”هذا هو ابنى الحبيب الذى به سررت” الأب وليم سيدهم
بعد أن سمعنا كلام النبياء ومحاولاتهم في تربية شعب الله لمئات السنين جاء ابن الله ذاته لكي يحدثنا عن حب الاب لنا وعن رغبته في خلاص كل واحد منّا وجاء ليبرهن على أن الانسان غير معذور إذا رفض الكلمة الأخيرة لخالقه ومبدعه. فهو حر أن يختار ولكن لكل اختيار عواقب.
جاء يسوع بعد أن تجرد من هالته الالهية متجسدًا في تاريخ البشر وملايين تفاصيله اليومية ليقول لنا أنه أخونا ووسيطنا لدى أبيه في دفع فاتورة الجفاء الذي حل بين الإنسان وبين الله بسبب رفض الإنسان أن يعترف أنه ليس إلهًا ولكنه شرارة من الاله وهناك فرق بين الأصل وبين الفرع؛ ففي حياتنا البشرية لن يستطيع ابن أن يدّعي أنه ولد نفسه فلا يوجد ابن لا أب له حتى وإن كان لقيطًا ومهما عظم الابن وتفوق على ابيه في القوة والسلطة والإبداع فإنه لن يستطيع أن ينكر أنه ابن فلان (هذا مثل قاصر).
هكذا المسيح جاء لتعليم الإنسان التواضع وقبول الذات واحترام حدوده “فإن أفكاري ليست أفكاركم ولا طرقكم طرقي، يقول الرب.” (اشعياء 55 : 8)، فأنا الله ولست إنسان أصفح وأغفر ملايين المرات لا بل إلى ما لا نهاية. ولكن الإنسان مهما فعل فلن يكون إلا ابن ابيه السماوى كما أشار يسوع نفسه.
الابن الحبيب وليس نبي مهما كانت عظمته من أشعياء إلى أرميا، دانيال، حزقيال، حبقوق …إلخ ما هم إلا فعلة في تاريخ الخلاص، أما يسوع فهو صاحب البيت البشري وليس كموسى مجرد باني البيت.
إن مشهد الروح القدس الذي حلّ على المسيح في معمودية يوحنا الموجود في الأناجيل الإزائية (متى – مرقس – لوقا) وصوت الآب المجلجل “هذا هو ابني الحبيب الذي عنه رضيت” (متى 3 : 17). يذكرنا أننا بدون المسيح لسنا بشيء كما قال القديس بولس نفسه: “وإن كان المسيح لم يقم، فتبشيرنا باطل وإيمانكم أيضا باطل. بل نكون عندئذ شهود زور على الله، لأننا شهدنا على الله أنه قد أقام المسيح وهو لم يقمه، هذا إن صح أن الأموات لا يقومون. فإذا كان الأموات لا يقومون، فالمسيح لم يقم أيضا. وإذا لم يكن المسيح قد قام، فإيمانكم باطل ولا تزالون بخطاياكم” (1 كو 15 : 14 – 17).
الابن الحبيب الثانى يحدثنا في انجيل يوحنا حديث الصديق والأخ ليبرهن لنا أننا أصبحنا جزءًا من المعادلة الثالوثية “ثبتوا في وأنا أثبت فيكم. وكما أن الغصن، إن لم يثبت في الكرمة لا يستطيع أن يثمر من نفسه، فكذلك لا تستطيعون أنتم أن تثمروا إن لم تثبتوا في” (يو 15 : 4)، إن إيماننا المسيحي يفتح لنا باب الرجاء واسعًا والله يضمنا إليه خليقة جديدة تمخض عنها الصليب المحيي. هذا الثمن التاريخي الذى دفعه يسوع منذ الفين عامًا حبًا فينا وفي الخليقة لكي يعيدنا إلى الجنة “التي تركها آدم وحواء” بسبب كبريائهم ورغبتهم في الانفصال عن الخالق.
”لا أدعوكم خدما بعد اليوم لأن الخادم لا يعلم ما يعمل سيده. فقد دعوتكم أحبائي لأني أطلعتكم على كل ما سمعته من أبي” (يو 15 : 15) .