نحتفل اليوم بأحد الشعانين فيصف لوقا الإنجيلي (لوقا 19: 28-40) دخول المسيح بالمجد والانتصار الى اورشليم حيث يدشّن “أسبوع الآلام” مقدمًا حياته عن شعبه. وكلمة “شعانين” كلمة عبرية “هوشعنا” הושענה من جذر سرياني ومعناها “امنح الخلاص”، ومن اشتقت الكلمة اليونانية ὡσαννά، وكما يقول القديس ايرونيموس “أنها تعني أن مجيء المسيح هو خلاص العالم”. ومن هنا تكمن أهمية البحث في وقائع النص الانجيلي وتطبيقاته.
أولاً: وقائع النص الإنجيلي (لوقا 19: 28-40)
28 “قالَ هذا ثُمَّ تَقَدَّمَ صاعِداً إِلى أُورَشَليم”: تشير هذه الآية الى تصميم يسوع في صعوده الى اورشليم “ولَمَّا حانَت أَيَّامُ ارتِفاعه، عَزَمَ على الاتِّجاه إِلى أُورَشَليم” (لوقا 9: 51).
29 “ولمَّا قَرُبَ مِن بَيتَ فاجي وبَيتَ عَنْيا عِندَ الجَبلِ الَّذي يُقالُ لهُ جَبَلُ الزَّيتون، أَرسَلَ اثْنَينِ مِن تَلاميذِه”: تشير عبارة “قَرُبَ” الى ان يسوع أراد ان يتمم عمليا قول زكريا النبي “اِبتَهِجي جِدّاً يا بِنتَ صِهْيون وآهتِفي يا بنتَ أُورَشَليم هُوَذا مَلِكُكَ آتِياً إِلَيكِ بارّاً مُخَلِّصاً وَضيعاً راكِباً على حمارٍ وعلى جَحشٍ آبنِ أتان” (زكريا 9: 9-10). اما عبارة “بَيتَ فاجي” فتشير الى اسم ارامي בֵּית־פַּגֵּי ومعناه “بيت التين” وهي قرية صغيرة تقع الى الجنوب الشرقي من جبل الزيتون في القدس (متى 21: 1) كان يسكنها الكهنة ليكونوا قريبين من الهيكل بأورشليم؛ والظاهر ان يسوع المسيح دخلها قبل أن يدخل بيت عنيا، إذ كان آتيا من أريحا الى اورشليم. اما عبارة “بَيتَ عَنْيا” فتشير الى اسم ارامي בֵית־הִינִי معناه بيت البؤس او البائس وهي قرية تقع الى الجنوب الشرقي من جبل الزيتون على بعد ثلاثة كيلومترات من اورشليم، وهي أبعد من بيت فاجي. وتدعى الآن العازرية، وهي مبنية على أكَمةٍ صخرية عسرة المسالك، وكان يتردد السيد المسيح اليها مرارا لا سيما في أيامه الأخيرة ليلتقي لعازر واختيه مريم ومرثا الذين عاشوا في هذه القرية وحيث أقام لعازر من القبر (يوحنا 11: 1-44)؛ ولا يزال قبره منحوتا في الصخر هناك.
30 “وقالَ لَهما: اِذهَبا إِلى القَريةِ الَّتي تِجاهَكُما، تَجِدا عِندَما تَدخُلانِها جَحشاً مَربوطاً ما رَكِبَه أَحَدٌ قَطّ، فَحُلاَّ رِباطَه وأْتِيا بِه”: تشير عبارة “اِذهَبا إِلى القَريةِ” الى الإرسالية للأمم ولليهود. يرسل السيِّد تلميذيْه ليحلاّ باسمه المربوطين، ويدخلاهم بالقلوب إلى أورشليم العُليا؛ اما عبارة “جحش” فتشير الى صغار الحمير، وقد ورد ذكره في بَرَكة يعقوب لابنه يهوذا “رابطٌ بِالجَفْنَةِ جَحشَه وبَأَفضَلِ كَرمةٍ آبنَ حِمارتِه” (تكوين 49: 11)؛ وكان يركب الجحش الشرفاء (قضاة 10: 4). وكان الجحش مطية الآباء (تكوين 49: 11). ولوقا الإنجيلي يلمح هنا الى قول زكريا النبي (زكريا 9: 9)، أي الى دخول الملك، المسيح المنتظر الى اورشليم على جحش، ولا يتم هذه الدخول على جياد الأغنياء والاقوياء، بل على حمار متواضع كما ورد في سفر التكوين (تكوين 49: 11). اما عبارة “مَربوطاً” فتشير الى ان الآخرين يربطوه ليمتلكوه، أما يسوع يأمر بان يحله. وهي صورة بان السيد المسيح يحلنا ليحفظنا في يده؛ فالنعمة أعظم من القيود. وأن الحلّ أقوى من القيود. اما عبارة “ما رَكِبَه أَحَدٌ قَطّ” فيشير الى مشروع ديني روحي (عدد 19: 2).
