مانعا قرابة الدم والأهل-الأب د.أيوب زكي
تعريف القرابة الدموية
القرابة الدموية أو الطبيعية هي رباط الدم الذي يقوم بين الأشخاص المتناسلين أحدهم عن الآخر، كالأب وإن علا والابن وإن سفل، أو المتناسلين من أصل قريب كالأخوة وأولاد العم والعمة والخال والخالة وغيرهم من الأقارب وينشأ مانع القرابة عن رباط الدم بين الأشخاص، سواء كان الزواج صحيحاً أو باطلاً. يقرر القانون 918- “تُعد قرابة الدم بالخطوط والدرجات: (1) في الخط المستقيم عدد الدرجات بعدد الأشخاص، بعد حذف الأصل؛ (2) في الخط المنحرف عدد الدرجات بعدد الأشخاص، في كلا الجانبين بعد حذف الأصل”.
فبين مريم وحنا درجة ثانية إذ هما أخوان، وبين هاني وحنا درجة ثالثة لأن حنا خال هاني، وبين مريم ورفقة درجة ثالثة إذ أن مريم عمة رفقة، وبين رفقة وهاني درجة رابعة لأن رفقة ابنة خال هاني. الأصل هو ذلك الشخص، ذكراً كان أم أنثى، الذي يتناسل عنه أشخاص آخرون. إن القرابة الدموية تحسب بالخطوط والدرجات؛ أما الخط فهو سلسلة الأشخاص المولودين من أصل واحد، وهو مستقيم إذا كان الأشخاص يتسلسل فيه أحدهم عن الآخر. والخط المستقيم إما نازل إما صاعد، والأول يقال له الفروع والثاني الأصول. وهو منحرف إذا كان الأشخاص يتسلسلون من أصل واحد جامع دون أن يتسلسل أحدهم عن الآخر. الدرجة هي قياس المسافة بين شخص وآخر في أحد خطوط القرابة الدموية.
إن عدد الدرجات في الخط المستقيم يوازي عدد الأشخاص المتسلسل أحدهم عن الآخر، ماعدا الأصل. أما عددها في الخط المنحرف فيوازي عدد الأشخاص في شقي الخط، ما عدا الأصل. وعليه فإذا شئنا معرفة القرابة بين شخصين في الخط المنحرف فما علينا إلا الصعود من أحدهما إلى والده ووالد والده حتى ننتهي إلى الأصل الجامع ثم ننزل من شخص إلى شخص حتى ننتهي إلى الذي نريد معرفة قرابته بالآخر. فيكون عدد الدرجات بعدد الأشخاص ماعدا واحداً هو الأصل الجامع. لذلك إذا قمنا بذلك يتبين لنا أن بين الأخ والأخت درجتين وبين أولاد العم أو العمة أو الخال أو الخالة أربع درجات. نشأة المانع اعتبر كثير من الشعوب القرابة الدموية من موانع الزواج وكانت الشرائع المتعلقة بهذا الموضوع مختلفة جداً. فلقد أباح الفينيقيون والفرس زواج الأم بابنها والأب بابنته. وأباح المصريون زواج الأخت بأخيها. وحرم العبرانيون الزواج في الدرجة الثانية في الخط المستقيم، وزواج الأخ بأخته، والعمة بابن أخيها والخالة بابن أختها، وأباحوا زواج الخال بابنة أخته، والعم بابنة أخيه. وحرم القانون الروماني الزواج في الخط المستقيم على الإطلاق، أما في الخط المنحرف فقد حرمه بمن يقوم مقام الأب أو الأم كالعمة والعم والخال والخالة، ولم يسمح أبداً بزواج الأخ والأخت.
مانع القرابة في القانون الجديد
يقرر القانون 808- البند1: “غير صحيح في الخط المستقيم من قرابة الدم بين الجميع صعوداً ونزولاً.
البند2- غير صحيح الزواج في الخط المنحرف حتى الدرجة الرابعة بالتضمن.
البند3- لا يسمح بالزواج قط مادام هناك شك في وجود قرابة الدم بين الطرفين، في إحدى الدرجات من الخط المستقيم أو الدرجة الثانية من الخط المنحرف.
البند4- مانع قرابة الدم لا يتعدد”. يعتبر مانع القرابة في الدرجة الأولى من الخط المستقيم (أب وابنه، وأم وابن) هو شرع طبيعي أكيد ويؤكد بعض العلماء أن باقي الدرجات في الخط المستقيم هو من الشرع الطبيعي أيضاً.
اختلف العلماء أيضاً إذا كان مانع القرابة الدموية في الدرجة الثانية في الخط المنحرف (أخ وأخت) من الموانع ذات الشرع الطبيعي أم لا، أم باقي الدرجات في الخط المنحرف فهي من الشرع الكنسي. لقد قررت الإرادة الرسولية الصادرة 1949 أن الزواج باطل في الخط المستقيم من قرابة الدم بين الجميع صعوداً ونزولاً، وحتى الدرجة السادسة من الخط المنحرف (راجع القانون 66 بند1و2)، ولكن القانون الجديد يختلف عن القديم فقط فيما يخص الخط المنحرف، إذ أن الزواج باطل حتى الدرجة الرابعة بالتضمن في الخط المنحرف (بين أبناء العم والخال وبنات العمة والخالة).
