آية يونان النبي – الأب وليم سيدهم
آية يونان النبي
هذا الجيل الشرير الفاسد إنهم بنو اسرائيل لم يكفيهم تعقب يسوع لمهاجمته بسبب الخير الذي يقوم به مع المرضى والبُرص والكسحان في فلسطين التعيسة لا بل والحط من شأنه، عميت عيونهم عن الآيات التي أجراها أمامهم في الجليل وفي أورشليم، فظلوا يرددون كالأنعام “نريد آية” طبعًا حتى يصدقوا أنه المسيح، فغضب يسوع غضبًا شديدًا ووصفهم بالجيل الشرير الفاسد.
وأعلن لهم أن عليهم الرجوع إلى سيرة يونان النبي في أسفارهم ففيه سيجدون الآية التى سوف ترضيهم، وفي التقليد المسيحي يعتبر يونان رمزًا مثل اسحق ابن ابراهيم للمسيح الآتي، والغرض من هذه الآية هو كما أن يونان قضى ثلاثة أيام وثلاثة ليالي في بطن الحوت، كذلك سيفعل يسوع.
وكما بشر يونان أهل نينوى بدون آيات ومعجزات وتابوا رغم أنهم كانوا وثنيين. جاء يسوع ليبشر العالم كله بالخلاص وغفران الخطايا. “رِجَالُ نِينَوَى سَيَقُومُونَ فِي الدِّينِ مَعَ هذَا الْجِيلِ وَيَدِينُونَهُ، لأَنَّهُمْ تَابُوا بِمُنَادَاةِ يُونَانَ، وَهُوَذَا أَعْظَمُ مِنْ يُونَانَ ههُنَا! مَلِكَةُ التَّيْمَنِ سَتَقُومُ فِي الدِّينِ مَعَ هذَا الْجِيلِ وَتَدِينُهُ، لأَنَّهَا أَتَتْ مِنْ أَقَاصِي الأَرْضِ لِتَسْمَعَ حِكْمَةَ سُلَيْمَانَ، وَهُوَذَا أَعْظَمُ مِنْ سُلَيْمَانَ ههُنَا!(متى 12 : 41-42)، لأن الاثنين كانوا وثنيين إلا أنهم تابوا على يد يونان وملكة سبأ جاءت خصيصًا إلى أورشليم لتسمع إلى حكمة سليمان رغم أن يونان وسليمان لم يكن يمتلكا قامة المسيح ومقامه بصفته الابن الوحيد للآب.
يقول المثل “اتقي شر الحليم إذا غضب” ونحن أمام غضب مقدس يفضح صمم وعمي أهل عصره ممن يدعون علماء الدين، لقد بكى يسوع على أورشليم عشية آلامه لأنها لم تسمع له قبل أن تحل عليها الظلمة وترتكب حماقة صلبه ”كَمْ مَرَّةٍ أَرَدْتُ أَنْ أَجْمَعَ أَوْلاَدَكِ كَمَا تَجْمَعُ الدَّجَاجَةُ فِرَاخَهَا تَحْتَ جَنَاحَيْهَا، وَلَمْ تُرِيدُوا! هُوَذَا بَيْتُكُمْ يُتْرَكُ لَكُمْ خَرَابًا.” (مت 23: 37- 38)
لقد قلب موائد الصيارفة وطرد باعة الحمام من الهيكل وقال لهم “وَقَالَ لَهُمْ: «مَكْتُوبٌ: بَيْتِي بَيْتَ الصَّلاَةِ يُدْعَى. وَأَنْتُمْ جَعَلْتُمُوهُ مَغَارَةَ لُصُوصٍ!»” (مت 21: 13).
إن غصبة يسوع على بنى قومه من اليهود لم تأت من فراغ، فهذا الشعب الغليظ الرقبة: “لأَنَّ هذَا الشَّعْبَ قَدِ اقْتَرَبَ إِلَيَّ بِفَمِهِ وَأَكْرَمَنِي بِشَفَتَيْهِ، وَأَمَّا قَلْبُهُ فَأَبْعَدَهُ عَنِّي” (إش 29: 13)، إننا أمام ظاهرة تتكرر في كل جيل وهي استغلال الدين أسوأ استغلال وتحويله عن هدفه ليصبح مجرد حجة على الله بدلًا من أن يكون حجة الله على البشر.
يعلمنا التاريخ أن انحطاط الحضارات مع انهيار القيم والمبادئ التى قامت عليها أسس هذه الحضارات ومع المسيح سقطت الشريعة والناموس الذين كان سببًا في إدانة المسيح وسطعت قيم المحبة والرحمة والغفران في سماء فلسطين من جديد بقيامة المسيح بعد دفنه ثلاث أيام في بطن الأرض.