وجدنا المسيح – الأب وليم سيدهم
وجدنا المسيح
نحن مكونون بالرغبة العارمة في رؤية الله، منذ طفولتنا وفي مراهقتنا وفي مرحلة بلوغنا نبحث عن الله ودوره في حياتنا. نبحث عن أصلنا ومنشأنا، نبحث عن الخالق الذي دعانا إلى الوجود. ثم نبحث عن شخص يرافقنا في حياتنا اليومية.
سرعان ما نكتشف أن وعينا وإدراكنا للكون ينحصر في بضع سنوات من عمر الكون كله. وكلما تعمقنا في معرفة الله والكون كلما ازدادت الأسئلة لدينا. هكذا فيلبس وزميله، لقد عاشوا في عصر شاعت فيه فترة الإنتظار لمخلص فينشل شعبه من الألم والحزن والقهر لقد توحش الإنسان مع معاملته لإخوته البشر ونشر الوصايا التى تنظم علاقته مع قريبه بحسب التوراه. ولم يعد هناك مفر إلا إنتظار مخلصًا آتيًا من لدن الآب ليحل هذه العلاقة الملغزة بينه وبين البشر.
لقد حاول الأنبياء تذكير الحكام والمحكومين بوصايا الله ولكن سريعًا ما كانت تتدهور الأمور إلى ما كانت عليه، ويتجلى يسوع لنا ولغيرنا يوميًا من خلال المؤمنين به، الذين تجاوزوا إيمانهم الموروث بإيمان شخص عميق ينعكس على قراراتهم ونوعية علاقاتهم مع الآخرين ومع أنفسهم، يتميزون بروح الفرح والثقة بالنفس وإنكار الذات والتحدث بخشوع كما يكون تواضعهم تعبيرًا عن دور المسيح في حياتهم وإرتباطاتهم النقية الشفافة التي تنضح سلامًا وإبتسامًا.
لقد وجدنا المسيح الذي تكلم عنه بولس الرسول وبطرس ويعقوب، إن الذين قبلوا المعمودية من صغرهم باسم الآب والأبن والروح القدس لم يكونوا في محل إدراك معنى هذه الخبرة الثالوثية في حياتهم لأنهم كانوا أطفالًا لم يتجاوزوا العام من عمرهم.
ومع تقدمهم ونموهم في السن يحاولون إستعادة لحظة معموديتهم، ولكن هذه المرة يستخدمون عقولهم التي نضجت وقلوبهم التي كبرت ووجدانهم ليروا مدى تغلغل الروح القدس في ثنايا قراراتهم اليومية. إن سؤال الحياة والموت لا يفارقنا ولذا فإننا نحتاج ليسوع لكى يدلنا على طريق الحياة وتجنب السقوط في براثن الموت الروحي والجسدى. ”فَلاَ تَخَافُوا! أَنْتُمْ أَفْضَلُ مِنْ عَصَافِيرَ كَثِيرَةٍ!” (مت 10: 31)، ”وَلِي خِرَافٌ أُخَرُ لَيْسَتْ مِنْ هذِهِ الْحَظِيرَةِ، يَنْبَغِي أَنْ آتِيَ بِتِلْكَ أَيْضًا فَتَسْمَعُ صَوْتِي، وَتَكُونُ رَعِيَّةٌ وَاحِدَةٌ وَرَاعٍ وَاحِدٌ.” (يو 10: 16)، ”كَمَا أَحَبَّنِي الآبُ كَذلِكَ أَحْبَبْتُكُمْ أَنَا. اُثْبُتُوا فِي مَحَبَّتِي.”… (يو 15: 9-15)، كل هذه الكلمات تقع على قلب المؤمن أو الباحث عن يسوع موقعًا طيبًا وحسنًا لأنها تضيء الطريق أمام المؤمن وتعصم رجله من الزلل.
ها قد وجدنا المسيح.لقد أنار حديث المسيح إلى روحي وقلبي فشعرت براحة وسلام بعد أن كنت فريسة للإضطراب والخوف وعدم الثقة في الذات والخلل الجسمي النفسي.
ما يميز الإنسان عن الحيوان هو الإدراك والوعي بما يقوم به، هم أن تكون قراراته نابعة من وعيه بذاته وبإمكانياته عكس الحيوان الذي يتحرك ويفعل بفضل غرائزه وإمتلاكه لبرنامج سابق التجهيز وضعه الخالق في كيانه ووجوده.
أما الإنسان فيمتلك الحرية والقدرة على إدراك ماحدث وما سيحدث وما يحدث الآن معه، فخطواته ليست مرسومة مسبقًا بل يختارها بعناية فائقة وغدراك مناسب، ولأن التلاميذ كانوا ينتظرون ويبحثون عن المخلص ها هو يدعوهم هو أيضًا ليتبعوه.