31 “فإِن سأَلَكما سائِل: لِمَ تَحُلاَّنِ رِباطَه؟ فقولا: لأَنَّ الرَّبَّ مُحتاجٌ إِليه”: تشير عبارة “الرَّبَّ” الى لقب يطلقه يسوع على نفسه، ولا يَرد إلاَّ في هذا النص الإنجيلي. وبهذا اللقب سمّى المسيحيون الاولون المسيح الذي قام من بين الأموات. في حين ان أسفار العهد القديم جعل لقب “الرب” لله (متى 21: 3-4). واما للمسيح المنتظر فأطلق لقب الملك. اما عبارة “مُحتاجٌ إِليه” فتشير الى ان صاحب الدابة كان واحداً من أصدقاء يسوع غير المعروفين.
32 “فذَهَبَ المُرْسَلانِ فَوَجَدا كما قالَ لَهما”: تشير عبارة “المُرْسَلانِ” الى “شَهادَةُ شاهِديْنِ تَصِحّ” (يوحنا 8: 17)؛ ورقم أثنين يشير لعمل الخير والتجسد “فإِنَّه سَلامُنا، فقَد جَعَلَ مِنَ الجَماعتَينِ جَماعةً واحِدة” (أفسس 14:2).
33 “وبَينَما هُما يَحُلاَّنِ رِباطَ الجَحْش، قالَ لَهما أَصحابُه: لِمَ تَحُلاَّنِ رِباطَ الجَحْش؟ 34 فقالا: لأَنَّ الرَّبَّ مُحتاجٌ إِليه: يعلق القديس اثناسيوس في هذا العمل ان في هذه الآية “صورة رمزية للتمتع بالحل من الخطايا خلال السلطان الرسولي، وذلك حسب وصية السيد المسيح وبكلمته. الحلّ هو موهبة إلهية وعطية يقدمها الله نفسه خلال كهنته! ليتني أكون مثل هذين التلميذين أستطيع أن أفك قيود الحاضرين لأن كل واحد منا مُقيَّد بقيود الخطية”. لنبتهل لكي يرسل الرب يسوع تلاميذه إلينا فيحلوننا من القيود المكبلين بها، إذ بعضنا مقيد بحب المال، وآخر بقيود الزنا، وآخر بالسكر، وآخر بالظلم.
35 “فجاءَا بِالجَحْشِ إِلى يسوع، ووضَعا رِدائَيْهما علَيه وأَركَبا يسوع”: تشير عبارة “وضَعا رِدائَيْهما علَيه” الى قبوله ملكًا كما حدث مع ياهو بن يهوشفاط (2 ملوك 9: 13) او تشير إلى ترشيحه للرئاسة كما جاء في سفر اشعيا “إِنَّ لَكَ رِداءً فكُنْ قائِداً لَنا” (إشعيا 3: 6). ويقول القديس امبروسيوس “ان الرداء هو رمز للجسد؛ فإذا قدمناه للرب فهو يقبله عطية حب ويقدّسه”؛ اما عبارة “أَركَبا يسوع” فتشير الى تتويج سليمان؛ اذ كما اركب الخدم سليمان الحكيم على بغلة الملك داود ليمسحه صادوق الكاهن ملكا (1 ملوك 1: 33)، كذلك أركب التلميذان يسوع على الجحش لدخول اورشليم ملكاً منتصراً.
36 “فَسارَ والنَّاسُ يَبسُطونَ أَردِيَتَهم على الطَّريق”: تشير عبارة “أَردِيَتَهم” (مفردها رداء) الى الثوب الخارجي، وهو قطعة مربعة أو مستطيلة من القماش طولها 1.8م تُلف حول الجسد، وإذا مسّت الحاجة تطرح فوق المَنكِب أو تحت الإبط؛ أما في الليل فكانت تستعمل غطاء (خروج 22: 26).
37 “ولمَّا قَرُبَ مِن مُنحَدَرِ جَبَلِ الزَّيتون، أَخذَ جَماعَةُ التَّلاميذِ كُلُّها، وقدِ استَولى عَليهِمِ الفَرَح، يُسَبِّحونَ اللهَ بِأعلى أَصواتِهِم على جَميعِ ما شاهَدوا مِنَ المعجِزات”: تشير عبارة “استَولى عَليهِمِ الفَرَح” الى ابتهاج التلاميذ وهتافاتهم كمثل ابتهاج وهتافات الشعب لما مُسح سليمان ملكا في اورشليم؛ اما عبارة “معجِزات” فتشير الى هتافات لتسبيح الله على أثر المعجزات التي شاهدوها على خطى الرعاة في بيت ساحور “رَجَعَ الرُّعاةُ وهم يُمَجِّدونَ الله ويُسَبِّحونَه على كُلِّ ما سَمِعوا ورَأَوا كَما قيلَ لَهم” (لوقا 2: 20).
