stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

عظات الأيام الطقسية

الكاهن زارعٌ على مثال يسوع-إكليريكي جوزيف منير

971views

download (72)الكاهن زارعٌ على مثال يسوع

(مت13: 1-9)

• مُقدّمة

– نُصلّي من أجل اختيار بطريرك جديد للكنيسة القبطيَّة الأرثوذكسيَّة، على أن يكون هذا الاختيار ممسوحًا بمسحة الرّوح القدس، حتّى يكون سببًا للبركة والوحدة والسّلام والمحبَّة (اليوم عيد الحبِّ 4/11) لجميع المسيحيَّين. 

– إنَّ مثل الزّارع هو مثلٌ إزائيٌّ (مت13: 1-9؛ 18-23؛ مر4: 1-9؛ 13-20؛ لو8: 4-15)، يتكرّر مرتينِ في قراءات السّنة الطقسيَّة (الأحد الأوّل والثّاني من هاتور)، ويتميّز شهر هاتور بموسم الزّراعة عند المصريين. 

– إنَّ مثل الزّارع مليءٌ/غنيٌّ بالتأملات؛ فالأسبوع الماضي تأمل معنا ش/أنطونيوس حول العطاء المبني على الرّجاء. وهناك كثيرٌ من الموضوعات المطروحة للتأمل مثل: البيت، السّفينة، فن الأمثال، كلمة الله، أنواع الأراضي الأربعة… الخ، واليوم سنتأمل في الزّارع وبالأخص في: الكاهن زارعٌ على مثال يسوع. 

” نحن عاملانِ مع الله وأنتم فلاحة الله. بناءُ الله” (1كو3: 9)

منْ هو الزّارع ؟ 

– يسوع المسيح هو الزّارع، فكما أُطلق عليه الرّاعي الصالح، فيمكننا أن نطلق عليه أيضًا الزّارع الجيد/             الفلاح الماهر/زارع الملكوت/زارع الإيمان/زارع الحبِّ.  

ماذا فعل هذا الزّارع ؟ 

– “… هوذا الزّارع قد خرج ليزرع” (3). إنَّ أوّل فعلٍ قام به يسوع (الزّارع) هو أنَّه خرج، وهذا الفعل يشير إلى: 

 خروج أقنوم الابن (يسوع المسيح) من حضن الثّالوث أي التّجسّد: “… من عند الله خرج وإلى الله يمضي” (يو13: 3)، ويتميّز هذا الخروج بــــ: 

1- خروج الحبّ: تجسّد يسوع هو مُبادرة محبَّة من الله إلى الإنسان، لأنَّ الإنسان عاجزٌ أن يلتقي بالله، فنزل يسوع إليه. 

” هذا العمل ينبع عن حبِّه للبشر، إذ يترك البيت ويذهب بعيدًا إلى أُولئك الّذين يعجزون عن الحضور إليه”   (العلامة أوريجاينوس) 

2- خروج الترك/التخلّي: ترك يسوع امتيازاته الإلهيَّة ليصير إنسانًا: ” لكنَّه أخلى نفسه آخذًا صورة عبدٍ صائرًا في شبه النّاس…” (في2: 7). 

3- خروج الرّسالة: جاء يسوع ليتممّ رسالة أبيه على الأرض، ويُعلنها ليس فقط لشعبه، بل للأمم.

– هكذا الكاهن يخرج من فكر الله/رحم الإكليريكيَّة ليزرع الملكوت/كلمة الله/الحبَّ في وسط رعيته، وليس في رعيته فقط، بل للجميع… كما سقطت البذور على جميع الأراضي، هكذا يجب على الكاهن أن يرمي بذور الحبِّ بالحبِّ على جميع النّاس.   

أين يزرع يسوع ؟

– يسوع يزرع في قلوب جميع النّاس… في قلب اليهوديِّ (بولُس) والأمميِّ (أبولس)، البار (حنَّة النّبية) والخاطئ (زكَّا)، الغني (الشّاب الغني) والفقير (المعمدان)… فالبذور مُقدّمة للجميع بدون استثناء، بحُرِّيَّة التجاوب وإعطاء الثّمر. 

