وأما هو فكان نائمًا – الأب وليم سيدهم
وأما هو فكان نائمًا
يقول الناس: النوم سلطان، فحينما ينام الإنسان بعمق فهو يمارس نشاطًا ضروريًا لصحة الإنسان وسلامة جسده ونفسه. ولكن أثناء النوم تظل أعضاؤه وأجهزته التنفسية والهضمية مستيقظة لا تنام، وقلبه ينبض فهذه الأجهزة لا تنام للمحافظة على حياة الإنسان.
ولا يفوتنا هنا أن نتذكر النص الانجيلي الذي يتحدث عن الزارع الذي يبذر أرضه ويرويها ثم ينام ويقوم فيجد النباتات تنمو، إذن نمو النباتات غير مرتبط بسهر الإنسان بل بعمل الله الخلاق ، وفي مشهد العاصفة حيث يسوع ينام وهو هادئ البال فإننا أمام مشهد يجعلنا نثق أن عمل الله لا يتوقف وأن حضوره مع تلاميذه على ظهر السفينة كان يلهم التلاميذ الموجودون فيه السلام والسكينة، فعلى غرار الفلاح الذي ينام ويقوم يجد البذرة أصبحت شجرة فإن يسوع أيضًا يثق في عمل الآب في الطبيعة وفي الانسان، وحينما ينزعج التلاميذ خائفين من الغرق فإن يسوع يهدئ من روعهم ويأمر الريح بالصمت فتصمت.
والدرس الذي نستفيده من هذا المشهد أن الله “ضابط الكل” لديه القدرة والقوة للسيطرة على الظواهر الطبيعية فلن نخشي من أنفسنا لأن الله يسهر علينا ويدافع عنا ضد الكوارث الطبيعية والأخطار.
وفي مشهد هام في الكتاب المقدس يؤكد على ما نقول نجد يونان النبي الذي هرب من تكليف الله له ببشارة أهل نينوى ينام في قلب السفينة بينما العواصف تتقاذف في السفينة، وربط المسافرون بين وجوده على ظهر المركب وغضب الطبيعة بغضب الله، وأجروا قرعة ليعرفوا من الذي تسبب في هذا الغضب وحينما قصّ يونان قصة هروبه من الله استنتج المسافرون على المركب أن يونان هو سبب غضب الطبيعة فألقوه في البحر إلا أن حوتًا إالتقطه وهذه شهادة أخرى عن العناية الإلهية التى تنقذ الإنسان من نفسه، وإذا كانت الطبيعة تعلن أحيانًا غضب الله على سلوك الإنسان المستفز فإننا نجد العكس تمامًا إذ أن الله يستطيع أن يسيطر على تقلبات هذه الطبيعة وهذا ما يعبر عنه المزمور ”اَللهُ لَنَا مَلْجَأٌ وَقُوَّةٌ. عَوْنًا فِي الضِّيْقَاتِ وُجِدَ شَدِيدًا لِذلِكَ لاَ نَخْشَى وَلَوْ تَزَحْزَحَتِ الأَرْضُ، وَلَوِ انْقَلَبَتِ الْجِبَالُ إِلَى قَلْبِ الْبِحَارِ.” (مز 46: 1-2)
إن عطايا الله لا تعفينا من استخدام عقولنا لكي نأمن على أنفسنا من الكوارث الطبيعية التي تعتبر إستثناءات للقوانين الصارمة التى تسير بمقتضاها الظواهر الطبيعية.