وبَكَر ابراهيم – الأب وليم سيدهم
وبَكَر ابراهيم
يُرتل هذا النص بالذات في اسبوع الآلام وبالأخص في قداس خميس العهد لقد اعتمد التقليد والآباء تقدمة اسحق رمزًا لتقدمة المسيح نفسه ذبيحة على الصليب فداءًا لنا.
إن أبينا ابراهيم دعاه الله من أور الكلدان (العراق الحالي) منذ آلاف السنين وأخرجه من الحياة الوثنية ليعبده في أرض وعده بها هو وأحفاده، كان ابراهيم عاقرًا وظل كذلك لفترة طويلة، قام بينه وبين الله حوارات كثيرة كان مطلب ابراهيم يتكرر أمام الله “من يرثني”.
كان ابراهيم بارًا وسُميّ خليل الله لقربه منه ومناجاته بصورة مستمرة، وكان الله يشرك ابراهيم في قراراته المتعلقة بأهل سدوم وعمورة مثلًا، يشتهر ابراهيم بزيارة ثلاثة رجال له وهو في الخيمة يستضيفهم ويغسل أرجلهم ويذبح لهم ليأكلوا وسط الصحراء، واعتبر التقليد أن هؤلاء الرجال الثلاثة كانوا يمثلون الثالوث المقدس وهم الذين وعدوا ابراهيم بحمل سارة بابنها اسحق.
يعرف الأباء الأسوياء قيمة أن يكون لك ابن فهذا يضفي على حياة الزوج والزوجة رونقًا وجمالًا، فالابن ثمرة الحب وهو الوريث لأبيه كما أنه عزوة للأب وفيه يرى المستقبل وطول العمر، أن يكون لك ابن يعنى أنك بوركت من الله وأثمرت للحياة والوجود إنسانًا يملأ عليك البيت ويعزز مكانك ومكانتك.
ونحن نعلم أن غياب الابن ينظر إليه من المجتمعات على إنه غياب البركة في الأسرة ونحن نعرف آلاف ممن حرموا من نعمة الإنجاب وهم يتألمون آلامًا مبرحة نفسيًا وجسديًا بسبب غياب الطفل، فكثرة البنين بركة كما يعتقد الناس.
لقد كان ابراهيم يحب اسحق ابنه الوحيد حبًا جمًا فهو مصدر فرحه وفخره ورجولته، لقد جاء بعد صبر طويل وبمعجزة من الله، إلا أن مسيرة الله مع ابراهيم كانت تدريبه على أن يكون أبًا لأمة عظيمة لا يُحصى عددها، وبالتالي أراد الله أن يتحرر إبراهيم من كل الإرتباطات التى تمنعه عن سماع صوت الله حتى لو كان إرتباطه بإنبه الحبيب أسحق.
نختبر في حياتنا اليومية والممتدة أننا نرتبط بأشخاص أو أشياء وتصبح غير قابلة أن نتخلي عنها, فجأة يطلب الرب من إبراهيم أن يقدم أسحق أبنه الحبيب محرقة وفورًا بكر إبراهيم وأخذ دابته والحطب والنار وإبنة أسحق.
نعم, لكل منا أسحق، علينا أن نسأل أنفسنا ما هو أغلي شىء لدينا؟ وهل إذا طلب الرب هذا الشىء سأعطيه له أم لا؟ إن وظيفتنا أو زوجتنا أو أبننا او بلدتنا إلي كل ما شابه ذلك إذا تعارض مع ما يطلبه الله منا هل نحن مستعدين لنضحي؟
إن هذه الرواية تساعدنا علي إختبار أنفسنا لنري هل نحن أحرارًا كما يبدو لنا في الظاهر؟ هل نستطيع أن نضحي بأشياء قد نكون تعودنا عليها منذ سنوات وأرتباطنا بها عاطفيًا أو جسديًا أو روحيًا.
إن الله يريد من إبراهيم إلا ينحاز لأي خليقة تؤثر علي علاقته به وعدم الأنحياز لما هو غير الله يجعلنا نخل بالموازين ونتنازل عن الجوهر في حياتنا لنستبدله بما هو عرض أو زائل.
لذا. علينا أن ندرك لماذا أطاع إبراهيم الله فورًا ؟ هل خوفًا أو طمعًا. لاشك إن عشرة إبراهيم مع الله جعلته يثق في الله ثقة مطلقة