38 “فكانوا يَقولون: تَبارَكَ الآتي، المَلِكُ بِاسمِ الرَّبّ! السَّلامُ في السَّماء! والمَجدُ في العُلى!”: تشير عبارة “تَبارَكَ الآتي” الى نداء موجّهٍ الى الملك (2 صموئيل 14: 4) يُطلق خاصة في اليوم السابع من عيد الاكواخ، يرافقه هزّ الأغصان. اما عبارة “بِاسمِ الرَّبّ!” فهي مقتبسة من صاحب المزامير “تَبارَكَ الآتي باسم الرَّبِّ (مزمور 118: 25-26) حيث يُذكّر في آلام المسيح وتمجيده (متى 21: 42)؛ يسوع هو الآتي ليفتتح العصر المسيحاني كما اكّد صاحب الرسالة الى العبرانيين “قَليلاً قَليلاً مِنَ الوَقْت فيَأتي الآتي ولا يُبطِئ” (عبرانيين 10: 37). وهنا نجد يسوع في صورة المسيح المنتظر والملك معاً. يتجنب لوقا الإنجيلي في هذا النص كلمة “هوشعنا” הוֹשַׁע־נָא ב السامية ومعناها “امنح الخلاص” (مزمور 118: 25)، ولكنه يضيف لقب “ملك” كما يفعل يوحنا الانجيلي (يوحنا 12: 13)؛ وكان الكهنة يستشهدون بهذا الهتاف “تَبارَكَ الآتي، المَلِكُ بِاسمِ الرَّبّ!” ليباركوا رؤساء المواكب الصاعدين الى الهيكل؛ وهذا ينطبّق على يسوع “الآتي” والمُكلف بالرسالة والمُقلّد قدرة الله. ويُعلّق القديس أوغسطينوس على عبارة “تَبارَكَ الآتي بِاسمِ الرَّب” قائلاً: “لنفهم من قوله “باسم الرب” بالأكثر “اسم الله الآب”، وإن كان يمكن أن يُفهم على أنه باسمه هو بكونه الرب (يوحنا 5: 43). امَّا عبارة “السَّلامُ في السَّماء! والمَجدُ في العُلى” فتشير الى نشيد الملائكة لدى ميلاد يسوع (لوقا 2: 14)؛ امّا الآن فالتلاميذ هم الذين يُشيدون “بالسلام” الذي يأتيهم من الله، وهم الذين يُمجّدون به الرب، ويؤدّون له تعالى الحمد والتسبيح الواجبين منهم إلى العظمة الالهية (دانيال 5: 23)؛ ويراد بمجد الله كمال صفاته التي بها يفوق الإنسان (رومة 3: 23). ويظهر هذا المجد في وجه يسوع المسيح (2 قورنتس 4: 6)، لذا سُمي المسيح “رب المجد” (2 قورنتس 2: 8)؛ اما السلام فيُقبل في الايمان (لوقا 1: 79)، وأما المجد الذي في الأعالي فيعني انفتاح السماء بأمجادها على الإنسان ليتمجد في الأعالي. يمكننا أن نقول أيضًا مع القديس أوغسطينوس أن السماء هي النفس البشرية، فعمل المسيح الفادي ردّ للنفس سلامها الداخلي، وتمتعها بأن ترتفع في الأعالي، لتمجد عريسها الأبدي”؛ ولكن اورشليم سترفضه كما تنبأ السيد المسيح “لَيتَكِ عَرَفتِ أَنتِ أَيضاً في هذا اليَومِ طَريقَ السَّلام! ولكِنَّه حُجِبَ عن عَينَيكِ” (لوقا 19: 42).
39 “فقالَ له بَعضُ الفِرِّيسيِّينَ مِنَ الجَمْع: يا مُعَلِّمُ انتَهِرْ تَلاميذَكَ! 40 فأجابَ: أقولُ لَكم: لو سَكَتَ هؤلاء، لَهَتَفَتِ الحِجارَة!: تشير هذه الآية الى اورشليم التي اهتزَّت لدى دخول يسوع اليها، كما اهتزت عند بلوغ خبر ولادته (متى 2: 3). وهذ الامر يدلّ على ان حياة يسوع حدث علني يهمّ جميع الناس.
ثانياً: تطبيقات النص الإنجيلي
بعد دراسة وقائع النص الإنجيلي (لوقا 19: 28-40) نستنتج انه يتمحور حول دخول يسوع الى أورشليم منتصرا تحقيقا الى نبوءة (زكريا 9: 9). ومن هنا نتناول ثلاث نقاط وهي: تهيئة الدخول، ثم الدخول، وأخيراً رد فعل الناس لدخول المسيح الى اورشليم.
