stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

روحية ورعويةموضوعات

من مواعظ القديس أغسطينس الأسقف في الرعاة

919views

(العظة 46، 29- 30: CCL 41، 555- 557)

جميع الرعاة الصالحين يتحدون في راع واحد

إنَّ المسيحَ يرعاكَ إذًا بعدل، وهو يعرِفُ خرافَه ويميِّزُها من الخرافِ التي ليسَتْ له. “إنَّ خِرَافِي تُصغِي إلَى صَوتِي وَهِيَ تَتبَعُنِي” (يوحنا 10: 27).
وهنا أرى جميعَ الرعاةِ الصالحِين في الراعي الواحد. فلا ينقُصُنا رعاةٌ ولكنَّهم في راعٍ واحد. المنقسمون هم كثيرون. أمَّا هنا فراعٍ واحد، لأنَّ الربَّ أوصى بالوحدة. وليسَ صحيحًا لذلك أنَّ الرعاةَ صامتون، وأنَّ هناك راعيًا واحدًا لأنَّ الربَّ لم يجدْ رعاةً يَكِلُ إليهم خرافَه. بل وجدَ بطرسَ ووَكَلَها إليه. وما هو صحيحٌ أيضًا أنّه في شخصِ بطرسَ أوصى بالوحدة. كانَ الرسلُ كثيرِين، ومع ذلك فقد وجَّهَ كلامَه إلى واحدٍ فقط، قال: “ارعَ خِرَافِي” (يوحنا 21: 17) . حاشا أن لا يكونَ هناك رعاةٌ صالحون، حاشا لنا ألا يكونوا، حاشا لرحمتِه تعالى أن لا يَلِدَهم ولا يُقِيمَهم رؤساء.
نعم، إنْ كانَ هناكَ خرافٌ صالحة، فهناك أيضًا رعاةٌ صالحون، لأنَّ الرعاةَ الصالحِين يصيرون كذلك من الخرافِ الصالحة. إلا أنَّ جميعَ الرعاةِ الصالحِين هم في واحد، بل هم واحد. إنْ رعَوْا هم فالمسيح هو الذي يرعى. أصدقاءُ العريسِ لا يُسمِعون صوتَهم، بل يتهلَّلون بسماعِ صوتِ العريس. ولهذا هو الذي يَرعَى عندما يرعَوْن هم، ويقولُ “أنا أرعى” لأنَّ صوتَه فيهم، ولأنَّ محبّتَه فيهم. ولهذا أرادَ أن يكونَ بطرسُ نفسُه الذي أوصاه برعايةِ الخرافِ مثلَ آخرَ له وواحدًا معه. وقد أوصاه بالخرافِ حتى يكونَ هو (أي المسيح) الرأسَ، ويكونَ بطرسُ صورةَ الجسد، أي الكنيسة، فيكونُ كلاهما مثلَ العروسَيْن اثنَيْن في جسدٍ واحد.
ولهذا لمّا أوصاه بالخراف، ماذا قالَ له أوّلًا؟ حتى لا يبدو وكأنه يوصِي آخرَ مختلفًا عن نفسِه، بدأَ فسأله: يا بطرسُ أتحبُّني؟ أجابَ: أحبُّكَ. وسألَه ثانيًا: أتحبُّني؟ أجابَ: أحبُّكَ. وسألَه ثالثًا: أتحبُّني؟ أجابَ: أحبُّكَ” (ر. يوحنا 21: 15- 17). لقد ثبَّتَ المحبّةَ حتى يقوِّيَ الوحدة. فهو الذي يرعى. هو راعٍ واحد لهم، وهم لراعٍ واحد.
ولم يذكُرْ الرُّعاةَ. كلاّ، بل ذكرَهم. الرُّعاةُ يفتخرون، ولكن، “مَن افتَخَرَ فبالرَّبِّ يفتخرُ” (ر. 2 قورنتس 10: 17). لمـَّا قالَ إنَّ المسيحَ هو الذي يَرعَى، وإن كلَّ مَن يَرعَى فمن أجلِ المسيحِ يَرعَى، وفي المسيحِ، ولا خارجًا عن المسيحِ، وإلّا فإنّهم يَرعَوْن لأنفسِهم. ليسَ صحيحًا أنَّ هناك نقصًا في الرُّعاة، أو أنَّنا في تلك الأزمنةِ المستقَبَلَةِ السَّيِّئةِ التي تكلَّمَ عليها النَّبيُّ، أو أنَّه قال: “أنا أرعَى غنَمِي” (حزقيال 34: 15)، لأنَّه لا يوجَدُ من أكِلُهَا إليه. فلمّا كان بطرسُ وكانَ معه الرُّسُلُ الآخَرون في هذا الجسدِ وفي هذه الحياةِ، قال هو وحدَه، وفيه هو الواحدُ كلُّهم واحد: “وَلِي خِرَافٌ أُخرَى، لَيسَتْ مِن هَذِهِ الحَظِيرَةِ. فَتِلكَ أيضًا لا بُدَّ أن أقُودَهَا، فَيَكُونُ هُنَاكَ رَعِيَّةٌ وَاحِدَةٌ وَرَاعٍ وَاحِدٌ” (يوحنا 10: 16).
لِيكونُوا إذًا جميعًا واحدًا في راعٍ واحد، وَلْيتكلَّموا بصوتِ الرَّاعي الواحد، ولْيَسمَعْ الخرافُ هذا الصَّوتَ الواحِدَ، وَلْيتبعوا راعيَهم، لا ذاك أو ذاك، بل راعيًا واحدًا. ولْيكُنْ صوتُهم جميعًا فيه واحدًا، ولا يكُنْ لهم أصواتٌ متباينة. “أنَاشِدُكُم، أيُّهَا الإخوَةُ، أن تَقُولُوا جَمِيعًا قَولًا وَاحِدًا وَلا يَكُونُ بَينَكُم خِلافَاتٌ” (1 قورنتس 1: 10). لِتَسمَعْ الخرافُ هذا الصَّوتَ المصفَّى من كلِّ خصام، والمطهَّرَ من كلِّ ضلال، وَلْتتبعْ راعيَها الذي يقولُ لها: “إنَّ خِرَافِي تُصغِي إلَى صَوتِي وَهِيَ تَتبَعُنِي” (يوحنا 10: 27).