد أن نحبّك أكثر يا يسوع إجعلنا مُطيعين
يا يسوع أعطنا الشجاعــة يا يسوع بــارك والــدينا
وحتّى يعتاد الأطفال على الصلاة الشخصيّة، يُمكن استعمال الاسلوب التالى:
- أطلب من الأطفال أن يغمضوا عيونهم، أو يضعوا الراس بين اليدين. وإجعلهم يُدركون بالكفاية أنهم بحضرة الله الذى يسمعهم، حتّى إذا كانوا لا يتكلّمون. ثُمَّ إجعلهم يردّدون بصوتٍ خافتٍ الصلاة التى تقولها أنت على لسانهم.
- وتكام بصيغة المفرد، ليُدرك الطفل أنه هو الذى يتحدّث إلى الله. قُل مثلاً: “يا يسوع أنت تعلم أنّى أحبّك، وأريد أن أحبّك أكثر فأكثر، أرجوك أن تُساعدنى حتّى لا أغضبك أبداً…”.
- توقّف الوقت المناسب بين كلّ جملة، حتّى يستطيع الأطفال أن يردّدوا الصلاة بصمتٍ وهدوء.
ويحسُن التزام الصمت من حينٍ لآخر، لتجعل الطفل يتكلّم مع يسوع بأسلوبه الشخصىّ. والمهمّ أن يشعر الطفل بان صلاته نابعة من قلبه، وليست ألفاظاً يردّدها دون احساس أو شعور بمعانيها.
ويمكن أن تقول لهم أحياناً: “إننا لن نطلب شيئاً. لكنّا سنحاول أن يشعر يسوع بمقدار حبّنا له”، أو “نُريد أن نجعل يسوع مسروراً منّا، بأن نقوم بعملٍ يُرضيه. ماذا سنعمل؟ فلنفكّر جيّداً”. وبعد فترة صمت، تقول: “لا بدّ أن كلّ واحد وجد ما يُمكنه أن يُرضى به يسوع. كلّ واحد منّا سيَعد يسوع الىن، بأن يعمل بما فكّر فيه”.
أهمّ ما فى الأمر، هو أن تكون صلاة الطفل نابعة من القلب، وليست فقط ألفاظاً بلا معنى. ومن المفيد أن يتعوّد الأطفال على الصلوات بلا إدراك.
ويلزم أن نُراعى المنطق فى الصلاة، فالطفل حسّاس لذلك أكثر مما نظنّ. لا نعمل مثل ذلك الذى تكلّم طويلاّ عن القدّيسة تريزا، وختم قائلاً: “والآن، فلنصلّ إلى هذه القدّيسة العظيمة، لتُساعدكم أن ترضوا يسوع فى كلّ شئ”. وبطريقة آليّة، واصَل: “السلام عليك يا مريم…”.
يجب التدقيق على أن يتعوّد الأطفال على تلاوة صلاة المساء. كلّ يوم فى البيت، وإن أمكن وهم جاثون (أمام السرير)، بحيث يتحوّل ذلك إلى عادةٍ راسخة، بها يختمون النهار بالحديث مع الله.
من الأهميّة العُظمى أن يُدرك الأطفال المعنى الحقيقى للقدّاس فى حياتهم. فإن كان المسيح يأتى على المذبح، ليُقدّم ذاته للآب السماوى، فذلك لكى يجعلهم يدمجون تقدمتهم مع تقدمته. وهذا ما أراده يسوع، ليفيض عليهم ثمار الفداء.
من الضرورى أن نشرح للأطفال كلّ أقسام القدّاس، إلاَّ أنه من الأكثر ضرورة أن نُبرز أهميّة التقدمة، وكلام التقديس، والمناولة.
وعند التقدمة، فليتعلّم الأطفال صلاة شخصيّة سريّة، يشتركون بها، ليُقدّموا لله أفكارهم، وأعمالهم، وتضحياتهم، ووعدهم بعمل الخير.
وعند كلام التقديس وحلول الروح القدس، يلزم تكوين الطفل على الخشوع والسجود، والإستعداد للتناول.
وفى الصلوات من أجل الأحياء والأموات، فليتعوّد الأطفال على الاهتمام بالصلاة، من أجل الأشخاص الذين تذكرهم هذه الصلوات: الكنيسة والمسؤولين عنه….إلخ. وليشتركوا بابتهالاتٍ خاصّة، فى الوقت المخصّص لذلك.
وبعد التناول خصّص بعض الوقت للشكر الشخصى، بحيث يكون نابعاً من قلب الطفل، بألفاظ يُعبّر عنه بنفسه.
وإن كان من المفيد أن نُساعد الطفل، بالشروحات الروحيّة أثناء القدّاس، لكن من الضرورى جدّاً ألاَّ نحرمه من الوقت الكافى ليرفع قلبه إلى الله بصلاةٍ شخصيّة. ومن المهمّ أن يكون الاطفال فى مكان يرون منه المذبح. ولا تتركهم جاثين أو واقفين وقتاً طويلاً.
وبع نهاية القدّاس، لا تجعل الاطفال يخرجون مباشرةً متسارعين. يلزم أن يعتادوا على الاحتفاظ بالخشوع والهدوء. إجعلهم يصلّون صلاةً وجيزة، أو يرتّلون ترتيلةً مناسبة. ثُمَّ دقّق على ضرورة الحياة فى صُحبة يسوع، الذى شاركوه فى القدّاس والتناول.
لنسهر على أن تكون جميع الاحتفالات الكنسيّة مفهومة، وتزيد التقوى، وفى مستوى إدراك الأطفال، وذات تأثير على أرواحهم وقلوبهم.
لا تجعل الاطفال يرتّلون أو يرنّمون، إلاَّ بعد أن تشرح لهم النصّ ومعانيه الروحيّة. وإلاَّ اهتمّ الطفل بالنغمة دون إدراك المعنى، فتكون الترانيم جوفاء بلا أيّة فائدة.