أسباب المانع نعتقد أن أسباب تقنين هذا المانع تعود إلى اعتبارات أدبية واجتماعية وطبيعية. فالاعتبارات الأدبية توجب المحافظة الاحترام للأقارب وعلى الحياء الطبيعي، ما لم تبرر زواج الأقارب أسباب وظروف خاصة، أما العلاقات الاجتماعية فهدفها توسيع صلات القرابة وإقامة الصدقة وترسيخ أواصر المحبة بين الناس. كما توجب الاعتبارات الطبيعية المحافظة على سلامة النسل وتنشئة سليمة وصحية للجسم والعقل. التفسيح في المانع يقرر القانون 795 البند3: “لا يفسح قط في مانع القرابة في الخط المستقيم، أو في الدرجة الثانية من الخط المنحرف”. اعتبرت القوانين الكنسية القديمة أن قرابة الدم في الخط المستقيم والدرجة الثانية من الخط المنحرف هما من وضع إلهي طبيعي، لذا أبقى المشرع الشرقي على عدم التفسيح فيهما، وأتاح إمكانية التفسيح فيما هو مقرر حسب الشرع الكنسي، أي في الدرجة الثالثة والرابعة من الخط المنحرف. على الرئيس الكنسي المحلي أن يضع في اعتباره العادات والتقاليد في المجتمع والكنائس الأخرى عند منحه التفسيح في هذا المانع.
مانع القرابة الأهلية
تعريف المانع ونشأته
يقرر القانون 919- البند1: “تنشأ قرابة المصاهرة عن زواج صحيح وتسري على كل من الزوجين وذوي الدم للزوج الآخر.
البند2- قريب أحد الزوجين بقرابة الدم هو قريب الآخر بقرابة المصاهرة، في نفس الخط والدرجة”. تصدر القرابة الأهلية (المصاهرة) عن الزواج الصحيح، وهي الرباط القائم بين الزوج وأقارب الزوجة الدمويين من جهة، وبين الزوجة وأقارب الزوج الدمويين من جهة أرخى. وبالنسبة لحساب درجة القرابة الأهلية، نتبع نفس الطريقة الخاصة بحساب درجات القرابة الدموية، فيكون خط القرابة الدموية ودرجتها بالنسبة إلى أحد الزوجين نفس خط القرابة الأهلية ودرجتها بالنسبة إلى الزوج الآخر. وعليه إذا تزوج شادي مريم أصبح قريباً بالقرابة الأهلية، لوالدي مريم وولدها، من زواج آخر، في الدرجة الأولى من الخط المستقيم، لأن مريم هي قريبة المذكورين بالقرابة الدموية في الدرجة الأولى من الخط المشار إليه، وأصبحت مريم بدورها قريبة بالقرابة الأهلية لعم أو خال زوجها شادي في الدرجة الثالثة من الخط المنحرف لأن شادي والمذكورين هم أقرباء بالقرابة الدموية في الدرجة والخط المشار إليهما.
اعتبرت الشعوب كلها مانع القرابة الأهلية من موانع الزواج، وذلك لصلته الوثيقة بالقرابة الدموية. ولقد حرمت الشريعة الموسوية زواج اليهودي بوالدة امرأته وابنتها من زواج سابق، وحفيدة امرأته، وامرأة أبيه، وامرأة ابنه، وامرأة أخيه إلا إذا توفي الأخ دون أن يخلف نسلاً، وامرأة عمه أو خاله، وأخت امرأته مادامت حية. أما القانون الروماني القديم فقد حرم الزواج، بداعي القرابة الأهلية في الخط المستقيم دون الخط المنحرف.
استوحت الكنيسة، منذ القرن الرابع، الشرع الإسرائيلي والشرع الروماني لتنظيم مانع القرابة الأهلية. أسباب مانع القرابة الأهلية إن القرابة الأهلية من الموانع الكنسية بالرغم من أنها تستند إلى وثاق طبيعي، وهي لا تلزم غير المعمدين إلا بعد عمادهم، حتى لو عقدوا زواجهم حسب الشريعة الخاصة بهم. أما الأسباب التي دعت إلى وضع هذا المانع هي توسيع صلات القرابة والألفة والمصاهرة بين الناس بهدف الاحتفال بالزواج فيما بينهم.
المانع في القانون الجديد
يقرر القانون 809 البند1: “تبطل قرابة المصاهرة في أي درجة من الخط المستقيم وفي الدرجة الثانية من الخط المنحرف.
البند2- مانع المصاهرة”. يتبع المشرع القوانين الكنسية القديمة في تقرير هذا المانع، بمعنى أنه يبقى المانع في الخط المستقيم بين الجميع وفي كل الدرجات وحتى الدرجة الثانية في الخط المنحرف، أي بين الزوج وأخت الزوجة وبين الزوجة وأخ الزوج. التفسيح في المانع يعتبر مانع القرابة الأهلية من الموانع الكنسية لذا يجوز التفسيح فيها من قبل الرئيس المحلي (القانون 795) واضعاً في اعتباره العادات والشرائع الخاصة بالكنائس والجماعات الكنسية غير الكاثوليكية.
عن مجلة صديق الكاهن