إن لم ألمسه بيدي فلن أصدق – الأب وليم سيدهم
إن لم ألمسه بيدي فلن أصدق
لقد سبق توما الرسول “ديكارت” في الشك، ولكن بينما كان توما يتحدث عن البرهان الحسي: “فَقَالَ لَهُمْ: «إِنْ لَمْ أُبْصِرْ فِي يَدَيْهِ أَثَرَ الْمَسَامِيرِ، وَأَضَعْ إِصْبِعِي فِي أَثَرِ الْمَسَامِيرِ، وَأَضَعْ يَدِي فِي جَنْبِهِ، لاَ أُومِنْ»”( يوحنا 20 : 25). ، فإن ديكارت كان يبحث عن البرهان العقلي “إن الحواس متغيرة فلا يمكن تصديقها، بل يمكن أن نقول أن توما الرسول هو صاحب المنهج التجريبي الذي لا يؤمن إلا بالبراهين التجريبية”.
رفض توما أن يصدق قيامة المسيح بناءً على شهادة بقية الرسل “لقد كان غائبًا حين ظهر المسيح لهم. ويخبرنا الانجيل أن المسيح ظهر مرة أخرى وكان توما حاضرًا فإقترب من توما وأخذ أصبعه ووضعه في جنبه مكان الطعنة وقال له لعلك تصدق الآن ولكن طوبى لمن آمنوا ولم يصدقوا، ونحن المؤمنون في القرن الواحد والعشرين لم نرى ما حدث منذ الفين عامًا ولكن نصدق بناء على إيمان الرسل الأوليين. ومدة الفين عامًا جيلًا بعد جيل تناقل المسيحيون الإيمان فيما بينهم ونشروه في أركان المعمورة معنى، معنى ذلك أن البرهان الحسي وإن كان أساس الإدراك والإيمان فإنه غير قابل للتكرار وإنما الإيمان بحدوثه هو الذي يسمح بإنتقاله من جيل إلى جيل.
إن الشهداء في أركان المعمورة مازالوا يتساقطون شهادة لقيامة المسيح بينما السفهاء ومن شككوا ورفضوا هذا الإيمان يتجرعون كؤوس الإحباط والفراغ الروحي المميت وغياب المعنى في حياتهم.
والإيمان بقيامة المسيح يشيبه الإيمان بوجود الله أو إنكاره، فمفاعيل القيامة واضحة للمؤمن لا ريب فيها فشجاعة الحياة ونبذ الخوف من الموت أحد أهم مفاعيلها، ذلك أن الذي يؤمن فقط بحياة أرضية قد تطول أو تقصر فإنه مهدد بفقد هذه الحياة مهما طالت أو قصرت، أما القيامة فتضمن لصاحبها الحياة الأبدية، الخلود، بالإضافة أنها طاقة كبيرة تحرر المؤمن من الخوف والنفاق واللامعنى، وتعزز حياته بجعلها خلاقة ومُجدية. لقد كان عصر العبيد ممتدًا يملأه الخوف على الحياة لدرجة أن الضعيف أمام القوى كان يعتبره السيد المطلق على حياته. بينما القيامة صبغت حياة الفقير بالكرامة التي وُلد بها نعمة من الخالق. وجعلت من الموت محطة من محطات الحياة الأبدية وربطت المؤمن بالمسيح باكورة القائمين إلى الأبد.
يقول القديس بولس: “فِي لَحْظَةٍ فِي طَرْفَةِ عَيْنٍ، عِنْدَ الْبُوقِ الأَخِيرِ. فَإِنَّهُ سَيُبَوَّقُ، فَيُقَامُ الأَمْوَاتُ عَدِيمِي فَسَادٍ، وَنَحْنُ نَتَغَيَّرُ.” (1 كو 15: 52)، لقد أعطت القيامة للقيم المسيحية ثقلًا جديدًا هامًا، فالإنسان القائم من الأموات هو الإنسان الذى حصل على قوة غير عادية في مواجهة التحديات اليومية، وزودته ببوصلة الممارسات الميسيحانية بشكل يومي، وجعلت منه عضوًا في جسد ممتد رأسه المسيح وجسده كل أعضاء الكنيسة المؤمنين بقيامة المسيح، فنحن بالإضافة إلى ما أضفته القيامة على المؤمن من تحرير كامل من الخوف غير المبرر على الوجود فإنها تعد المؤمن بإنتظار القيامة وحياة الدهر الآتي إلى جانب المسيح وبصحبة كل الذين آمنوا به.