«ٱذهَب أَوَّلًا فَصالِح أَخاك، ثُمَّ عُد فَقَرِّب قُربانَك» – أوريجينُس
أوريجينُس (نحو 185 – 253)، كاهن ولاهوتي
بحث مُصَغَّر حول الصّلاة، 8-9
«ٱذهَب أَوَّلًا فَصالِح أَخاك، ثُمَّ عُد فَقَرِّب قُربانَك»
لن يتمكّن أحد من الحصول على أيّ شيء من خلال الصلاة إن كان لا يصلّي بنوايا حسنة وبإيمان مستقيم… لا يتعلّق الأمر بالإكثار من الكلام…: المطلوب هو عدم المجيء إلى الصلاة بنفس مضطربة نتيجة الأحقاد. لا يمكن تخيّل أن يُقدِم أحد على الصلاة بدون تحضير قلبه؛ ولا يمكن أيضًا تخيّل أن ذاك الذي يصلّي سوف ينال غفران خطاياه إن لم يكن قد سامح أوّلاً أخاه الذي طلب منه السماح.
إذًا كبداية، سيكون من مصلحة الذي يستعدّ للصلاة أن يتّخذ موقفًا يساعده في وضع نفسه في حضرة الله، ويساعده في التحدّث معه كما يتحدّث مع شخص يراه ويكون حاضرًا بالنسبة إليه. إنّ بعض الصور أو بعض الذكريات لأحداث سابقة تجتاح النّفس وتربكها؛ لذا، من المفيد التذكّر أنّ الله موجود وأنّه يعرف حركات نفسنا الأكثر سريّة. عندها، تستعدّ هذه النفس لتُعجِب ذاك الحاضر الذي يراها وينبئ بكلّ أفكارها، ذاك الفاحِص للقلوب والكلي (راجع مز 7: 10).
كما ذكر الكتاب المقدّس، على ذاك الذي يصلّي أن يرفع يدَين طاهرتين، وأن يصلّي لجميع الذين ألحقوا الأذى به، وأن يرفض كلّ ما يربك نفسه، وألاّ يغضب من أحد… مَن يمكن أن يشكّ في أنّ حالة النفس هذه هي الأفضل؟ لقد علّم بولس ذلك حين قال في رسالته الأولى إلى تيموتاوس: “فأُريدُ أَن يُصَلِّيَ الرِّجالُ في كُلِّ مَكانٍ رافِعينَ أَيدِياً طاهرة، مِن غَيرِ غَضَبٍ ولا خِصام” (1تم 2: 8).