لماذا الاعتراف؟
مقترحات وأفكار لاجتماعاتنا الروحية
روما /أليتيا
نقتلها إلى العربيّة الأخت لارا شوارب من راهبات الورديّة،
“لماذا عليّ أن أُخبر الكاهن بخطاياي؟ ألا أستطيع أن أذهب وأبوح بها مباشرة للربّ؟”
يُطرحَ هذا السؤال دومًا على الكهنة. والجواب بكلّ بساطة: نعم، يُمكنكَ أن تصلّي للربّ مباشرة، وإنّ الله غفر لك بالفعل خطاياك بموت المسيح وقيامته.
ولكن لعلّ فاتنا جوهر سرّ المصالحة. فنحن مسؤولي التعليم المسيحيّ، علينا أن نلتقي الأشخاص حيث هم، ونقودهم بلطفٍ إلى مكانٍ جديدٍ في رحلة إيمانهم الشخصيّ. المجيء إلى الربّ في سرّ المصالحة بقلبٍ مُنفتح وروح مُستعدّ يمكنه أن يكون وسيلة مفيدة للتقدّم. هاكم بعض المقترحات.
مناقشة حول سرّ التوبة في اجتماعاتنا:
من المفيد استكشاف مواقفنا وإيماننا الشخصيّ حول الكنيسة بشكلٍ عامٍّ، وسرّ المصالحة بشكلٍ خاص، من خلال استخدام ورقة بسيطة للتفكير، أسأل فيها كلّ واحد أن يعكس ما في داخله حول الأسئلة التالية:
ما هو موقفك من الكنيسة؟
أيّ مشاعر تُثار فيك عندما تفكّر في سرّ التوبة؟
كيف تصف الخطيئة؟
بأيّ من الوسائل تعكس طريقة تكوين ضميرك؟
بأيّة طريقةٍ اختبرت الغفران بشكلٍ أقوى؟
بعد أن أعطي الفرصة لكلّ شخص للتفّكير بهذه الأسئلة، أدعوهم للمشاركة والمُقاسمة في المجموعة. فهذا سيساعدني للتفكير هل تغيّرت مواقفي ومعتقداتي منذ آخر مرّة عقدت فيها مثل هذا الاجتماع! و بعد ذلك نصلّي معًا، ونطلب قلوبًا وعقولًا منفتحة كي نقترب من هذا السرّ مع أبنائنا.
قراءة من الكتاب المقدس، وعرض موجز لكلمة الربّ، يليه إعطاء بعض المعلومات الأساسيّة الكتابيّة واللاهوتيّة. قصّتان كتابيّتان مفضّلتان لهذا اللقاء، هما قصّة شفاء المخلّع (مرقس 2) وقصّة شفاء المرأة النازفة (مرقس 5). في كلتا القصّتين لدينا الفرصة لنبحث في عدّة نقاط مهمّة:
نحن نعترف بإيماننا بأنّ إلهنا مُحِبّ وغفور ومسامح، وأنّنا جميعًا بحاجة إلى الشفاء. فالمرأة النازفة الّتي شُفيت أدركت أنّها مريضة وأنّها لا تستطيع أن تفعل شيئًا لتُشفى، وعلمت أنّ يسوع هو الوحيد القادر على أن يمنحها الشفاء. الرجل المخلّع وأصدقاؤه أدركوا أهمّيّة اللقاء الشخصيّ بيسوع. فالتركيز هنا على الشفاء لا على المرض. ما يحدث في سرّ المصالحة ليس أقلّ إعجازًا ممّا قد حدث للمخلّع أو للمرأة النازفة. يسوع يشفينا من هواننا.
هل تؤمن أن يسوع قادرٌ على شفائك؟
نحن نعلم حاجتنا لنُدرك خطايانا ونُسمّيها ونعترف بها. إن كنّا غير قادرين أن نفكّر بما قد فعلناه من إساءة تجاه الله، أو أنّنا لم نقضي الوقت الكافي للقيام بذلك، نحن بحاجة إلى إلقاء نظرة فاحصة على علاقتنا مع الله. نحن جميعًا خطأة. وهناك حاجة حقيقيّة، ليس فقط إلى أن نُدرك مدى فداحة إثمنا، بل إلى تسميَته وبذلك يُمكننا العمل للتغلّب عليه. من أجل التقرّب من الله، نحن بحاجة إلى أن نعرف ما الّذي يبقينا بعيدين عن الله. إنّ سرّ المصالحة يتيح لنا فرصةً كي نُحَدّد خطايانا، نسمّيها، نتوب عنها، ونطلب الغفران عنها. عندها فقط يُمكننا أن نتقدّم.
نحن نُقرّ بإيماننا بالمشاركة بجسد المسيح، ودور الكنيسة في قيادة شعب الله وإرشاده. واحتفالاتنا الجماعيّة بالأسرار تشهد على أنّ ارتباطنا بكلّ جسد المسيح هو طريقنا في هذه الحياة. ولسنا وحدنا في ذلك. ونقرّ بأنّ خطايانا لا تؤثّر على علاقتنا الشخصيّة بالله فقط، بل على علاقتنا بإخوتنا وأخواتنا أيضًا. لذلك نحتفل معًا بحضور الله في هَوانِنا وفي شفائنا، ونتقوّى معًا للمضيّ قُدُمًا.
وأخيرًا، نعود الى السؤال الأوّل، «لماذا يجب عليّ أن أعترف للكاهن بخطاياي؟»
بدلًا من طرح هذا السؤال، أدعو المشاركين في الاجتماع إلى التفكير: لِما للتقدّم من سرّ المصالحة قيمة في رحلتهم الروحيّة؟ كيف يُمكننا أن نُصحّح موقفنا تجاه هذا السرّ؟ كيف يُمكننا أن ننمّي عادة فحص الضمير، وأن نشكّل قلوبًا طاهرةً، ونقوّي علاقاتنا بالله وبالقريب؟ وكيف يُمكننا أن نعزّز المواقف الإيجابيّة والصحيحة لنا ولأصدقائنا؟
ونحن نقترب من سرّ المصالحة، علينا أن نعي تصوّراتنا ومواقفنا وشعورنا تجاه الكنيسة والأسرار. علينا أن نمتلك الفُرَص للتفكير في علاقتنا الخاصّة بالمسيح. نتعلّم أن نكون أشخاصًا مُسامحين، ونتعلّم كيف نتقرّب من الله ومن الآخرين، لأنّ المسامحة هي جانب مهمّ في الحياة المسيحيّة، ولا بدّ لها من أن تأخذ مكانتها في كلّ أبعاد حياتنا.
ما الّذي يمكنك أن تضيفه بعدُ في لقاءٍ أو حوارٍ مع أصدقائك في المجموعة حول سرّ المصالحة؟ أضِف لمستك الشخصيّة.
نشر هذا المقال على موقع الرّهبانية اليسوعية في الشرق الأوسط على الرابط التالي:
http://jespro.org/index.php?option=com_k2&view=item&id=736:la-confession&Itemid=118