1) تهيئة الدخول الى اورشليم (لوقا 19: 28-31)
بدأ يسوع يستعد للدخول اورشليم منذ حانت أيام موته “ولَمَّا حانَت أَيَّامُ ارتِفاعه، عَزَمَ على الاتِّجاهِ إِلى أُورَشَليم” (لوقا 9: 51). ثُمَّ أكد يسوع هذا الاستعداد بتَقَدَّمَه صاعِداً إِلى أُورَشَليم ليبذل حياته فدية عن الكثيرين، من خلال آلامه وموته. ولم تكن دخول يسوع الى اورشليم خطة بشرية، إنما هو طريق يَعُّد له الرب نفسه؛ قصد يسوع ان يقدم نفسه في اورشليم، العاصمة الروحية بوصفه المسيح المنتظر في موكب شعبي بترتيب خاص:
في يوم الاحد في بداية الأسبوع، وكان الاحتفال بعيد الفصح العظيم على وشك ان يبدأ، وكان اليهود يأتون من جميع جهات العالم الروماني طيلة هذا الأسبوع للاحتفال بذكرى الخروج من مصر (خروج 13) وكان الكثيرون بين الجموع قد سمعوا عن يسوع او رأوه وكانوا يتمنون ان يأتي الى الهيكل (يوحنا 11: 55-57).
فانطلق من اريحا مروراً ببيت عنيا وبيت فاجي الواقعتين في الجنوب الشرقي من جبل الزيتون. ومن بيت فاجي أرسل يسوع تلميذين يسبقانه كما سيفعل في العشاء الأخير (متى 26: 18). وأن ارتباط الموكب بجبل الزيتون يعلن عن طبيعة هذا الموكب أنه “موكب مسيحاني” كما كانت توقعات اليهود التي أكدها المؤرخ اليهودي يوسيفوس في أكثر من موضع. وإرسال التلميذين لإحضار الجحش يدل على خطة مقصودة من جانبه، خاصة ان الجحش “ما رَكِبَه أَحَدٌ قَطّ ” (لوقا 19: 30) يُعلن عن طبيعة الموكب أنه ديني سماوي روحي إلهي (2 صموئيل 6: 3). فإنَّ يسوع يستعدُّ لدخول المدينة بالطريقة التي يجيء به المسيح المنتظر كما أعلنها زكريا النبي (زكريا 9: 9). جاءَ إذاً طوعًا وتوجَّهَ إلى اورشليم، هو الذي انحدرَ من السماواتِ من أجلِنا، ليرفعَنا معه، إلى “السَّمَاوَاتِ العُلَى، فَوقَ كُلِّ صَاحِبِ رِئَاسَةٍ وَسُلطَانٍ وَقُوَّةٍ وَسِيَادَةٍ، وَفَوقَ كُلِّ اسمٍ يُسَمَّى بِهِ مَخلُوقٌ” (أفسس 1: 21).
2) الدخول الى اورشليم (لوقا 19: 32-36)
دخل يسوع الى اورشليم في زمن يجتمع فيه كل اليهود في عيد الفصح وفي مكان الهيكل الذي يمكن للجموع الغفيرة ان تراه فيه. دخل يسوع الى اورشليم راكبا جحشا وهو تأكيدٌ على انه المسيح الملك المنتظر واثبات لتواضعه. دخل يسوع الى اورشليم أولا كملك:
كما دخل سليمان ملكا الى اورشليم كذلك دخل يسوع كملك الى اورشليم (1 ملوك 38: 40). ولأول مرة دخلها باستقبال رسمي وحفاوة لا مثيل. دخلها راكبا على الجحش بالإجلال اللائق بالملك، تحقيقا لنبوءة زكريا النبي “اِبتَهِجي جِدّاً يا بِنتَ صِهْيون وآهتِفي يا بنتَ أُورَشَليم هُوَذا مَلِكُكَ آتِياً إِلَيكِ بارّاً مُخَلِّصاً وَضيعاً راكِباً على حمارٍ وعلى جَحشٍ آبنِ أتان” (زكريا 9: 9)؛ ويُعلق يوحنا الذهبي الفم بقوله “جاء يسوع وديعًا حتى لا تهابوا عظمته، بل تُحبُّون رقَّتِه. لا يأتي جالسًا على مركبة ذهبيَّة، ولا ملتحفًا بالأرجوان، ولا راكبًا على فرس ناري، كمن يشتاق إلى الخصام والصراع، وإنما يأتي على أتان صديقًا للهدوء والسلام”.
واستقبل الشعب يسوع بحفاوة وتجبيل حاملين أغصان النخل التي هي علامة النصر تماماً كما يستقبلون كل ملكٍ، ملكٍ بشري. وأغصان الزيتون التي هي علامة السلام، حملوها في استقبال ملك السلام، وكلهم يهتفوا، الأطفال والكبار والصغار: “مبارك الآتي باسم الرب”. دخل كرب الى اورشليم وهذا ما أكَّده يسوع بكلامه الى التلميذين الذين أرسلهما الى بيت فاجي “فإِن سأَلَكما سائِل: لِمَ تَحُلاَّنِ رِباطَه؟ فقولا: لأَنَّ الرَّبَّ مُحتاجٌ إِليه”. دخل “باسم الرب” بقوّة محبّته الإلهيّة يغفر خطايانا ويصالحنا مع الآب ومع أنفسنا.
