نسمات روحية – مونسنيور توماس حليم
كلِمات يَسوع على الصَليب
الكلمة الرابعة
إلهي إلهي لماذا تركتني
٢- ربط التجسد بالفداء
برهن المسيح على أنّه الإله المتأنّس بصفاته الخالية من كل عيب، ومعجزاته الفائقة الطبيعة، وتعاليمه الفوق بشرية، وملكوت السماء الذي أسّسه على الأرض، ودخوله للعالم وخروجه منه بطريقة خارقة للعادة. ولا نجد حلاً معقولاً للغز الكون إلا في الله، ولا نجد حلاً للغز الله إلّا في المسيح، ولا نجد حلاً للغز المسيح إلّا في الصليب، الذي فيه وحده سدّ عوز الطبيعة البشرية فبلغت إلى درجة الكمال. فالمسيح إله تام وإنسان تام بلا انفصال ولا امتزاج فهو “ٱللّٰهُ ظَهَرَ فِي ٱلْجَسَدِ” (1 تيموثاوس 3 : 16). وهو “صورة الله آخذاً صورة عبد” وهو الذي “وضع نفسه في الهيئة كإنسان ” (فيلبي 2: 5-8). فكإنسانٍ تعبّد لله وخضع لرئاسته وتمم إرساليته وتألم ومات، ولكنه كإلهٍ مساوٍ للآب في الجوهر، لا يَكِلّ ولا يعيا أبد الدهور. فالألم وقع فقط على الناسوت، ولأن اللاهوت لم يفارقه لحظة ولا طرفة عين، صرّح الإنجيل أن الترنيمة السماوية تقول: “… ذبحت وافتديت لله بدمك أناسا من كل قبيلة ولسان وشعب وأمه، وجعلت منهم لإلهنا مملكة وكهنة سيملكون على الأرض” (رؤيا 5: 9 – 10) ودعا الإنجيل المسيح عمانوئيل الذي تفسيره “الله معنا” (متى1: 23).