512views
كونوا كاملين مثل ابيكم السماوي، فهو يطلع شمسه على الابرار والاشرار. ولكن ما معنى الكمال بالنسبة للمؤمن بالمسيح؟ ولماذا يطلب المسيح منّا أن نكون كاملين مثل أبانا السماوي؟ إن الكتاب المقدس يقدم لنا نهجًا واضحًا وقويًا لنكون كاملين. ولكن هل نستطيع ‘لى هذه الأرض وفي مثل هذه الظروف المعقدة والمتشابكة التي لا يمكن لإرداتنا مهما اجتهدت أن تصل إلى هذا الكمال؟
نعم، نقول لبعض، معتذرين عن ضعافتنا وأخطائنا التي لا تنتهي يوميًا “الكمال لله وحده” والبعض يجد هذه الجملة لكي يغطي على اهماله وكسله وعدم امانته،فيجيز لنفسه الاستمرار في الخطية والخطأ. إن المقصود بالكمال لله وحده، إننا نبذل قصارى جهدنا في تتميم عملنا، ونفعل ذلك دون كلل أو ملل، هذه هي سُنة الحياة. أن نحارب طوال يومنا لكي ننجز مشاريعنا، ونلبي طلباتنا العقلية والجسدية والثقافية .. الخ، لا أحد يستطيع أن يحصل على ما يريد وهو نائم أو وهو يحلُم أحلام اليقظة. الكمال يحتاج إلى جهد وعرق وإصرار وإستمرار وثبات.
البعض يتسائل، بما اننا لن نستطيع أن نصل إلى الكمال في هذا العالم، لماذا يطلب منّا الله هذا الكمال؟ والرد إن الله لا يمكنه أن يتركنا ننام ونبدد وقتنا في أشياء لا قيمة لها. ولأنه يعرف قلب الإنسان وإمكانياته، فهو يطلب منا أن ننفذ مشيئته في حياتنا، وبالمفهوم أن هذه المشيئة، هي الطريقة الوحيدة لنصل إلى الكمال الذي يريده منّا. إن حياتنا على الأرض سواء قصرت أم طالت، يجب أن تكون في حالة يقظة مستمرة، لتلبي نداء الحياة، نداء الله، في حياتنا اليومية. وهي تبدأ من ابسط الأشياء.
حين نبدأ نهارنا بصلاة “أبابنا الذي في السموات، ليتقدس أسمك …” وتنتهي في المساء قبل النوم حينما نسلم انفسنا إلى أحضان الله، حيث يستريح جسدنا وعقلنا من عناء اليوم، لكي يستعد لبداية يوم جديد.
كونوا كاملين، رغبة الله نحونا وبالتالي لا يريدنا الله أن نتوقف ونقول لقد انجزنا كل شيء فنحن كاملون. الله يعتبر رحلتنا في الحياة رحلة مستمرة حتى نعبر إلى البر الآخر، حيث الاكتمال الفعلي للوديعة التي أودعها الله فينا. فيستقبلنا ويقول لنا: “نِعِمَّا أَيُّهَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ الأَمِينُ! كُنْتَ أَمِينًا فِي الْقَلِيلِ فَأُقِيمُكَ عَلَى الْكَثِيرِ. اُدْخُلْ إِلَى فَرَحِ سَيِّدِكَ.” (متى 25: 23) .