ولم يدخل إلى المدينة المقدسة ليحصل على التشريفات الخاصة بالملوك الأرضيين، إنما دخل إلى أورشليم لكي يكلل بإكليل الشوك، ويصعد جبل الجلجثة حاملا خشبة الصليب ليموت فوقها، فعرشه الملوكي هو خشبة الصليب! وبها هزم الشر كما سبق وأعلن النبي أشعيا (أشعيا 50، 6).
لم يدخل يسوع الى اورشليم تأكيداً على انه المسيح الملك فحسب، إنما ايضا إثبات لتواضعه. قد اظهر المسيح تواضعه كما اظهر الملوك الاولين لما رفض ان يركب فرسا وركب جحشا في دخوله الانتصاري الى اورشليم (زكريا 9: 9). فدخل يسوع الى المدينة المقدسة، لا كملك حربي، بل كملك متواضع ومسالم. وعبّر بولس الرسول معنى التواضع بفعلين: “تجرّد من ذاته” و”وضع نفسه” (فيلبي 2: 7، 8). يسوع تجرّد من ذاته: أي تخلّى عن مجد ابن الله وأصبح ابن الإنسان، ليتّحد معنا، نحن الخطأة، هو الذي بدون خطيئة. ولم يكتفِ بهذا، بل عاش معنا في “صورة العبد” أي لا صورة ملك أو أمير، وإنما صورة عبد. وأهم العلامات لهذا التواضع هي غسل الأرجل. “الرب والمعلّم” إنحني إلى أقدام تلاميذه ليغسل ارجلهم كما كان يفعل الخدم (يوحنا 13: 14) كما بِيع بثلاثين من الفضّة وتعرّض للخيانة بقبلة من تلميذه يهوذا، وأنكرّه بطرس ثلاث مرّات، وشُتم وبُصق عليه، وعانى من الضربات والجلد وإكليل الشوك والحكم الظالم. واختبر يسوع بنفسه اللامبالاة أيضًا، لأن لا أحد يريد أن يتحمّل مسؤوليّة مصيره. ووصل إلى موت الصليب، الميتة الأكثر ألمًا وإذلالاً المخصَّصة للخونة والعبيد وأكبر المجرمين. وفي ذروة التجرُّد أُظهر الوجه الحقيقي لله الذي هو رحمة. فغفر لصالبيه، وفتح أبواب الفردوس للص التائب ولمس قلب قائد المائة. وأخذ على عاتقه ألمنا ليخلّصنا، حاملاً النور إلى الظلمات والحياة إلى الموت والحب إلى الكراهية. وأصبح الصليب انتصارًا.
ومنا نستنتج ان دخول يسوع رسميا الى اورشليم له اهداف عدة واهمها:
– دخل يسوع احتفاليا الى اورشليم لكي يدشّن “اسبوع الآلام”. في مثل هذا اليوم توجّه يسوع إلى مصيره: “فَابنُ الإِنسانِ يُسلَمُ إِلى عُظَماءِ الكَهَنَةِ والكَتَبَة، فيَحكُمونَ علَيه بِالمَوت، ويُسلِمونَه إِلى الوَثَنِيِّين، فَيسخَرونَ مِنه، ويَبصُقونَ علَيه ويَجلِدونَه ويَقتُلونَه، وبَعدَ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ يَقوم” (مرقس10: 32-34). وعليه فإننا نبدأ اليوم مسيرة آلام سيدنا يسوع المسيح التي قِمَّتُها يوم الجمعة العظيمة على الجلجلة، ولكن نهايتها القيامة في أحد الفصح.
– دخل يسوع احتفاليا الى اورشليم ليتمم نبوءات الانبياء: اشعيا وزكريا. وصَل يسوع إِلى بَيتَ فاجي ومن هناك توجّه الى اورشليم راكبا على أتان تأكيداً على انه المسيح الملك الوديع تحقيقا لنبوات اشعيا “قولوا لابنَةِ صِهْيون: هُوَذا خَلاصُكِ آتٍ هُوَذا جَزاؤُه معَه وأُجرَتُه أَمامَه” (أشعيا 62: 11) ولتحقيق نبوءة زكريا القائل “اِبتَهِجي جِدّاً يا بِنتَ صِهْيون وآهتِفي يا بنتَ أُورَشَليم هُوَذا مَلِكُكَ آتِياً إِلَيكِ بارّاً مُخَلِّصاً وَضيعاً راكِباً على حمارٍ وعلى جَحشٍ آبنِ أتان” (زكريا 9 :9). والجموع يتكلمون عن عودة مملكة داود (2 صموئيل 7: 12-14) بهتافهم: “تَبارَكَتِ المَملَكَةُ الآتِيَة، مَملَكةُ أَبينا داود” (مرقس 11: 10).
