نسمات روحية للمنسنيور توماس حليم 15 يونيو
نسمات روحية
١٥ يونيو
ما هو المّوت؟
فأمام مشهد الموت يقف الإنسان عاجزاً حائراً، نجده يخاف ويرتعب، تقف الكلمات والتعابير في حلقه وفمه من شدة الخوف والفزع، فيرتعش، وتقشعرّ الأبدان. نجده أمام الموت فارغاً من كل شيء ولا يستطيع أن يجد تفسيراً أو معنى له. يدخل في ظلمة الألم، وأحيانا يفقد إيمانه، تارة يعترض عليه ولا يقبله، وأخرى يُسكّن نفسه بكلمات الرثاء والمؤاساة. قد يكون ذلك صحيحاً إذا كانت نهاية الإنسان على الأرض بدون معرفة ولا مصير ولا يعرف إلى أين يذهب بدون أمل ورجاء بالحياة الأخرى.
ففي الحقيقة ليس الموت هو فقط النهاية المخيفة لحياتنا، ولا هو الحد النهائي لتلك الحياة التي نحياها، وإنما هو أيضا وصف لحالتنا الراهنة. فنحن الآن نعيش الموت، فكل ثانية نعيشها تموت وتستبدل بأخرى تموت هي أيضاً، وهكذا، فإذا تأملنا بندول الساعة نجد أن الموت يسارع ويبتلع الزمن الحاضر، ويعلن في كل حركة له أن نهايتي في هذه الحياة تقترب دونما توقف.
فالآن، قد مات فيَّ مراحل متعددة. مات فيَّ الرضيع والطفل، والفتى والشاب. وسيدركني الموت في مرحلة البلوغ، أماّ حياتي الأرضية فكل علامة من علامات تقدُّم العمر تعتريني معلنه أن الموت بدأ يُحكِم قبضته عليَّ.