أتحبني أكثر من هؤلاء – الأب وليم سيدهم
سأل المسيح في بداية رسالته تلاميذه عمن يقول الناس عن هويته، فأخبروه أن الناس يقولون أنه نبي، سالهم مرة أخرى وأنتم ماذا تقولون عنى؟ “فَأَجَابَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ وَقَالَ: «أَنْتَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ الْحَيِّ!».” (مت 16: 16)، فرح يسوع جدًا بهذا الرد الصائب وأثنى على بطرس.
وفي نهاية رسالة المسيح وبعد ما حدث مع بطرس بالذات بين إعلانه أن يسوع هو المسيح ابن الله، وبين هذا السؤال المباشر لبطرس بعد قيامة المسيح، جرت أحداث كثيرة أظهرت المنحنيات التي مر بها هذا التلميذ بمعلمه، من ايمان قوى إلى قلة الإيمان إلى المزايدة على زملائه، فالإنكار ثلاث مرات لمعلمه ثم البكاء والتوبة ثم الإختفاء تمامًا أثناء أحداث الصلب والقيامة.
لقد كان بطرس عاشقًا للمسيح ومقربًا منه إلا أن هذا لم يمنعه من السقوط أكثر من مرة في أخطاء هامة.
أتحبني يا بطرس أكثر من هؤلاء؟ ثلاث مرات يردد يسوع القائم من بين الأموات السؤال إلى تلميذه، وكان رد بطرس بالإيجاب: “أنت تعلم إني أحبك” ويطلب يسوع منه “إرع خرافي”.
ونحن نتسائل كيف يختار يسوع شخص وقع في أخطاء قاتلة ليحتمل مسئولية قيادة شعب الله الجديد، ويؤكد لنا يسوع أن نوعية القيادة التي يرضاها، هي التي اختبرت الضعف كما اختبرت الغفران، لم يختر يسوع شخصًا كاملًا مفرقًا عن الخطيئة والضعف كما نعتقد نحن ولكن إختار شخصًا محبًا وغيورًا على رسالة يسوع، هذا هو الأهم.
هل تحبني يا بطرس؟ ثلاث مرات يسأل يسوع وثلاث مرات يجيب بطرس، وكان وقع السؤال للمرة الثالثة على بطرس مكررًا فهذا يذكره بالمرات الثلاثة التي انكر فيها معلمة، وكان محزن جدًا، وربما كان يريد يسوع أن يذكره بأن اختياره ليقود دفة السفينة الجديدة للخلاص لم يكن بسبب صلاحه وكمال شخصيته، وبالتالي هي دعوة له أن يتجرد عن إرادته الشخصية وطموحاته لكي يمتلىء بروح المعلم ويضع يده في يده ليضمن أن يؤدي الرسالة الجديدة المطلوبة منه.
ويلخص يسوع لقاءه مع بطرس بقوله: “اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: لَمَّا كُنْتَ أَكْثَرَ حَدَاثَةً كُنْتَ تُمَنْطِقُ ذَاتَكَ وَتَمْشِي حَيْثُ تَشَاءُ. وَلكِنْ مَتَى شِخْتَ فَإِنَّكَ تَمُدُّ يَدَيْكَ وَآخَرُ يُمَنْطِقُكَ، وَيَحْمِلُكَ حَيْثُ لاَ تَشَاءُ».( يوحنا 21: 18)
وفي نفس المشهد نرى بطرس الذي كان يغير من يوحنا الحبيب يسأل معلمه وماذا عن هذا؟ أى يوحنا؟ فيرد يسوع بإقتضاب، مالم وله، “اتبعني انت” فقط.
إن تصنيف بطرس راعيًا للكنيسة الجديدة لم يكن تعيننًا لقائد سياسي أو قائد عسكري إنما قائدًا لروح المعلم المتجسدة في نسيج هذا العالم المعقد والمملوء بالأشتراك، ولقد قام المسيح نفسه في حياته البشرية بوضع المنهج لهذه الرعاية والقيادة. منهج الحب والرحمة والالتصاق بالآب والانتباه لعمل الروح القدس في قلوبنا.