– دخل يسوع احتفالياً الى اورشليم ايضا ليؤكد انه المسيح المنتظر. فقد كانت الساعة تقترب. فدخل اورشليم ليحقق ما سبق وأعلنه أكير من مرة أن ابن الإنسان ينبغي أن يتألم. دخلَ القدس لا كمُحتَلٍّ مظفَّرٍ مكلَّلٍ بالمجدِ وبالأُبّهة، بل وديعًا متواضعًا. دخل راكبا على أتان، مطية الآباء (تكوين 49: 11) لا مطيّة الاقوياء والاغنياء والمقتدرين. تخلى المسيح عن مظاهر أبهة الملوك (ارميا 17/25). وفرشوا له الناس ارديتهم واغصان الزيتون على الطريق كما يفعلون للملوك مُعترفين بمجد الرب يسوع وهاتفين: “هُوشَعْنا لابنِ داود! هوشعنا” تَباركَ الآتي بِاسمِ الرَّبّ!” (2صموئيل 7: 1).
– دخل يسوع الى اورشليم اخيراً ليفتتح العهد المسيحاني وذلك بتقريب جسده ذبيحة على الصليب في القدس “فيَأتي الآتي ولا يُبطِئ” (عبرانيين 10/ 37) ليقرّب ذَبيحَة كَفَّارةٍ لِلخَطايا (عبرانيين 10/12). وهناك ثلاثة أمور أعطت لدخول السيد أورشليم بُعداً مسيحانيًا: ارتباطه بجبل الزيتون، وإرساله لإحضار جحش، والإشارة إلى مملكة داود. هذه الأمور الثلاثة كشفت عن طبيعة الموكب أنه ليس موكب رجل حرب وإنما موكب المسيّا المخلص، موكب الرب نفسه، كما سبق فأنبأ زكريا النبي: تَقِفُ قَدَماه في ذلك اليَومِ على جَبَلِ الزَّيتونِ الَّذي قُبالَةَ أُورَشَليمَ إِلى الشَّرق، فيَنشَقُّ جَبَلُ الزَّيتونِ مِن نِصفِه نَحوَ الشَّرْقِ ونَحوَ الغَرْبِ وادِياً عَظيماً جِدّاً… يأتي الرَّبُّ إِلهي وجَميعُ القِديسينَ معَه” (زكريا 14: 4-5).
وعليه فإنّ عيد الشّعانين، هو استباق للنّصر الأخير الذي سيتمّمه الرّب في مجيئه الثّاني الأخير كما تنبا يوحنا “رَأَيتُ بَعدَ ذلِكَ جَمعًا كَثيرًا لا يَستَطيعُ أَحَدٌ أَن يُحصِيَه، مِن كُلِّ أُمَّةٍ وقَبيلَةٍ وشَعبٍ ولِسان، وكانوا قائمينَ أَمامَ العَرشِ وأَمامَ الحَمَل، لابِسينَ حُلَلاً بَيضاء، بِأَيديهم سَعَفُ النَّخلِ، وهم يَصيحونَ بِأَعلى أَصْواتِهم فيَقولون: الخَلاصُ لإِلهِنا الجالِسِ على العَرشِ ولِلحَمَل! “(رؤيا 7، 9-10). لقد دخل السيد المسيح الى اورشليم ليقود موكب الصليب بنفسه، وبه صرنا قريبين من اورشليم السماوية، ملكوته السماوي، لندخل به فيها، قائلين مع الرسول: “الشُّكرُ للهِ الَّذي يَسْتَصْحِبُنا دائِمًا أَبَدًا في نَصرِه بِالمَسيح. ويَنشُرُ بِأَيدينا في كُلِّ مَكانٍ شذا مَعرِفَتِه” (2 قورنتس 2: 14).