” لا يتوقَّف ابن الله عن بذر كلمة الله في نفوسنا، ليس فقط بكونه يُعلّم، وإنَّما بكونه يخلق مُلقيًّا البذار الصالحة فينا” (الأب/ثيئوفلاكتيوس)

– لا يزال يسوع يزرع في العالم من خلال الكاهن/الخادم/المُربّي، فعلينا أن نساعده، وقبل كلّ شيءٍ أن نترك كلمته تعمل فينا. 

– الكاهن لكي يزرع، وجب أن يكون قد زُرع المسيح بداخله، فنبتة المسيح في قلبه تدفعه إلى أن يُنبت الله في قلوب رعيته، ومَنْ يتعامل معه. 

– سنُقابل أشخاصًا مُتعدّدين منهم الإنسان السّطحيّ، الباحث عن الغنى، المُستفيد، المرائي، أصحاب القلوب المريضة، صغار النّفوس، ضحايا الأحداث والظّروف… الخ. ماذا سأفعل معهم ؟ 

هل سأتعامل معهم كما هم مُتجنبًا شرورهم وضعفاتهم ؟

هل سأحاول أعالجهم نفسيًّا وتربويًّا وعلميًّا ؟

هل سأكتفي بأن أُعلن غضب وتهديد لله للبعيد عنه ؟ (كما فعل يونان سار في نينوى 3 أيّام يرمي بذار غضب الله)

هل سأبذل كلَّ جهدي لزرع بذار يسوع في قلوبهم ؟ 

ما هدف الزّارع وغايته ؟

الزّارع واحدٌ، والبذور واحدةٌ، ولكنَّ الثّمر يتوقّف على نوعيَّة الأرض (قلوبنا)

– هذا المثل ليس سلبيًّا عندما تكلّم عن ما حدث للبذور عندما سقطت على الطريق والحجارة والشّوك، ولكنَّه أيضًا تحدثّ عن الثّمار المئة والسّتين والثلاثين في الأرض الجيدة. يُفسّر ق جيروم بأنَّ ثمار المئة رمزًا للبتوليّة، وثمار السّتين رمزًا للترمل، وثمار الثّلاثين رمزًا للزّواج العفيف. ولكن ليس هناك رسالة أعظم من الأخرى، فكلُّ إنسانٍ له رسالته، الّتي تكون عظيمةً بقدر أمانته لها.     

– ما ينتظره الفلاح هو موسم الحصاد (جني الثّمار)؛ تكليلاً لتعبه ومجهوده، قوتًا له ولأولاده. ولكن منطق الله مختلفٌ عن منطق الفلاح:  

 يدعونا إلى أن نبذل ما في وسعنا لزرع كلمته في قلوب النّاس دون انتظار ثمارًا، فقد يحصدها غيرنا.

“… إنَّ واحدًا يزرع وآخر يحصد. أنا أرسلتكم لتحصدوا ما لم تتعبوا فيه. آخرون تعبوا وأنتم قد دخلتم على تعبهم” (يو4: 37-38)

 يدعونا أن نُلقي البذار ونرويها بالماء العذب ولكن مَن ينميها هو الله (الفاحص قلوب البشر). 

” إذًا ليس الغارس شيئًا ولا السّاقي بل الله الّذي يُنمي” (1كو3: 7)

 يدعونا أن نستخدم السّطور المعوجة لكتابة رواية… الجرة المكسورة لتشجير طريق (قصة الجرة المشروخة).  

صــــــــــــــــــــــــــلاة

يا يسوع ازرعْ فيَّ كلمتكَ، لأصبح نبتةً تُجسد عملكَ فيَّ

يا يسوع علّمني كيف أزرعكَ أنتَ في قلوب الجميع

اجعلني على مثالكَ، زارعًا للملكوت.. زارعًا للإيمان.. زارعًا للحبِّ

ازرع ليس انتظارًا لثمرٍ أو طمعًا في شكرٍ أو بحثًا عن مالٍ

اجعلني مستحقًا أن أكون كاهنًا زارعًا على مثالكَ. 

آمين

• المراجع

– تفاسير القس أنطونيوس فكري، القمص تادرس يعقوب ملطي، موسوعة الكنيسة القبطيَّة، الأب متّى المسكين للأناجيل الإزائيَّة. 

– يوسف ريتشوتّي، حياة يسوع المسيح، نقلها بتصرّف لويس فهيم، دار ق بطرس، أسيوط، 2011.

– أنور داود، قصص وعبر، مطبعة الدّلتا، الإسكندريَّة، 2009.