stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

روحية ورعويةموضوعات

ماذا ينفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه؟ الأب وليم سيدهم

830views

إن الإنسان مسكون برغبات لانهائية، مثل رغبة الإمتلاك، فنحن نشعر بأننا نحتاج أن نؤمن حياتنا من العوز، فنبحث عن الدولارات لتخزينها ووضعها في حسابنا البنكي، وكلما كسبنا دولارًا، نرغب في عشرة دولارات، وإن حصلت على عشرة يزيد مائة وهكذا يجد كبار العالم وأصحاب السلطان فيها، يكنزون ثرواتهم بالمليارات، وأصحاب السلطان في العالم الثالث يكدسون ثرواتهم بالمئات والمليارات في بنوك سويسرا، بعيدًا عن أعين شعوبهم القصيرة.

رغبة عارمة في إمتلاك الثروة، رغبة عارمة في اكتساب السلطة، رغبة عارمة في اكتساب اللذات والشهوات بمختلف صنوفها.

في الواقع، جميع البشر بملياراتهم الثمانية اليوم، لديهم كل هذه الرغبات اللانهائية، إنها وديعة من الله للجميع، ولكن هذا الإستعداد الباطني لدى الإنسان ليس هدفه أن يخسر نفسه، بل أن يستخدمها كمحرك داخلي ليجابه الحياة، ولم يطلب الله من البشر أن يخسروا أنفسها ابدًا، بل أن يتخلوا بحريتهم عن هذه الممتلكات. لأنه يقول “فَإِنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَلِّصَ نَفْسَهُ يُهْلِكُهَا، وَمَنْ يُهْلِكُ نَفْسَهُ مِنْ أَجْلِي وَمِنْ أَجْلِ الإِنْجِيلِ فَهُوَ يُخَلِّصُهَا.” (مر 8: 35). 

فالله وضع أمامنا الكون باسره لنعمره ونسكنه ولكن لم يصنعه ليضرنا، وحتى يجعلنا قادرين على إقامة هذا التوازن بين رغباتنا اللانهائية وبين قدرتنا المحدودة من قوى جسدية ونفسية وروحية، خلق لنا العقل، لكي يميز بين ما يمكن وما لا يمكن، وأرسل لنا الرسل والأنبياء، وأخيرًا ابنه لكي يدلنا على الطريق الصحيح: “أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ. لَيْسَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَى الآبِ إِلاَّ بِي.” (يو 14: 6). وأشركنا معه لإدارة العالم مع اخوتنا وأخواتنا.

ولكن يقول المثل “العين لا يملاها إلا التراب” أي الموت الذي يحولها إلي التراب الذي استخدمه الله لكي يخلقها، إني فهمت هذه الآية “لأَنَّهُ مَاذَا يَنْتَفِعُ الإِنْسَانُ لَوْ رَبِحَ الْعَالَمَ كُلَّهُ وَخَسِرَ نَفْسَهُ؟” (مر 8: 36). في خبرة تواجدي في الحرب الأهلية اللبنانية السورية، فقد عُرض علي أن أدخل في علاقة، تفوقني مئات المرات لنصرة القضية الفلسطينية التي كرست نفسي للدفاع عنها، بإتخاذ مواقف حادة تعبر عن ذلك، إلا أني كنت في الشام، قادمًا من الحرب الأهلية في لبنان، كنت منهكًا للغاية، وألح عليّ الأصدقاء كثيرًا للدخول في هذه اللعبة، توسيع علاقاتي السياسية وإكتساب الشهرة، إلا أن هذا التأمل، أنقذني من نفسي ومن هذه الرغبة الجامحة، فشكرت الله فيما بعد أني حافظت على نفسي، واكتفيت بما انا فيه.

نعم، ماذا تنفع الدولارات، والسلطة والسكن الفاخر واللبس من آخر موضة، إذا كنت خسرت نفسي، وتركني السلام الباطني وضاع هدفي في الحياة، وضاعت رسالتي مني؟!