3) رد فعل الناس لدخول يسوع الى اورشليم (لوقا 19: 37-40)
مع دخول يسوع الى اورشليم بدأت كل نبوة تتحقق ومنها نبوءة إعلان الانتصار بمسمع ومرأى قادة اليهود الروحيين. فاختلف رد فعل التلاميذ عن الفريسيين. احتفل التلاميذ والشعب بمهرجان مهيب هاتفين مع صاحب المزمور “تَبارَكَ الآتي باْسمِ الرَّبِّ نُبارِكُكم مِن بَيتِ الرَّبِّ. الرَّبّ هو اللهُ وقد أَنارَنا فرُصُّوا المَواكِبَ والأغْصانُ في أَيديكم حتَّى قُرونِ المَذبَح” (مزمور 26:118). وقد هتفوا بفرح وابتهاج “السَّلامُ في السَّماء! والمَجدُ في العُلى السَّلامُ في السَّماء! كما أشاد الملائكة لدى ميلاد يسوع (لوقا 2: 14). فالتلاميذ يُشيدون “بالسلام” الذي يأتيهم من الله، ويمجّدون به الرب، وتقبلوا سلام المسيح في الايمان (لوقا 1: 97). إنهم كانوا يُتممون نبوءة زكريا (9: 9) ويتكلمون عن عودة مملكة داود في المسيح يسوع (2 صموئيل 7: 12-14). وفي هذا الصدد يقول القديس كيرلس الكبير “سبح التلاميذ السيد المسيح مخلص الكل ودعوه الملك والرب وسلام السماء والأرض. ليتنا نحن أيضًا نسبحه كما بقيثارة المرتل، قائلين: ما أعظم أعمالك يا رب، بحكمة صنعتها! (مزور 104: 24). وقد علق يوحنا الإنجيلي على دخول السيد المسيح الى اورشليم بقوله “هذهِ الأَشياءُ لم يَفهَمْها تَلاميذُه أَوَّلَ الأَمرِ، ولَكِنَّهم تَذَكَّروا، بَعدَما مُجِّدَ يسوع، أَنَّها فيهِ كُتِبَت، وأَنَّها هي نَفسُها لَه صُنِعَت” (يوحنا 12: 16).
اما الفريسيون فقد اعتبروا كلمات الجموع والتلاميذ كلمات تجديف وتحريض، فلم يعلنوا إيمانهم للرب ورفضوا واحتجوا على هتاف التلاميذ كما فعل عظماء الكهنة والكتبة (متى 21: 15-16)، وطلبوا من يسوع ان يضع حداً لهتافاتهم (لوقا 19: 37-40)، لأنهم كانوا يعترفون بملوكية المسيح. فأجابهم يسوع “لو سَكَتَ هؤلاء، لَهَتَفَتِ الحِجارَة!”(لوقا 19: 40) لنطقت الأرض كلها بمجد الملك السماوي، ملك السلام الآتي باسم الرب، الآتي ليخلص البشر؛ لكن لا شيء يمنع اورشليم من الهتاف ليسوع، بل إن الحجارة اورشليم تهتف شاهدة لمملكته كما تنبا يوما النبي حبقوق “فالحَجَرُ يَصرُخُ مِنَ الحائِط” (حبقوق 2: 11). لقد “هتفت الحجارة” (لوقا 19: 40)، وهذه يعني ان المسيح كان مُدرك صفته الملوكية، إنه ملك اورشليم، ملك العالم ومملكة ثابتة “يُوليه الرَّبُّ الإِلهُ عَرشَ أَبيه داود، ويَملِكُ على بَيتِ يَعقوبَ أَبَدَ الدَّهر، وَلَن يَكونَ لِمُلكِه نِهاية” (لوقا 1: 32-33). أنه يوم انتصار النور على الظلام.
خلاصة
هلمّوا ولْنصعَدْ معًا جبلَ الزيتونِ لملاقاةِ المسيحِ العائدِ اليومَ من بيتَ عنيا متقدّمًا إلى يومِ آلامِه المكرَّمة، وقد جاءَ طوعًا ليتحملَّها ويُتمِّمَ سرَّ خلاصِنا. نحن نؤمن أن المسيح ابن الله يدخل اليوم بالمجد في قلوبنا وفي شعبنا وأطفالنا وعائلاتنا وعلى أرضنا. يدخل كمخلص ويفتدينا بموته وقيامته. هذا هو الإيمان الذي أعلنه آباؤنا وأجدادنا على مدى مئات السنوات، ونحن اليوم نعلن هذا الإيمان.
لنُسرِعْ ولْنُقبِلْ معًا إلى المسيح الملك الُمقبِلِ إلى الآلام، ولْنقتَدِ بالجموعِ التي أسرعَتْ لملاقاتِه، لا بحملِ أغصانِ الزيتونِ أو سَعَفِ النخلِ، ولا بفرشِ الثيابِ أمامَه على الطريق، بل نسجدُ له بأنفسِنا، بكلِّ قِوانا وإرادتِنا، ونستقبلُ الكلمةَ بروحٍ منسحقةٍ وبنِيَّةٍ مستقيمةٍ وبعزمٍ ثابت، فنصلُ إلى الله الذي لا يمكنُ الوصولُ إليه.
فلْنَفرُش نحن للمسيحِ لا ثيابًا وأغصانًا جافَّةً، بل لنلبِسْ نعمتَه أي ليَكُنْ هو نفسُه بكاملِه رداءً لنا: “لأنّكم لمّا اعتمَدْتم بالمسيحِ لبِسْتُم المسيح” (غلاطية 3: 27). فبدَلَ إلقاءِ الثيابِ أمامَه، لِنُلقِ بأنفسِنا أمامَ قدمَيْه ساجدِين. ولْنردِّدْ نحن أيضًا مع التلاميذ، في كلِّ يومٍ من الأسبوع المقدس، هتافَهم المقدَّس، فيما تهتزُّ أغصانُ أنفسِنا وأرواحِنا: “مُبَارَكٌ الآتِي بِاسمِ الرَّبِّ”.
