لا تقتل – الأب وليم سيدهم
هذه الوصية التي حكمت الشعب العبراني إحد الوصايا العشرة التي تلقاها موسى على الجبل، لم تكن خاصة بالشعب العبراني وقد تطرقت قوانين حمورابي التي ظهرت فيما بين النهرين بالعراق الحالي وكانت تحرّم قتل النفس.
اليوم لمن “لا تقتل؟” طبعًا صفحة الحوادث في كل الجرائد تطالعنا كل صباح بجرائم القتل المتنوعة المتعددة في بلادنا، آباء يقتلون أبنائهم وأمهات يقتلن أبنائهن وأولاد يقتلون آبائهم طمعًا في الميراث أو ردًا للعدوان الغاشم الذي ارتكبه الأب ضد ابنه وها هي البنت أيضًا تقتل أباها.
هذه الجنايات التي ترتكب لإتفه الأسباب بسبب كمية العنف والغيظ والقهر الذي يكتمه الإنسان في قلبه فيفجر لأول وهلة في وجه الآخرين دفاعًا عن النفس أو تنفيسًا عن الغل أو إنتقامًا للشرف.
أما الجنايات الكبرى والكثيفة الأعداد فنجدها في الحروب التي لا تنتهي في منطقتنا الشرق أوسطية خصوصًا، إنها الصراعات بين الدول الكبرى حول المواد الأولية مثل البترول والغاز وحول البلاد التي تستخدمها استرايجيات هذه الدول الكبرى للدفاع عن مصالحها.
إن المقارنة بين الحوادث اليومية وبين ضحايا الحُروب المنتشرة من العراق مرورًا بسوريا ليبيا واليمن والسعودية في الشرق الأوسط فإننا نقف مذعورين بسبب تقديمنا قرابيين على مذابح القوى الكبرى ومذابح اسرائيل الصهيونية المارقة.
لن ننسى أول جريمة في التاريخ، لقد قتل قايين هابيل أخيه، فزال عن الوجود ربع البشرية التي كانت تحتوى فقط على آدم وحواء وقايين وهابيل. كل هذا يأخذنا بنا إلى جذور العنف الكامنة في الإنسان، في قلب الإنسان.
ونتذكر أيضًا أكثر أول جذر للعنف في الوجود بأكلمه كان على يد آدم وحواء كما تعلمنا الكتب المقدسة، اتخذ هذا العنف شكل “العصيان” الذي قاما به آدم وحواء ضد الله خالقهم، وتقول الرواية في النهاية أن “الحية” هي من أوعزت لحواء بأن تعصي كلام الله فتأكل وتعطي زوجها من ثمرة الشجرة المُحرمة.
نحتار كثيرًا ونحن نرى مظاهر العنف المنتشرةحولنا وفيناونرفع أيدينا إلى الله لكي يتدخل. إلا أن الكتاب المقدس يخبرنا أن آدم وحواء أول ثنائي بشري خلقا على صورة الله ومثاله، وكانا في جنة عدن يتنعمان بصحبة الله وبجمال الطبيعة.
إذن حينما خلق الله الإنسان والحيوان والكون كان متناغمًا وعلى ما يُرام، الحية، التنين – ابليس – الشيطان هو السبب في تدمير الانسان وغضب الطبيعة.
نستنتج من ذلك أن البشر والحجر والشجر حينما نراهم ونتأمل جمال طلعتهم نشكر الله، ولكن أين تكمن المشكلة؟! إنها تكمن في قلب وعقل الإنسان، كما بالأمس كذلك اليوم.
فمثلًا ما الذي يوعز للأخ أن يسرق أخاه؟ ربما الطمع، ربما الغيرة، ربما الفقر، ربما الاحساس بالظلم. كل هذه الأسباب وغيرها مرتبطة بالحرية، والحرية هي أثمن عطية من الله للإنسان كيف نرتبها ونلجمها.
لا تقتل تعني لا تغضب، لا تحسد، لا تظلم، لا تشتهي مقتنى غيرك. لذا وضع الله هذه الوصايا لنعمل بها.