stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

روحية ورعويةموضوعات

متى يأتي ملكوت الله؟ – الأب وليم سيدهم

1.3kviews

متى يأتي ملكوت الله؟

نحن جميعًا نتوق إلى الدخول في ملكوت الله، ونتسائل تحت ضغوط الحياة. متى يارب استريح؟ متى ‏أدخل ملكوتك؟ كيف أعرف الطريق؟ ويرد يسوع بكل هدوء على من يبحثون عن المكان والزمان: ‏‏”هَا مَلَكُوتُ اللهِ دَاخِلَكُمْ” (لو 17: 21) كيف هذا؟ بعد أن ضرب لنا الأمثلة “يشبه ملكوت ‏السموات” المأخوذة من واقعنا الأرضي واليومي. مثل “حبة الخردل” التي تبدأ فيها الملكوت بطريق ‏ميكروسكوبية. فحبة الخردل هي أصغر الحبوب لا يمكن رؤيتها بسهولة. إذن الملكوت ينمو ويكبر كما ‏تنمو حبة الخردل وتصبح من اكبر الاشجار، يستظل بها الناس وتسكنها عصافير السماء.‏

لنتأمل في معنى “ها ملكوت الله داخلكم” إذن مكان الملكوت يتماهى مع جسدنا فهو مكان داخلي وليس ‏خارج عني. ثم ثتنيًا مضمون الملكوت. وهنا نتصفح الكتاب المقدس لنرى ما الذي يسكن داخل ‏الإنسان؟ فنجد القديس بولس يتكلم عن: “أَمَا تَعْلَمُونَ أَنَّكُمْ هَيْكَلُ اللهِ، وَرُوحُ اللهِ يَسْكُنُ فِيكُمْ؟” (1 كو ‏‏3: 16) ، ثم أن قداسة الإنسان تنبع من داخله، من أفكاره النبيلة ومن خيالاته المقدسة، ومن إرادته ‏الخيّرة، من عقله المستنير، من قلبه المسالم والمُصالح والمتصالح مع نفسه ومع الآخرين.‏

إن الملكوت إذن حاضر فينا فقط علينا أن نكرس الوقت والجهد كي ننقي قلوبنا وعقولنا ووجداننا من ‏البقع السوداء التي قد تظهر كالسرطان في داخلنا فتؤذي بقية الجسم.‏

فإن كان الملكوت فينا، وأننا نشبه حبة الخردل فإننا نبتعد فورًا عن تصوراتنا المعتادة التي تتخيل ‏أماكن وأشياء عن الملكوت ليست موجودة إلا في مخيلتنا، فنتذكر ما قاله يسوع لبيلاطس: مَمْلَكَتِي ‏لَيْسَتْ مِنْ هذَا الْعَالَمِ. لَوْ كَانَتْ مَمْلَكَتِي مِنْ هذَا الْعَالَمِ، لَكَانَ خُدَّامِي يُجَاهِدُونَ لِكَيْ لاَ أُسَلَّمَ إِلَى ‏الْيَهُودِ. وَلكِنِ الآنَ لَيْسَتْ مَمْلَكَتِي مِنْ هُنَا».” (يو 18: 36)، نعم أنا ملك ولكني لست ملكًا للعالم ‏الذي يسوده العنف والبُغض والصراعات الدموية.‏

كذلك يميز المسيح مرات كثيرة مفهومه للملكوت عن المفاهيم الدارجة والقابعة في المُخيلة الشعبية، ‏يقول يسوع في صلاته الكهنوتية قبل دخوله سر الآلام: “لَسْتُ أَسْأَلُ أَنْ تَأْخُذَهُمْ مِنَ الْعَالَمِ بَلْ أَنْ ‏تَحْفَظَهُمْ مِنَ الشِّرِّيرِ.” (يو 17: 15) إذن هذا الملكوت له بُعد فردي شخصي يعيش فينا وبُعد ‏جماعي تتعانق فيه الإرادات الصالحة والأرواح المُسالمة مكونة مناخًا من الحب والثقة.‏

إن المقارنة بين مفهوم العالم وبين مفهوم الملكوت عند يسوع المسيح هي مقارنة بين عالم المؤمنين ‏المجاهدين الأبرار وعالم الشر، كذلك بين ملكوت الله وملكوت الذين يغيبون الله، وكأن العالم والملكوت ‏مترادفان يشرح الواحد فيهما الآخر. فبينما نعيش في العالم نطلب من الآب أن يأتي ملكوتك في هذا ‏العالم وينجينا من شر هذا العالم