نحن مدعوون لنختار دربه: درب الخدمة والعطاء ونكران الذات. بتواضعه يدعونا يسوع للسير على دربه. لنوجّه نظرنا إليه ولنطلب منه النعمة لنفهم شيئًا من سرّ تجرُّده لأجلنا؛ ولنتأمّل بصمت سرّ أسبوع الآلام.
دورة أحد الشعانين التقليدية
في القرن الرابع كان يحتفل بدورة أحد الشعانين بنفس الطريقة التي يحتفل به في يومنا هذا فكتبت أيجيريا في يومياتها: “في الأحد الذي يفتتح الأسبوع المقدّس… يصعد الشعب إلى جبل الزيتون… وعند الساعة الحادية عشرة (أي الساعة الخامسة من بعد الظهر) تتم قراءة المقطع الانجيلي (لوقا 19: 28-40) ثم تبدأ المسيرة من قمة جبل الزيتون، حتى كنيسة القيامة”.
اما في القرن التاسع فأصبحت الدورة تنطلق من مكان أبعد كما كتب الحاج الراهب ابيفانوس “على بعد ما يقارب الميل (من مكان الصعود) نجد المكان الذي فيه جلس يسوع على الجحش. ويوجد هناك شجرة زيتون، يؤخذ منها في كل عام غصن، بعد أن يدفع الثمن؛ وهكذا يدخل المشارك في الدورة إلى أورشليم في يوم الشعانين”. وفي هذا المكان ذكر وجود كنيسة من القرن الرابع، ذكرى لقاء يسوع مع أختي لعازر، مرثا ومريم، على طريق بيت عنيا.
وفي القرن الثني عشر وبالتحديد عام 1187 على أثر انهزام الصلبيين على يد صلاح الين الايوبي توقفت دورة الشعانين. ولكن أعاد هذه الممارسة الآباء الفرنسيسكان ما بين القرنين 16-17، والتي كان يجلس خلالها حارس الأراضي المقدسة على جحش.
ومنذ العام 1933 استطاعت الدورة أن تأخذ من جديد شكلها الاحتفالي، وعلى رأسها بطريرك اللاتين الأورشليمي تنطلق من مزار بيت فاجي؛ إذ عثر في عام 1870، أحد الفلاحين على حجر منحوت وقد رسم عليه رسومات من العصر الصليبي، تمثل حادثتي، قيامة لعازر ودخول يسوع الانتصاري إلى القدس. فتم َّ شراء الأرض وإنشاء في عام 1883 مزاراً صغيراً، وقد تم ترميمه وإعطاءه الشكل الذي هو عليه اليوم في عام 1954.
اما في أيامنا تسير الدورة الاحتفالية في أحد الشعانين تحت رعاية بطريرك القدس للاتين، ويحمل المشتركون سعف النخيل او أغصان الزيتون وهم ينشدون الترانيم الروحية التي تشيد بيسوع الملك. وتنطلق الدورة من كنيسة “بيت فاجي في الطور، الى الجسمانية مروراً بباب الاسباط وصولاً الى كنسية القديسة حنة المعروفة ب”الصلاحية” حيث يختم البطريرك الدورة بإعطاء البركة للمشتركين من خلال القربان الاقدس.
وعند نهاية الدورة الدينية تنطلق المجموعات الكشفية بمسيرة في شوارع القدس، مرورا بطريق “ستنا مريم” والمتحف الفلسطيني (روكفلر)، ثم باب الساهرة وساحة باب العمود وصولا الى ساحة دير اللاتين عند الإباء الفرنسيسكان. وقد أصبحت دورة أحد الشعانين مهرجان إيمان بالمسيح الملك والمخلص “كَيما تَجثُوَ لاسمِ يسوع كُلُّ رُكبَةٍ في السَّمَواتِ وفي الأَرْضِ وتَحتَ الأَرض ويَشهَدَ كُلُّ لِسانٍ أَنَّ يسوعَ المسيحَ هو الرَّبّ تَمْجيدًا للهِ الآب” (فيلبي 2: 10-11).
دعاء
“إمنحنا، أيّها الآب الرحيم، نعمة اتّباع ابنك حتّى في ساعة الصليب،
كي نُشاركه في الحياةّ الّتي تدخلنا فيها قيامته.
يا مريم أمّي، يا أمّ الأوجاع،
علّمينا تحمّل أوجاعنا وآلامنا من أجل خلاصنا وخلاص كلّ من وضعهم الربّ في حياتنتا آمين”.
موقع ابونا